صقر القريشي/بغداد
غير خافٍ على أي مثقف او مفكر ما لمدينة النجف الاشرف من مكانة رفيعة في سفر التاريخ العربي والاسلامي ، فقد بدأت شهرتها عندما احتضنت ضريح الخليفة الرابع اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب ابن عم الرسول(ص) وقطب الرحى والشجرة الطيبة في الاسلام ، وغير بعيد عنها كانت الكوفة عاصمة الخلافة ردحاً من الزمن وملتقى العلم والعلماء ومناراً للحضارة ، النجف خطت لنفسها مكاناً لايزاحمها عليها أي من المدن والحواضر الاخرى في العراق والدول المجاورة ، ففيها مدارس وجامعات العلم والفقه الاسلامي تخرج من بين صفوفها الاف الطلبة والدعاة نشروا مباديء الدين الذي نهلوه من اساتذة كبار اعتبروا مراجع يحتذى بما يقولوه ملايين الاتباع والمقلدين في مشارق الارض ومغاربها ، بل كان ولازال يقيم فيها رجال دين عظام بامكانهم ان يقيموا الدنيا ولايقعدوها بفتوى يصدروها ، وهل يمكن اغفال الدور الحيوي الذي لعبه سادة النجف في اشعال فتيل ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني ، بل لو رجعنا الى التاريخ القريب وبحثنا في مكامن القوة الروحية لمدينة النجف في حياة السيد محسن الحكيم ، للمسنا مدى القوى الضاغطة التي مثلتها المدينة ، وعند المرور على تأريخ المدينة لابد من التذكر ان السيدالخميني اعلن ثورته الاسلامية التي اطاحت بالشاهنشاه بهلوي في ايران من النجف تحديداً اثناء اقامته بها هو والكثير من زعماء بلده قبل1979 ، وفي الوقت الحاضر ، كان لمرجعية السيد السيستاني والصدروالحكيم وغيرهم من رجال الدين الكبار دوراً محورياً وخطيراً ، أحس به الجميع وتعاملوا معه بحذر ، واصبحت الاطراف السياسية والعسكرية المشتركة في ماساة البلد ، الاجنبية والمحلية تخشى من الرقم الصعب في معادلة العراق المعقدة ، ولكل كان دوره المختلف عن الآخر ونترك تقدير هذه الادوار التي لعبها رجال الدين الى التاريخ ليحكم فيها ..والسيطرة على النجف تعني امتلاك (مخ العراق) لقدسيتها المفرطة في عقول ووجدان العراقيين والمسلمين أبتداءاً من حملها منارة القامة الشامخة ( ابي الحسن) الى رفات موتى العراق وشهداءه .... انها النجف ، السلم الالهي الممدود من طبقات الارض السبع الى طبقات السموات السبع .. العيش فيها حكاية والموت فيها حكاية ، وان تمثلها وتخدمها وتسعى لان تجعلها عاصمة عالمية للثقافة ... واجب وتكليف ومسؤولية اكبر من كل المدن الاخرى، وذلك ليس بمستغرب لادراكهم الاهمية الاستثنائية للمدينة ...
ومن بين ابناء النجف البارزين الذين سعوا لهذا الشرف ( جابر الجابري ) ، شاعرعرف بأسم مدين الموسوي فارق النجف سنين طويلة بفعل القمع والظلم الذي حاق به وبأهله من قبل نظام صدام حسين والذي بطش بعائلته حيث كان والده عالماً وخطيباً ،وقد اعدم اثنان من اشقائه وابناء عمومته واعتقل والدته ، واضطره الى اللجوء الى الاهوار في الجنوب حاملاً السلاح الى جانب قصائده التي تدمي قلب سامعها ، شارك في العديد من المعارك الحقيقية والفكرية عبرنشاطاته الاذاعية والصحفية وتأسيسه للتيارات الثقافية والمؤتمرات الداعية الى تغيير الوضع القائم في العراق ، كان يجمع شتات المعارضين في سوريا ولبنان وكردستان ، الادباء والشعراء تحت خيمة مجلة واحدة اسمها ( القصب) ، عرف بدمائة خلقه ورقة تعامله مع الاخرين بالرغم من الالامه ، عند عودته من الغربة الطويلة وبعد ان قبل تراب الحدود واحتضن كل من صادفه ( كما يقول) لفرط شوقه لكل ماهو عراقي .. خطفته بغداد من النجف حبيبته واغرقته المسؤولية في بحر ظلماتها ( حيث عين وكيل أقدم لوزارة الثقافة ) ، كنا نرى لهفته عصر كل خميس وهويغادر مكتبه في الوزارة ليستعجل الذهاب الى ( مدينة علي ) ، استوقفته مرة ، لم العجلة في العودة الى النجف ، اجاب وغلالة من دمع شفيف تلوح بين حنايا عينيه وكلماته الدافئة :
لأن النجف محل الولادة وموطن الاباء والاجداد وحضن والدتي وأن بين ثرى النجف ينام أخوتي الشهداء عباس وحسن ولأن النجف مدينة العلم النبوي العلوي فهي سمائي الارحب لوطن أعز سعينا الى استعادة هيبته وكرامته بعد عقود من الاستبداد والمهانة . سألته ماذا فعلت لمدينتك ولبلدك : قال بعد تنهد عميق" كان حضورنا في المحافل الدولية نضال آخر حققنا فيه الامل في جعل النجف الاشرف عاصمة للثقافة الاسلامية وكذلك ان تصبح بغداد عاصمة للثقافة العربية ، وقبلهما سعينا ان تنهض البصرة ومربدها وتشع من جديد ، ويكفينا فخراً استعادة آثارنا المنهوبة ويعود العراق عضواً فاعلاً في النشاط الثقافي العالمي ، مدينتي النجف دينها في عنقي ولن اوفيها حقها .... " ولكن المؤلم ان يتم سرقة كل هذا الجهد المضني طوال سنوات ، وان يقوم (البعض) باللاتفاف حول الحقيقة ليتم تجييرها الى جهة اخرى ليس لها فضل لا من قريب ولا من بعيد في الحراك الذي ادى الى تكريم النجف ووضعها في مكانتها التاريخية الطبيعية ..ويكفي الرجل ان سجله كان نظيفاً وناصعاً بالرغم من سهام التجريح والتشكيك التي نالت شخصه، وآخرها أثارت موضوع ( مجمع الشهداء) في ناحية الفهود بالطرف القصي من الناصرية بشكل مريب ويأخذ محمّل الطعن وسوء النية ، فهذا البناء الذي بذل فيه السيد الجابري جهداً خاصاً واستثنائياً لخدمة ابناء تلك المنطقة المهملة لاقامة بعض الفعاليات الفنية والثقافية يقابل هذا الجهد الان بفبركة للوقائع بشكل آخر يحمل الكثير من الخسة والنذالة ، وكأني بالقائمين على هذه الوزارة الميتة سريرياً ارادوا ان يداروا بعض الفضائح التي ازكمت رائحتها الانوف مؤخراً ، ومنها حكاية المركز الثقافي العراقي في واشنطن وميزانيته الخرافية التي وضعت تحت تصرف (الملحق) ابن أخت الوزير ، او المغزى الغامض لمرافقة ( مفتش عام الوزارة ) السيد الوزير في سفرته الميمونة الى امريكا!!! ولاننسى قصة الاعمار الكاذب لمبنى دار الازياء العراقية التي احيلت مقاولتها الى احد اقرباء الوزير تحت ستار شركات وهمية بمبلغ ستة مليارات دينار .....او.. او ,,,,والحكايا تطول
https://telegram.me/buratha