احمد عبد الرحمن
احد ابرز ميزات ونقاط قوة النظام الديمقراطي هو توزيع السلطات والصلاحيات وعدم تركيزها في مفصل معين، ولعل الحكمة من ذلك التوزيع الذي تفصله وتوضحه الدساتير، تتمثل بقطع الطريق امام اية طموحات او نزعات للاستئثار بالسلطة وبالتالي نشوء الديكتاتورية. ومطاليب الائتلاف الوطني العراقي اليوم بتوزيع الصلاحيات وتنظيمها بطريقة عملية وواقعية بين رئيس مجلس الوزراء ونوابه ووفق الحالة التخصصية، ينطلق من الرؤية الانفة الذكر، فضلا عن انطلاق تلك المطاليب والدعوات من قراءة موضوعية لتجربة الاعوام الاربعة الماضية في العراق، التي لايختلف اثنان على انه رافقتها اخطاء وسلبيات وهفوات ربما كانت مقصودة او غير مقصودة. وطبيعي ان الاقرار والاعتراف بحدوث اخطاء ونقاط ضعف وهفوات وتجاوزات على الدستور، يحتم تشخيصها بدقة وهدوء، ومن ثم البحث في سبل معالجتها وتلافيها في اطار الدستور ومن دون القفز عليه او تجاهله.والشيء المهم هو ان مختلف القوى والكيانات السياسية تتفق مع رؤية ومطاليب الائتلاف الوطني العراق بضرورة توزيع الصلاحيات بما ينسجم مع مبدأ المشاركة الوطنية الحقيقية، ويعزز البناء المؤسساتي للدولة العراقية، ويرسخ التجربة الديمقراطية ويكرس مفاهيمها وممارستها على ارض الواقع.من الخطأ البقاء على قوالب جامدة في ادارة شؤون البلاد وعدم التعاطي مع الواقع القائم بمرونة وانسيابية.فالنجاح والتقدم الحقيقي للعملية السياسية يتمثل اساسا بالمراجعات المستمرة لمجمل سياقاتها، وتقوية وترصين ما هو صائب فيها، وتصحيح وتقويم ما هو خاطيء منها.وبما ان التداول السلمي للسلطة هو احد ابرز مباديء الديمقراطية، وبما ان تبدل الاشخاص في شغل المواقع هو السياق الصحيح والمنطقي، فأنه لايفترض النظر الى هذه الرؤية او ذاك المطلب على انه موجه ضد طرف ما ويراد منه تهميشه واضعافه، وانما ينبغي النظر الى مايطرح من زاوية اوسع واشمل، واخضاعه لمتطلبات ومقتضيات وضرورات الواقع بتجرد بعيدا عن اية حسابات مسبقة والوقوف على مدى واقعيته وجدواه ووفائدته وعند ذاك يتخذ الموقف المناسب بشأنه.وفي هذه الحالة ستزول الكثير من العقد والعقبات والعراقيل.
https://telegram.me/buratha