حافظ آل بشارة
انشغل الاعلام العراقي قبل الانتخابات وبعدها بما يدور في الساحة السياسية ولم يلتفت احد الى عملية تسليم المنطقة الخضراء من القوات الامريكية الى القوات العراقية قبل ايام ، هناك اكثر من اعلامي مبتدئ حاولوا التفرد فتناقلوا فكرة مصدرها واحد تقول ان وقوع المنطقة الخضراء في ايدي القوات العراقية يسهل تنفيذ انقلاب عسكري ، صحيح ان ايراد هذا التوقع يمثل خروجا عن الرتابة الاعلامية التي سببها الركود السياسي ، اما موضوع انقلاب عسكري في العراق فقد اصبح خاليا من أي جاذبية لمن يسمع به او يحاول ان يتوقعه ، حيث لايحظى هذا الموضوع بأي مقومات للنجاح على الارض الا اذا نفذه اشخاص صداميون لانهم لايفكرون بالعواقب عادة ، وقال الناقل ان مسؤولا امنيا يقول ان الضباط الصغار الموالين للنظام السابق موجودون داخل القوات المسلحة وبامكانهم تنفيذ الانقلاب ، وقد قام بتبسيط الانقلاب واعتبر وقوف دبابات في ابواب المنطقة الخضراء كافيا لتنفيذه ، وهذا تصور ناتج عن اختلاط الجهل بالتحامل والتفكير بعقلية صدام عندما قرر دخول الكويت بعدة دبابات وضمها الى العراق بدون النظر الى العواقب . الانقلاب يمكن ان يحصل ، هذا شيء وارد لان الملف الامني حاليا يدار من قبل بقايا النظام السابق الذين سهلت الحكومة اختراقهم للاجهزة الامنية بدعوى الاحتراف والمهنية ، ولكن الانقلاب سيطيح بالحكومة وليس العراق ، الحكومة التي وضعت الافعى في جيبها ستتلقى اللسعة في القلب ، ولكن بمجرد ان ينفذ الانقلاب سوف ينفصل اقليم جنوب بغداد الى البصرة فورا ويتشكل حاجز دفاعي فوق مستوى التصور ، كما ينفصل اقليم كردستان ويشكل حاجزه الدفاعي ايضا ، وعدا هذين الاقليمين ستقع محافظات وسط العراق وغربه تحت امتحان جديد كالامتحان الذي مرت به في تعاملها مع عصابات القاعدة عندما انخدع البعض وسكت البعض الآخر ودارت عليهم الدوائر حتى تطلبت الورطة التأريخية تشكيل الصحوات ومجالس الانقاذ ، وقبل ان يمروا بالتجربة نفسها مع أي تغيير متوقع يحاول المتاجرة بهم عليهم ان يقرروا فورا ، بالنتيجة سيجد الانقلابيون انفسهم محاصرين في بغداد أو جزء منها وسوف يأخذ سيناريو الانقلاب بعدا هزليا وستكون النتيجة معروفة ، اما اذا تدخلت الدول المجاورة لحسم الموضوع فمن غير المرجح ان يكون هناك قتال لان دول الجوار العراقي غير متساوية في امكانياتها العسكرية ، والطرف الاقوى سيهيمن بسهولة واي قتال سيغير التوازن في العراق والمنطقة لتنقلب الامور على الذين يدعمون الانقلاب المفترض . لكن تحليل آخر يقول ان بقايا النظام لا يجرأون على القيام بمثل هذه المغامرة الخطيرة الا بترغيب ودعم امريكي ، والجواب ان الولايات المتحدة غير مضطرة للقيام بذلك ، لانها لا تريد من هذه المنطقة اكثر مما حققته حتى الآن ، وما تأمله من امتيازات اقتصادية او سياسية يأتيها بدون القيام بمثل هذه المناورة المتعبة . الولايات المتحدة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي تفردت في قيادة العالم منذ سنة 1990 وحتى سنة 2000 عشر سنوات من التفرد بعدها بدأت واشنطن تواجه التحدي من موضعين الاول داخلي والآخر خارجي اما الداخلي فهو علامات الانهيار والتفكك في البنية السياسية الداخلية وتضخم الديون والازمات الاقتصادية وشيخوخة اسلوب الادارة الاتحادي الامريكي وتصاعد تكاليف التدخل الامريكي في بلدان بعيدة ، اما العامل الخارجي فهو بزوغ نجم الصين والهند ونمور آسيا وامكانية تشكيل فريق هيمنة اقتصادية عسكرية معلوماتية من هذه الكتلة الجغرافية العملاقة التي قد تتصدى لادارة العالم ، فحال الولايات المتحدة كحال القائل ( كم أداوي القلب قلت حيلتي - كلما عالجت جرحا سال جرح ) انها امبراطورية متعبة بحاجة الى الاستجمام والعودة الى معالجة القضايا الداخلية وترميم التصدعات وربما كان اوباما رمزا لهذه المرحلة . المراهنون على الالم العراقي وحدهم يفكرون بعقلية الانقلاب ، انها امنيات عدوانية ، عليهم ان يصدقوا ان تلك الحقبة الخاطئة ذهبت الى غير عودة .
https://telegram.me/buratha