المقالات

المؤشرات المقلقة لارتفاع معدلات ضحايا الارهاب

723 12:27:00 2010-06-07

ابراهيم احمد الغانمي

كانت حصيلة الاعمال الارهابية خلال شهر ايار الماضي اكثر من الشهر السابق له، وهذا ما اعلنته ثلاث وزارات هي الصحة والداخلية والدفاع.فقد اشارت بيانات رسمية لتلك الوزارات الى استشهاد 337 شخصا واصابة 718 آخرين بجروح خلال الشهر الماضي، فيما لقي 151 عراقيا مصرعهم في الشهر ذاته من العام 2009.ومن بين هؤلاء الـ 337 كان عدد الضحايا المدنيين 275 ، اضافة الى 45 شرطيا و17 عسكريا مصرعهم.وكشفت البيانات اصابة 718 شخصا بينهم 520 مدنيا و141 شرطيا و57 جنديا بجروح في اعمال ارهابية ضربت بغداد وشمالها وجنوبها خصوصا.وهذا الارتفاع في عدد ضحايا الارهاب ارتبط بتزايد العمليات الارهابية في بغداد ومختلف المحافظات العراقية، وتزامن مع اوضاع سياسية قلقة جدا، بسبب الفراغ الحكومي والدستوري، وازمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وعدم ظهور بوادر في الافق السياسي على امكانية توصل الفرقاء السياسيين الى حلول من شأنها كسر حالة الجمود السياسي الذي خيم على البلاد منذ اجراء الانتخابات البرلمانية قبل ثلاثة شهور وحتى هذه اللحظة، والذي بحسب ظاهر الامور وخفاياها سيبقى قائما لعدة شهور اخرى.الربط بين تصاعد اعمال العنف والارهاب من جهة، والاوضاع السياسية المتأزمة والقلقة من جهة اخرى، يطلق مؤشرات واشارات سلبية، تتركز جميعها على حقيقة ان العملية السياسية في البلاد مازالت تقف على ارضيات هشة، ولم تصل الى مستوى كبير من القوة والتماسك، وان امكانية استغلال هذا الضعف وتلك الهشاشة مازالت متاحة الى حد كبير بالنسبة للجماعات الارهابية المسلحة بشقيها التكفيري والصدامي معا.والنقطة الاخرى ان معظم الكتل والكيانات السياسية العراقية لم تغادر حتى الان الحدود والاطر الحزبية والفئوية والقومية والمذهبية لتتحرك في الفضاء الوطني، وتضع برامج تتسم بالشمولية والاحاطة بكل مشاكل وهموم الشارع العراقي، ولم تبدي الاستعداد الكافي لتقديم التنازلات المتبادلة من اجل مصلحة الوطن وابناء الشعب العراقي. وهذا هو السبب الرئيسي في بقاء الحوارات والمفاوضات حول تشكيل الحكومة تدور في حلقة مفرغة. والمشكلة هي ان الكل يرفضون حالة الجمود السياسي وينتقدون التشدد والتصلب في المواقف، وارتفاع سقف المطاليب، ولكن ليس هناك من هو على استعداد حقيقي للتنازل وابداء المرونة الا ماندر، وحتى من يتبنى مواقف معتدلة ومرنة ويظهر استعدادا لتقديم التنازلات يصطدم بواقع معقد جدا ليجد نفسه في خضم معمعة الصراع والتنافس الحاد.وارتفاع معدلات الضحايا من المدنيين ورجال الجيش والشرطة جراء العمليات الارهابية وفي هذا الوقت بالذات يطلق رسالة سلبية الى مختلف القوى والكيانات السياسية والفائزة منها بالانتخابات بالدرجة الاساس، وكذلك يطلق رسالة سلبية الى الحكومة المنتهية ولايتها التي يفترض انها تتحمل المسؤولية الكبرى مادامت موجودة وقائمة، ومادام هناك من يستغل الامكانيات والموارد الحكومية للمحافظة على مواقعه ، وتعزيز مواقفه التفاوضية مع الاطراف الاخرى المنافسة له. لاتبدو الحكومة مهتمة حاليا ولاقلقة من تدهور وتراجع الاوضاع الامنية وسقوط الكثير من الناس الابرياء، ولاتبدو ايضا مهتمة وقلقة من تدني الخدمات الاساسية الى مستويات مرعبة كما هو الامر مع الطاقة الكهربائية التي باتت مفقودة تقريبا بصورة شبه كاملة في ظل وعود متواصلة يطلقها وزير الكهرباء لاتختلف عن وعود كثيرة اطلقها في السابق هو وبعض اركان وزارته دون ان يلمس المواطن مصداقية لها على ارض الواقع. واذا بقيت الاوضاع السياسية على ما هي عليه-اذا لم تتأزم اكثر-فأن الاوضاع الامنية مرشحة لمزيد من التراجع والتدهور، ومعها الاوضاع الخدمية والحياتية، في الوقت الذي اخذت فضائح صفقات البيع والشراء للعقارات داخل المنطقة الخضراء لصالح كبار المسؤولين وبالخصوص الذين سيغادرون السلطة والامتيازات والجاه مرغمين او مختارين ، اخذت تلك الصفقات تزكم الانوف.مشكلة البلاد معقدة ومتداخلة وصعبة للغاية، وحلها يتطلب توحيد الجهود وتكاتف وتعاون كل الاطراف، وليس تصادمهم وتصارعهم، حتى لاترتفع اعداد الضحايا في الاشهر المقبلة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك