ان الخوض في هذا الموضوع يحتاج الى مقالات طويلة وتفاصيل كثيرة ولكي اصل الى الهدف سأختصر الأحداث واتجنب التفاصيل واذكر العموميات دون ان اطيل .انني لم اتعرف الى الشيخ جلال الدين الصغير عندما كان عضوا في الجمعية الوطنية او عضوا في مجلس النواب وانما كانت قبل ذلك بسنوات ولذا وجدت من الضروري ان اسلط الضوء على جانب مهم من شخصيته وهو في تقديري اهم الجوانب التي تعنيني وتعني المجتمع .
عندما تعرفت اليه لم اكن اعرف عنه شيئا مسبقا سوى انه احد المعارضين للنظام المباد وتقربت منه ليس لكونه معارضا فقط وانما لتنمره في الدفاع عن اهل البيت عليهم السلام عموما وعن الزهراء عليها السلام خصوصا . ومن هنا بدات رحلة الأستكشاف الى اعماق شخصيته وبدأت اشعر بالأطمئنان الى ما يقول وما يفعل حيث انه لم يتردد في يوم من الأيام من وضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها سواء في الجانب العقائدي او في الجانب السياسي رغم المحاذير والموانع التي تجعل الانسان يتردد الف مرة قبل ان يقول الحقيقة كما هي دونما ادنى مجاملة لهذا الطرف او ذاك .
وبعد العودة الى العراق كنت اتتبع اخباره رغم لقاءاتي المحدودة والقليلة به في تلك الفترة ، وكنت اشعر بالراحة لان سماحة الشيخ الصغير قد اصبح رجلا من رجال الدولة بعد ان كان رجلا من رجالات المعارضة لكي يتحمل مسؤوليته تجاه هذا الشعب ويساهم في صناعة مستقبل جديد وناصع لا علاقة له بالماضي الأسود الذي عاشه العراق طيلة اكثر من ثلاثين عاما خلت وتوقعت من هذا الرجل ان يتسلم مناصب عليا في الدولة ليمتلك آليات العمل على تحقيق الأهداف التي كان يسعى الى تحقيقها طيلة سنوات الهجرة التي لم تكن تخلو من الألم والمعاناة الطويلة التي لم يحس بها الا من كان قريبا منه .
وبعد مرور الأيام والأشهر والسنين بقي الشيخ جلال الدين الصغير في موقعه الأول فلم يتقدم الى مناصب اعلى ولم يتراجع الى مناصب ادنى ، مع انه كان قادرا على تحقيق منافع افضل لهذا الشعب من مواقع في السلطة التنفيذية تتيح له العمل المباشر على الخلق والتغيير فما الذي يمنعه من ذلك وهو رجل من رجال الحكومة الجديدة في العهد الجديد .ومن جهة اخرى كنت انظر اليه في احاديثه ومداخلاته الكثيرة والمهمة في البرلمان الى انه رجل من رجال المعارضة بل انه في طليعة المعارضين للسلطة الحالية والناقمين على اداءها المتعثر اذا كان هناك اداء اصلا ورغم لقاءاتي المستمرة به الا انني كنت اتحاشى توجيه السؤال اليه هل انه رجل سلطة ام رجل معارضة ام انه تارة هنا وتارة هناك ؟ .
وبعد مراجعة طويلة لمواقف هذا الرجل عندما كان معارضا في المهجر ومواقفه وهو في مواقع السلطة والقرار والربط مابينها وبين الظروف المحيطة بمواقفه على اختلاف المراحل توصلت الى حقيقة جعلتني اشعر حتى بالخجل من ان ارفع عيني بعينه وتغيرت طريقة سلامي وحديثي معه حيث اصبحت اكثر رسمية وبعيدة عن المجاملة رغم شوقي الكبير الى التحدث معه بالطريقة البسيطة والمترسلة كسابق العهد وذلك لانني وجدته رجلا من طراز خاص فهو ليس برجل السلطة ولا برجل المعارضة وانما هو رجل يقف مع السلطة تارة ومع المعارضة تارة اخرى بمقدار ما تقتضيه مصلحة الشعب .ومن يمتلك هذه القدرة الفائقة على الموازنة والأتزان وجعل مصلحة الشعب هي وحدة القياس التي يقيس عليها جميع الأمور دون الألتفات الى المصلحة الحزبية او المصلحة الشخصية فهو بحق رجل الشعب الأول .
https://telegram.me/buratha