علي محمد البهادلي
عندما يموت ضميرالإنسان فإنه يحاول بشتى الطرق تحقيق ذاته وإشباع رغباته ونزواته بغض النظر عن الوسائل التي توصله إلى ما يصبو إليه ، وهذا الأمر ينطبق انطباقاً منقطع النظير على كثير من السياسيين في العراق الجديد ، فقد رأى الشعب العراقي بأمِّ عينه هؤلاءالسياسيين من برلمانيين ووزراء وغيرهم يتهافتون كالذباب على أي "جيفة " من أوساخ هذه الدنيا ، وقد جربهم خلال دورتين انتخابيتين ابتداءً بالجمعية الوطنية وحتى مجلس النواب المنتهية دورته، وما انبثق عنهما من حكومتين ، لم تراعيا في الكثير من التوجهات مصلحة الشعب العراقي ، لكنها كانت تصبُّ في طريق تثبيت امتيازاتهم المالية والجهوية ، حتى امتلأت بطونهم من المال الحرام ، وأصبح العراق يُضرَب به المثل في العالم بكثرة الفساد الموجود فيه وكثرة الفاسدين وتمتعهم بالحصانة السياسية التي تمنع الجهات الرقابية محاسبتهم دون نزع هذه الحصانة .
بعد هذه المقدمة لا يبدو غريباً أن يتسلل جمع غفير من النكرات إلى واجهة المشهد السياسي ، فهو ـ أي المشهد السياسي العراقي ـ أصبح مباحاً لمن هب ودب ، وأصبح أقرب طريق للإثراء السريع ، حتى طمع بنا البعيد والقريب ، وحتى اخترقنا البعثي والإرهابي ، وأصبح شيئاً طبيعياً أن يتكلم بعضهم بالتفاوض مع أحد جناحي حزب البعث أو إجراء لقاءات مع هذا أو ذاك من قياداته .
الشيء الذي أفرحنا في الانتخابات الأخيرة التي أُجريَت 7/3/2010 هو صعود ملحوظ لشخصيات جديدة رُشِّحَت إلى مجلس النواب ، وكذلك الإجراءات التي قامت بها هيئة المساءلة والعدالة للوقوف بوجه البعث الشوفيني أن يتصدر الواجهة السياسية ، وإبعاد بعض ممن شُمِلوا بإجراءات هذه الهيئة بغض النظر عن بعض الإشكاليات التي رافقت عمل هذه الهيئة وما قامت به بعض الجهات بالتشكيك في نوايا هذه الهيئة وعدها داخلة في إطار التصفية السياسية ، لكن تخوفنا ما زال موجوداً في الشخصيات التي رشحت إلى مجلس النواب ، فبعضهم كان بالأصل متهماً بالفساد والبعض الآخر متهم بالإرهاب ، أما البعض الآخر فإننا نتخوف أن يكون قد درب اللعبة جيداً ، فرأى الفاسدين يصولون ويجولون ويحتلبون ثروات هذا البلد المنكوب وتمكن من الوسائل المتبعة في ذلك ، ورأى الجهات الرقابية مهما حاولت الحد من الفساد فهي غير قادرة على استئصاله ، فهم أي الفاسدين لهم شبكاتهم المنتشرة في مؤسسات الدولة ، ويستطيعون التستر على الجريمة والإفلات من العقاب بشتى الطرق ، ناهيك عن الغطاء السياسي الذي يتمتعون به ، فنخشى من هذا البعض " الحفاي " أنه قد دخل دورة تدريبة في كيفية الوصول إلى مبتغاه حاله حال من سبقوه من الذين عاثوا بأموال الشعب فساداً، وقد " لقف " من اللصوص الكبار كلمة السر التي توصله إلى ذلك وهي " افتح يا مجلس "
ولكي لا يُسَاء فهمي فإن "الحفاي" لا أقصد بهم أبناء المدن الفقيرة أو الذين لا يمتلكون ثروة ، فالترشيح لعضوية مجلس النواب حق لكل عراقي شريف ، بغض النظر عن قوميته أو انتمائه الديني أو منطقته .
https://telegram.me/buratha