بقلم محمد دعيبل كاتب واعلامي
تناقلت وكالات الأنباء والقنوات الإعلامية المتعددة خبرا مفاده أن القائمة العراقية والتي حصدت اكثر مقاعد البرلمان الجديد مما يعطيها الحق في ترأس الحكومة المقبلة وفق تفسيرها للمادة 76 من الدستور العراقي بشهادة أن الكتلة الاكبر التي تكلف بتشكيل الجلسة هي القائمة الاكبر وليس الكتلة السياسية التي قد تتشكل من ائتلافين لقائمتين او اكثر كما فسرته المحكمة الاتحادية التي تعنى بتفسير المواد المتنازع عليها دستوريا كما اتخذت تلك القائمة وبعد الإعلان عن تقارب الائتلافين الوطني ودولة القانون مسار الخط الدولي الستراتيجي فراحت شخصياتها القيادية تلتقي قادة دول كبرى او انها توقفت عند محطة الامم المتحدة طلباً منها ومن تلك الدول للمساعدة في تشكيل الحكومة الوطنية لا على سبيل المشورة فحسب بل جاءت هذه المطالبة وفق آيديولوجية جديدة ثبتتها القائمة العراقية ذكُرت من خلالها العراقيين من أن العراق لا زال يحكمه البند السابع الذي وصف العراق بانه الطفل الذي لا رأي له ترعاه الوصاية الاجنبية ولا أريد أن اتحدث عن البند السابع وكيف تمت المصادقة عليه بقدر ما انني استغرب كل الاستغراب من هكذا اطروحات ورؤى لقادة عراقيين كثيرة ما نادوا بالوطنية وتحرر العراق من الاجنبي اذ لا ريب ان الكثيرين من قيادات القائمة العراقية ينادون بالعروبة والتحرر ويرفضون كل الرفض لاي تدخل اجنبي في الشأن العراقي وكان هذا شعارهم الذي اتخذوه منذ البداية في الانتخابات البرلمانية في دورتها الاولى والتي وصفت بأنها غير قانونية آنذاك بسبب ما ادعي من تواجد المحتل وعدم استقلالية البلد،مما أدى الى مقاطعة فئات كبيرة من ابناء الطلب آنذاك للانتخابات وعدم الاعتراف بها كما ادعي سلفاً. واليوم وبعد تيقن الجميع بضرورة ان يرسم العراقيون مسارهم السياسي بأنفسهم نرى ولشديد الاسف ان هناك ازدواجية في الرؤى والمفاهيم حول آلية تشكيل الحكومة المقبلة وكأن الامر معضلة لا حل لها الاّ من خارج دائرة العراق ذاته. فما "حدا مما بدا" يا اخوتي الكرام في القائمة العراقية وانتم تناغمون الشعب بالوطنية والاستقلالية .ولرب سائل يتساءل وله الحق وكل الحق في ذلك "ترى ماذا يجب على الساسة في الساحة العراقية صنعه حتى تتحد الآراء وتنصهر كاريزما السياسة في بوتقة واحدة"؟خاصة بعد ان صادقت المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات ودخول الساسة العراقيين مرحلة البعد الدستوري الذي يحكمه الزمن . والجواب الوحيد الذي لا نظير له حسب اعتقادنا هو الجلوس على الطاولة المستديرة التي دعا اليها الائتلاف الوطني العراقي والتي تعد بحد ذاتها محطة اختبار لجميع الكتل السياسية و"عند الاختبار يكرم المرء او يهان" ولعل القارئ الكريم يشاطرني بالاسف الشديد على فشل تلك الكتل لحد الآن في حضور الامتحان وكأنها لم تمتلك بطاقة التأهيل الامتحاني وأظن السبب في ذلك يعود الى الصراعات حول المناصب السيادية الثلاثة "رئاسة الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية" وكأن مثلث