المقالات

الشراكة لن تحمي المفسدين؟

907 14:04:00 2010-06-13

حافظ آل بشارة

المشهد العراقي اليومي حافل بالاشكاليات المستعصية وهي تهز قوما ادمنوا الابتلاء لكن الملفات مغلقة الى اشعار آخر ، كل من حاول فتحها اقتربت من عنقه كماشة حماة الفساد فتراجع وانزوى ليتلو عن بعد تصريحات قوى الاعتدال أي قوى المهادنة مع اخطبوط الفساد الذي يمد اذرعه في كل مكان ، التعاطف الحكومي مع مآسي الناس ممنوع حتى اشعار آخر ، الفقراء ومن لامعيل لهم يتعرضون للسرقة الرسمية بين الحين والآخر فتأتي منحهم البسيطة المخجلة متعثرة ، فوضى في الاسماء وفوضى في الصرف ، اكثر اللصوص انحطاطا هو سارق منحة الايتام ، مناطق شاسعة بلا ماء يشرب اهلها من المبازل او من ماء اختلط بالمجاري فاصبح بقاؤهم على قيد الحياة دليلا على المعجزة ، مرضى اصاباتهم صعبة العلاج وهم بحاجة الى عمليات جراحية خارج البلد ينتظرون مبادرة حكومية لانقاذهم من الموت فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر في بلد المليارات التي لاتنتهي ، ملايين الشباب ينامون تحت مضلة البطالة ينتظرون الفرج الذي لا يأتي بينهم عدد كبير من خريجي الكليات يقفون في مصطر العمالة باحثين عن عمل الى جانب اخوانهم الاميين والفاشلين في الدراسة . هذه المعاناة الجهنمية المطولة هي التي جعلت الناس اكثر تحضرا وأدق رؤية وأشد غضبا في فهم موضوع الحكومة وتشكيلها فلم يسألوا كثيرا عن رئيس الوزراء المقبل ومن يكون ومن أي عشيرة بل يسألون عن برنامج الحكومة المقبلة وماذا ستقدم للاهالي ؟ في هذه الايام العصيبة يبدو الانتظار اشد وطأة على الفقراء والجياع والمرضى ، يقفون في دائرة الآلام ولا يجدون صوتا حكوميا يواسيهم ولا مسؤولا كبيرا او صغيرا يذكر مأساتهم ، انه ليس فراغا سياسيا بل فراغ انساني عاطفي ، في ظل الديمقراطية اذا انشغلت الحكومة في شؤونها فالاعلام الوطني لاينشغل بل تبقى معالجاته الجريئة والشجاعة مفتوحة ويبقى الصوت المطالب بمصالح الشعب مدويا ، دور الاعلام الحر عندنا انتهى تقريبا لأن حكام العراق الجديد فطنوا الى خطر المؤسسة الثقافية والاعلامية الجديدة ودورها الناقد والتصحيحي والذي يكمل المهمة الرقابية لمجلس النواب والدوائر المختصة ، مراكز الفساد السياسي اسقطت اسطورة الاعلام الرقابي الذي يشكل سلطة رابعة باستقطاب الاعلاميين المعتادين على مدح الحاكمين وتلميعهم ضمن صحافة البلاط التقليدية ، جعلوهم في مراكز التوجيه واستبعدوا الاعلاميين والمثقفين الذي انجبتهم تجربة المعارضة وكانوا مطلوبين لدى اجهزة النظام السابق ويرون انفسهم اندادا للسياسيين وكان متوقعا ان يشكلوا سلطة رابعة في العراق الجديد تراقب وتنتقد وتعترض . مؤشرات الحدث السياسي الراهن في العراق تثبت عودة الاحزاب الى لغة الوسطية والاعتدال والتفاهم والتوافق والشراكة ومصطلحات أخرى تعرف عليها الناس طيلة السنوات الاخيرة ، وتثير مثل هذه الكلمات مخاوف في كل مكان ، فهي تعني اقتسام المواقع الذي ترافقه صفقات مخلة لا ينتقدها أحد ، مثل غض النظر عن حالات : فشل ، اختلاس ، فساد متعدد الاشكال ، جريمة مؤكدة ، أوامر اعتقال ، اطلاق سراح مجرمين ، السكوت عن مجتثين ، وغير ذلك ، هذا المنهج ادى الى أن يتحول بعض النواب الى قادة للارهاب من تحت قبة البرلمان ! وبعض كبار الموظفين تحولوا الى فاسدين محميين ، هنا تتضاعف اهمية المؤسسات الرقابية والاعلام ، فالتوافق مطلوب والصفقات جائزة الا اذا تحولت الى اداة لمكافئة المطلوبين ومخالفة القوانين ، وبهذه الطريقة تسود الازدواجية في الواقع الحكومي فالاعلام المهادن يتحدث عن المنجزات ، بينما تتحدث الاخبار الخاصة عن واقع متعفن خلف الكواليس ولا يذكره احد . المؤسسة الاعلامية الرقابية هي الغائب الوحيد عن الساحة ، وهناك مفترق جديد هذه الايام فأما ان تختفي هذه المؤسسة نهائيا فتريح وتستريح ، وأما ان تعود بقوة لتتحول الى سكين في خاصرة الفاسدين ليبدأوا التفاهم معها بلغة الكاتم المعروفة وهو أسهل الحلول .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
army
2010-06-13
الايبوكس وهو من اقوى المواد اللاصقة في العالم وهو شيء ليس بغريب لكن الغريب ان تكون الشركة المصنعة له سويسرية على الرغم من اشتهار سويسرا بمصارفها العالمية العملاقة التي تحتوي على المليارات من اقوى العملات الاجنبية واثمن الودائع في العالم. الرباط في الموضوع هو العنوان يااخي عندما يلتصق البعثي بالعمة فانه يكون اقوى من الايبوكسي. وما اقصده بالعمة ليس العمامة الجليلة والتي حفظت كرامتنا بل الذين لبسوها خداعاً ونفاق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك