حسن الهاشمي
للفرد قيمته ومنزلته في المجتمع، بصفته لبنة في كيانه، وغصناً من أغصان دوحته، وبمقدار ما يسعد الفرد، وينال حقوقه الاجتماعية يسعد المجتمع، وتشيع فيه دواعي الطمأنينة والرخاء، وبشقائه وحرمانه يشقى المجتمع وتسوده عوامل البلبلة والتخلف.ربما نكون من المسرفين في الكلام والتنظير إذا ما تخطى الحكم في النظام الديمقراطي في تقوية تلك اللبنة الأساسية التي هي الأساس في بناء المجتمع التعددي المتسامح الذي يعيش في كنف دولة هو منها وهي منه، لا فضل على شخص مهما تقرب من المسؤول على آخر إلا بالعمل والإبداع والإخلاص للوطن، والدولة التي تحترم إرادة الشعوب عليها أن توفر سبل الراحة للجميع حتى أولئك العجزة وأهل الزمانة والبلوى وتوفر لهم حياة هانئة كريمة، ردما لكل حالات التفاوت الطبقي الفاحش الذي يستفحل في الأنظمة الديكتاتورية وينبغي أن يضمحل في الأنظمة الشعبية. لذلك كان حتماً مقضيا ً على المجتمع رعاية مصالح الفرد، وصيانة كرامته ومنحه الحقوق الاجتماعية المشروعة، ليستشعر العزة والسكينة والرخاء في إطار أسرته الاجتماعية، وأهم الحقوق التي ينبغي توفرها في النظام الديمقراطي هي: حق الحياة وحق التعلم وحق الكرامة وحق الحرية وحق المساواة.ومادامت تلك الحقوق بعيدة المنال فإن الدولة القائمة لا محالة شمولية ولو بنسب مهما تشدقت بالتعددية والتأييد الشعبي، ولعل انعكاسات الحقوق الشعبية على أرض الواقع وتلمسها من قبل القاصي والداني ضمن المواد الدستورية هي التي تكرس حالة الديمقراطية في الدولة، وليس المناط بالشعارات والتبريرات الطازجة التي هي في متناول اليد لاسيما ونحن نعيش التجربة الفتية وما يضع المغرضون في عجلتها العصي لصدها عن بلوغ أهدافها.أرض بلاد الرافدين سبقت الكل في انجازاتها وإبداعاتها ومنها انطلق الحرف وبدأ الإنسان يدون الدستور لينظم حياته، فابتداء من قانون (اورنمو) ومرورا بقانون (نبت عشتار) وانتهاء بقانون (حمورابي) التي دونت قبل الميلاد بمئات السنين، علاوة على ما جاء في الإسلام من أمور، تدعو إلى تدوين قوانين تنظم إدارة الدولة وتحدد الضوابط التي تحكم علاقة الأفراد في ما بينهم وعلاقتهم بالسلطة الحاكمة وتنظم الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية.فالعراق وبما له من باع طويل في تدوين القوانين الناظمة للحياة والمقرة للعدل والإحسان، وبما ينعم من ظلال الديمقراطية الوارفة بعيد سقوط النظام البائد، حري به أن يلهم الآخرين في هذا المضمار، ويكون محورا للشعوب الحرة في الأخذ بما يروي غليلهم ويبرد هواجسهم ويبدد ما قد يؤرقهم في الأخذ بأيديهم إلى سبل النجاة، وحري بشعبه أن يعيش في ظلال العدل الوارفة ويستنشق عبير الحرية المعطاءة التي تتفتق من خلالها الكفاءات والعطاءات، وتنمو على شغافها شجرة التنمية والتقدم بعيدا عن كل ما يعرقل مسيرة الإصلاح.
https://telegram.me/buratha