الرئاسات الثلاثة يخبئ مفتاح الدخول الى الجنة أوكأنه يمثل "صك الغفران" على مايقولون. ولا أدري لماذا لا يفكر الساسة العراقيون ملياً بحاجة الشعب الى ممثليه الشرعيين في البرلمان اكثر مما يحتاج حكومة مشخصنة بلا رقابة من السلطة التشريعية التي من المفترض ان تشرف كل الاشرف على الاداء الحكومي وتقوُم مساره وتحاسب من تحاسب وتثبت من تثبت وفق مبدأ الثواب والعقاب الذي لا بد منه لنيل الحكومة المقبلة درجة النجاح في الاختبار الذي يجريه ابناء الشعب العراقي وبكل جدارة. اليس من الحقيقة بمكان ان ينظر الساسة العراقيون الى ابناء شعبهم بعين الرحمة ؟ثم يطرقوا اطراقة الى دول العالم التي تمتلك الديمقراطية ليروا ماالذي يجري في اروقة البرلمانات العالمية، الم يرو أنه لا بد من وجود كتلة او حزب يعارض في البرلمان لا علاقة له بتشكيل الحكومة يتخذ على عاتقه مراقبة ادائها قولا وفعلا ؟وبهذا تعتبر هذه الكتلة هي صاحبة القرار النهائي لاثبات صلاحية الحكومة من عدمها وامكانية تغييرها لو تطلب الامر ذلك.ارى أن غياب ثقافة الحزب المعارض لدى الساسة العراقيين كونهم حديثي العهد بالسياسة ادى الى تزمتهم بضرورة المشاركة في الحكومة وبعد ان تيقنا من لابدية تلك المشاركة بسبب الطبيعة التاريخية التي يتكون على اثرها ابناء الشعب العراقي حسب ما أكده كبار الساسة العراقيين ، اقول ليت هذه المشاركة تنبع من ارادة الجميع بضرورة تشكيل حكومة شراكة وطنية وان يكون هذا الامر نابعا من ضرورة اشراك الجميع في القرار السياسي وان يكون برنامج الحكومة بعيدا عن المحاصصة الحزبية والمصالح الفئوية ذات مبدأ اللادقة في اللانظام وفق نظرية هيزنبرك . اذ ان البعض يظن ان الفوز بمرتبة رئاسة الوزراء هي مغنم وكأنه قد حصده في حرب ضروس مع ابناء الشعب وليس استحقاقاً انتخابياً جاء وفق مبدأ التداول السلمي للسلطة في الوقت الذي من المفترض ان يكون كل عضو مشارك في الحكومة بدءا من رئيس الهرم وحتى اصغر سلطة تنفيذية مغرما يطالب به العراقيون وبكل قوة من اجل اصلاح ما فسد في الماضي وتقويم الاخطاء من جهة ،وتحقيق أماني الشعب الذي طالما ظلمته سياسة الحكم سنين طوال من جهة ثانية. وبعد اتي واللتيا فليس هناك أي عذر ولا أي أحد من القادة السياسيين او غيرهم أن يقفز على إرادة الشعب ويترك ارض الرافدين الخصبة ليطالب بتدخل اجنبي لحل الأزمة وكأن ازمة تشكيل الحكومة قنبلة نووية لا يفك شفرتها الا الدول الاجنبية او منظمة الامم المتحدة واما العراقيون فكأنهم على عهد صبا لا يميزون بين الحق والباطل او بين ما ينفع الناس او ما يذهب جفاء .وهذا بحد ذاته يمثل سياسة الكيل بمكيالين وازدواجا في الموقف ونقطة ضعف تعكر صفو المشروع السياسي وتعيده الى مربع الصراع المستديم ولعل الامر يذكرنا بالمندوب السامي البريطاني الذي كان يحكم العراق قبل اكثر من 70 عاماً ولحد الآن وكأن عجلة العراق تعود الى الوراء لا ان تتقدم الى الامام والسبب هو الفهم السيئ للازمة السياسية او عدم الرجوع الى الحكمة والمنطق السليم.
https://telegram.me/buratha