خضير العواد
أن العملية السياسية في العراق أصبحت عبارة عن صفقة تجارية كبيرة يحاول كل من يشارك فيها أن يستعمل كل ما بوسعه من طرق حتى يحصل على أكثر ما يمكن من مكاسب والجميع يلتحف بعنوان الممثل عن هموم هذا الشعب والاجدر في ادارة شؤونه ،وهذا الشعب تكابد الامرين بسبب هذه القيادات السياسية التي لا تتحسس همومه ومعاناته حتى أصبحت هذه القيادات تعيش في وادي وشعبها في وادي أخر وحتى اللغة التي يتكلمون بها تختلف كلياً فالشعب يتكلم عن خدمات وبطالة وأمن وفقر والقيادات تتكلم عن منافع شخصية لاتمت بأي صلة بالمصلحة العليا.وهذا ما جعل الشارع العراقي يتذمر من العملية السياسية برمتها لانها أصبحت لا تمثل كل همومه وتطلعاته بل أصبحت عالة عليه يعاني منها ومن مشاكلها ،وقد خرجت التجربة العراقية عن المألوف بالنسبة الى تجارب العالم الديمقراطي وهذا كله نتاج اعمال وتحركات المتصدين للعملية السياسية حيث سلبوا منها كل العوامل التي تؤدي الى نجاحها.فبعد انجاز كتابة الدستور والاستفتاء عليه بدء العد التنازلي لقمة الهرم الذي مثله كتابة الدستور في العملية السياسية ، فبعد الانتاخابات الاولى والتي نتج عنها تكون حكومة توافقية أضعفت العملية السياسية وجعلتها تتراوح في مكانها بل جعلتاه تتراجع في كثير من الاحوال الى الوراء بسبب الانتكاسات التي نتجت عن أستحواذ كل حزب أو تنظيم على الوزارة التي سيطرة عليها وكأن الوزارة ملك للتنظيم وتقوم بتنظيم شؤون التنظيم وليس العراق، ومن ثم طرح فكرة المصالحة الوطنية التي جعلت العملية السياسية في أسؤ حالاتها بل أصبح وجود المصالحة الوطنية عنوان لكل عمل يريد أفشال العملية السياسية وأرجاع البلد الى النظام الدكتاتوري لانها اصبحت غطاء لكل عمل أرهابي وهكذا أصبح الارهاب يمزق بجسد الشعب العراقي والحكومة تحسب ألف حساب من أجل الحفاظ على المصالحة الوطنية وليس المصالح العليا للشعب وهكذا اصبح العراق مرتعاً للارهاب ، والذي أصبح أجرامه لا يطاق ويشم من بعد أميال عندها تقوم الحكومة بتسهيل خروجه من العراق بطرق جميلة ولطيفة كما حصل مع الكثير من الارهابين والذاكرة العراقية تمتلك الكثير من الاسماء والصور في هذا المجال والبعض الاخرالذي لاتستطيع الحكومة على أخراجه من العراق أو محاسبته فقد بقى في سدة الحكم لانه يمتلك مجاميع أرهابية كبيرة وهكذا أصبحت المصالحة الوطنية سيفاً مسلطاً على العملية السياسية .ومن ثم أتت خطوة تغير قانون أجتثاث البعث بقانون المسألة والعدالة وحتى هذا القانون لم يسلم من المحسوبيات لان المتصدين على العملية السياسية قد أدخلوا أغلب الضباط البعثيين الى القيادات الامنية أن كان في وزارة الدفاع ام الداخلية بالاضافة الى حماية القيادات البعثية في الداخل والسهر على راحتهم ان كانوا في الخارج بحيث أصبحت الرواتب التقاعدية تعطى لهم وهم في خارج العراق وهذه سابقة عالمية للحكومة العراقية حتى وصل الامر الى الطعن بدستورية قانون المسألة والعدالة اذا وصل الامر الى قيادي بعثي ينتمي الى أحد قوائمهم الانتخابية وقد تم هذا الامر بالفعل .ومن ثم اتت نتائج العملية الانتخابية لعام 2010 حيث أصبح الأتلافين الوطني والقانون يمتلكون 159 مقعداً ولكنهم الى الان يختلفون في تسمية رئيس الوزراء بل وصل الخلاف الى عدم الاتفاق على اللجنة التي تختار رئيس الوزراء فألى أي مستوى وصلنا من التمزق والانحطاط وكأن تصرفاتهم توحي بأن العراق بلد مشبع بالديمقراطية والجميع يحترم القانون والدستور لمئات من السنين وليس التجربة الدكتاتورية نعيش معاناتها لحد هذه اللحظة وتأثيراتها السلبية بالاضافة الى المجاميع التي تريد الانقضاض على العملية السياسية والاستحواذ على السلطة حتى ترجع الشعب العراقي كعبيد بأيديهم.والشعب العراقي يترقب ويعاني من المفاوضات التي تجري ما بين الأتلافين الوطني والقانون من قبل الانتخابات والى كتابة هذه الكلمات والتي لم تثمر عن شئ بل أثمرت عن أرهاق الشعب وجعله محبط ومنكسر من المتصدين للعملية السياسية لانهم سقطوا الى مستويات متدنية من التفكير الاناني والحزبي وكأن العراق وما يملك من أمكانيات وعقول لايمكن له أن ينتج ألا نسخة واحدة لمنصب رئاسة الوزراء وهذا ماجعل الاخرين يتطلعون الى استعادت الكثير من المكتسبات التي فقدوها دستورياً ولكن أنشغال المتصدين بأمور صغيرة وتافهة تبتعد بعداً شاسعاً عن المصلحة الوطنية وتطلعات الشعب مما جعل الاخرين يستغلون الامر ويطلبون أكثر مما يستحقون.علماً أن الأتلافين سوف يتفقون في اللحظة الاخيرة لا لكون المصلحة العليا تتطلب لان لو كان هذا صحيح كان الاجدر الاتفاق من قبل الانتخابات بل لانهم يخافون من الاخرين أن ستحوذوا على السلطة عندها سوف تصبح العملية السياسية كارثة كبيرة عندها تُفقَد كل المكاسب الشخصية ومن ثم الوطنية .لهذا نقول علينا أن نؤسس بلد ديمقراطي أولاً وهذا يريد منا تضحيات كبيرة ووقت طويل عشرات السنيين عندها بعد هذا التأسيس والاساس لانقلق من النتائج لان القاعدة تصبح متينة أما الان فالعملية خطرة جداً ،على السياسيين أن يغلبوا المصلحة الوطنية ومصلحة الشعب على المصالح الفئوية والحزبية والشخصية وان يعملوا بالدستور والقانون بكل حذافيره فانه شاطئ النجاة حتى يجعلوا الجميع يحترم هذين العمودين لانهما الاعمدة التي تستند عليهما العملية السياسية برمتها.
https://telegram.me/buratha