ابراهيم احمد الغانمي
منذ اليوم الاول لظهور الائتلاف الوطني العراقي، بل وحتى قبل الاعلان عنه في الرابع والعشرين من شهر اب من العام الماضي 2008، راهنت جهات سياسية عديدة في داخل العراق وخارجه على تفككه وتشظيه بعد فترة قصيرة من الزمن، لانها وفقا لقراءاتها حملت ىالائتلاف الوطني مقومات وعوامل انهياره في داخله، ومنها الخلافات والتقاطعات السابقة بين بعض مكوناته، وبالتحديد بين المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والتيار الصدري، واختلاف الرؤى والتوجهات والافكار، والطموحات للحصول على منصب رئاسة الوزراء من قبل عدة شخصيات فيه.ولكن سياقات ادارة العمل السياسي في داخل بينة الائتلاف الوطني العراقي قبل الانتخابات وحالة الانسجام والتفاهم بين اطرافه المختلفة، اثبتت خطأ قراءات وتحليلات وتمنيات بعض الجهات، لاسيما وان الحملة الانتخابية له اديرت ووجهت بطريقة جيدة وان كانت هناك ملاحظات واشكاليات في بعض الجوانب التنظيمية.لذلك راحت المراهنات تتركز على مرحلة مابعد الانتخابات، سواء حصل الائتلاف الوطني العراقي على مراتب متقدمة او لم يحصل، وكل الاحاديث والاطروحات التي روجت لها وسائل اعلام عربية واجنبية ومحلية ايضا كانت تتحرك بأجندات وتوجيهات خارجية، تمحورت حول ان الخلاف سيتفجر بين المجلس الاعلى والتيار الصدري ما ان تغلق صناديق الاقتراع وتتبين نتائج الانتخابات، لان الدخول في مسألة توزيع المناصب هو الذي سيفتح باب التفكك والتشرذم للائتلاف الوطني العراقي. ومرة اخرى ثبت ان تلك التحليلات والقراءات والتمنيات كانت بعيدة عن الواقعة ومجانبة الى الحقيقة والواقع.ورغم النقاشات والسجالات والابحاث المعقمة والتفصيلية والنقاط الاختلافية بين مكونات الائتلاف الوطني حول تشكيل الحكومة ومايتعلق بها من مسائل الا ان اية مؤشرات او ملامح للتفكك لم تظهر، بل على العكس من ذلك، اذ يؤكد اصحاب القرار في مكونات الائتلاف ان الانسجام موجود بأقصى المستويات، والتوافق قائم، واليات حسم الخلافات والاختلافات واضحة ومتفق عليها.ومما يمكن ان نشير اليها كمعالم ومقومات لقوة وتماسك الائتلاف الوطني العراقي هو وجود المجلس الاعلى الاسلامي العراقي فيه، الذي تتميز سياساته بالاعتدال والمرونة والانفتاح على الجميع والحرص على توسيع دائرة المشاركة في ادارة شؤون البلاد بأقصى قدر ممكن ، وبالخصوص الكيانات السياسية التي حققت نتائج متقدمة في الانتخابات النيابية في السابع من شهر اذار المنصرم، وكذلك فأن وجود التيار الصدري الذي كان يعتقد البعض انه عامل معوق ومعرقل، وعنصر ارباك، يمثل نقطة قوة نظرا للقاعدة الشعبية التي يتمتع بها وحصوله على نسبة جيدة من المقاعد، والاهم من ذلك قيامه بأجراء مراجعات لسياساته، دفعته الى تصحيح بعض المسارات الخاطئة، وتبني منهج الاعتدال والتعامل مع مختلف القضايا بمرونة وهدوء ودبلوماسية انعكس وستنعكس بشكل ايجابي على الواقع السياسي في البلاد.والعامل الاخر هو عدم التفريط واهمال مكونات الائتلاف الوطني العراقي التي لم يحالفها الحظ بالحصول على مقاعد في البرلمان المقبلة، بحيث بقيت حاضرة ومساهمة ومشاركة في رسم سياسات الائتلاف وصياغة مواقفه وتحديد مساراته.اضف الى ذلك فأن عدم حصر الترشيح لمنصب رئيس الوزراء بشخص واحد من مكون واحد يعد نقطة قوة لايمكن اغفالها وتجاهلها، حيث ان ذلك يحول دون حصول احتقانات وتشنجات وردود افعال مكتومة، وتجعل خيار نيل أي مرشح لمنصب رئيس الوزراء مرتبطا بالقبول الوطني العام.وربما يرصد المراقبون والمتابعون ان القوائم والكيانات التي كان ينظر اليها على انها متماسكة وقوية اخذت بذور الخلاف والتقاطع والتفكك تنمو فيها، والائتلاف الوطني الذي اريد له ان يتفكك او كان متوقعا ان يتفكك يتجه يوما بعد اخر الى مزيد من التماسك والانسجام والتفاهم.
https://telegram.me/buratha