حافظ آل بشارة
تصديق نتائج الانتخابات هو عملية تشغيل للقاطرة المتوقفة ، ستسير القاطرة وتصبح اعمال ما بعد الانتخابات مرتبطة بسقوف زمنية وتوقيت دستوري ، يقال هناك صفقة شاملة لتوزيع الرئاسات الثلاث رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب خلف الكواليس ستعلن تباعا حسب التوقيت الدستوري ، هناك اخطاء ثقافية ولغوية يرتكبها الجميع عندما يتحدثون في موضوع تشكيل الحكومة فيقولون ان من (حق) الكتلة الفلانية تشكيل الحكومة ، والاصح القول بأنه من (واجبها) وليس من حقها ، يجب التمييز هل هو (حق) ام (تكليف) ؟ ولا يسمى حق الشخص حقا الا اذا كان ينطوي على فائدة وامتياز مادي او معنوي يحصل عليه فاذا فقده فقد حقا من حقوقه ، اذا اعتبرنا تشكيل الحكومة حقا من الحقوق ينطوي على امتيازات شخصية فقد حكمنا مقدما بأن من يريد تشكيل الحكومة انما يريد تحقيق امتيازات لنفسه ، لكن القواعد الدستورية والدينية والعرفية كلها ترفض ان يطلب الانسان السلطة طمعا في امتياز شخصي ، الديمقراطية اللعينة وضعت نهاية لبريق المنصب فقضت على طموحات الرجال الذين يحلمون ببهرجة الاباطرة ، في العراق يبدو ان من يحلم بعد اليوم بهذه البهرجة فهو اما ان يكون مجنونا او قد تناول في عشاءه كميات هائلة من الحمص ، بهرجة السلطة تاتي من 3 عناصر : - الهيمنة على الآخرين واشباع شهوة التسلط - جمع المال واشباع شهوة التملك - الديمومة النسبية التي لاتقطع هذه الملذات باستقالة او اقالة او انقلاب ليلي . يبدو ان صاحب الرئاسة في العراق فقد الثلاثة دفعة واحدة ، انها فاجعة عربية تأريخية فلا هيمنة له على الآخرين لانه ليس الرئيس الوحيد فهناك ثلاث رئاسات في البلد وفوقها سلطة قضائية ، اما جمع الاموال فقد اصبح هو الآخر مستحيلا لأن الرؤساء معرضون للجرد والفحص المالي قبل التكليف وبعده ، صحيح ان رواتبهم ما شاء الله حدث ولا حرج ، يأخذون بلاوي ما انزل الله بها من سلطان ، لكن عملية اللغف الرئاسي الغيت تماما ، حيث يوجه اليهم دائما سؤال : من اين لك هذا؟ ، اما ضمانات البقاء في المنصب فقد بلغت الصفر فهي اربع سنوات تأتي بطلعان الروح فأن احسن الرئيس وكانت الظروف مواتية فاربع أخرى . فهي ثمان في احسن الاحوال ، وهنا نسأل الطموحين ودعاة الحق الشخصي : اين الحق الذي يريده هواة السلطة ويرفضون التخلي عنه ؟ اذن يجب التصحيح واعتبار تشكيل الحكومة تكليفا وليس حقا ، وستكون آثار ومتعلقات المفهوم الثاني (التكليف) معاكسة تماما لمعنى (الحق) ومضاعفاته ، فالتكليف ثقيل وليس مرغوبا ، ويعبر عن العطاء وليس الأخذ ، ويعني المحاسبة وليس الربح ، نحن هنا لم نتحدث عن اكتشاف فالجميع يعرف هذه الحقائق لكن لحد الآن بعض الكتل ورموزها بسبب سياقات تربوية خاطئة غير قادرين عل نزع الوهم الامبراطوري من اذهانهم . وفوق كل هذه الحقائق المحزنة لهواة السلطة هناك قضايا دستورية هي الاخرى لاتبشر بخير ، اذ يبدو ان الحصول على العدد الاكبر من المقاعد ليس هو العامل الحاسم في تحديد من يشكل الحكومة ، لان الانتخابات افرزت ارقاما متقاربة ولم تظهر كتلة ذات عدد ساحق لذا فمن يشكل الحكومة يحتاج الى تنسيق وتفاهم مسبق مع الكتل الاخرى ، الدستور يعطي الحق للمكلف بتشكيل الحكومة باجراء هذه التفاهمات ، ولكنه يعطي الحق للآخرين ان يقبلوا التعاون او يرفضوا ، ومن يريد مواجهة الدستور بالتذمر والشكوى والتظلم فقد اعلن انسلاخه من العملية السياسية ويزداد هذا الانسلاخ عندما يدعو الى تدخل الامم المتحدة (لحسم القضية) مع انه لاتوجد هناك أي (قضية) بل هناك دستور فهل تلغي الامم المتحدة الدستور العراقي ؟! هذه تصورات حمصية في ليلة تموزية لا سحب فيها ولا وطنية ، ثم هل رأيتم بلدا في العالم يحترم نفسه يدعو الامم المتحدة لحل مشاكله الداخلية ؟ وهل هناك شيء اسمه الامم المتحدة ؟ ما هو الدليل ؟ ...
https://telegram.me/buratha