محمود الربيعي
دورها بعد معركة الطف إنفعالات المنبر الحسيني وتأثيره العالي في النفوس
إن ندرة المعلومات عن شخصية أم البنين رضوان الله تعالى عليها تعد مشكلة بسبب قلة المصادر ولكن ورغم ذلك يمكن لنا أن ندور حول هذه الشخصية المركزية بشئ من التبسيط، فأم البنين هي التي دفعت بأبناءها الأربعة لتساند الإمام الحسين عليه السلام للقيام بالدور المهم في مواجهة المفسدين في الأرض والمشاركة في إحتمالات مواجهة أعداءه في معركة محتملة الوقوع، وتقبلت تلك المرأة كل الإحتمالات التي ممكن أن تحدث ومنها إستشهاد أولادها والذي تقبلته بصبر عالي قل نظيره.
ولقد توجَّهْتُ الى سماحة الشيخ المُفَوَّه فاضل المجيدي ليتوسع في الحديث عن ملامح شخصيتها أثناء مجلسه المنعقد عند أحد الأخوة المؤمنين فأستجاب سماحته للإلتماس وأثار جملة من الأمور المهمة وقال للأسف الشديد إن التأريخ كتبه الحكام الذين ضيقوا المجال على أئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام، وعلى أتباعهم الذين تتلمذوا على أيديهم في أمر كتابة التأريخ ولكن على الرغم من تلك المضايقات فقد حفظوا لنا مايمكن أن يعمل على تسديد الأمة والحفاظ على كيانها المستقل.وأستطرد سماحة الشيخ فاضل فقال إن بعض الشخصيات كَولْيَمْ شكسبير كتبت عنها عشرات البحوث والدراسات وقد حصل هؤلاء الدارسون والباحثون الذين لعبوا دوراً في تأريخ هذه الشخصية على شهادات أكاديمية عالية رغم أن أنها كانت تدور حول محور محدود من الحياة.
وعلى الرغم من قلة المعلومات حول شخصية أم البنين فقد ذكر الشيخ المجيدي أن هذه السيدة شخصية نسائية مهمة، وقد لعبت دوراً كبير في خط الطف الخالد وتميزت بالولاية للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أولاً ولوصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثانياً والولاية لأبناءه الإمامين الحسنين عليهما السلام ثالثاً، فالولاية بحد ذاتها قضية مركزية وهي قضية عقائدية وتتفرع عنها مسألة الحب في الله وهي مساله عاطفية ولكن أيضاً مبنية على المعرفة، فأم البنين هي زوجة لخليفة المسلمين علي بن أبي طالب عليه السلام، ومن جهة ثانية فإن حبها للإمام عليه السلام له أبعاد مختلفة منها إمامته عليه السلام، ومنها خلقه وأدبه وشجاعته ومايتميز به من مختلف الملامح التي رسمت شخصيته الفذة، ورغم أهمية شخصية أم البنين لكن التأريخ لم يتكلم عنها بالشكل الذي يليق بزوجة لخليفة من أعظم وأهم خلفاء المسلمين.
ومن ألطف ماذكره سماحة الشيخ فاضل المجيدي حفظه الله أن عمر أم البنين رضوان الله تعالى عليها كان أقل من عمر كل من الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام، كما ذكر أنها بعمر السيدة زينب بنت الإمام علي عليها وعليه السلام أي أنها شابة ومع ذلك كان لها قلب مؤمن صادق وقفت بكل ثبات وإخلاص وهي تتقبل خبر إستشهاد أولادها الأربعة، وفي الوقت كانت تحاول أن تخفف وقع الصدمة على السيدة زينب عليها السلاالتي كانت تعتبرها أم ثكلى فقدت أربعة من أولادها في ولاية الإمام الحسين عليه السلام ومحبته.
وبهذه المناسبة أوجه ندائي الى الحوزات العلمية الدينية الشيعية في كل من العراق وإيران وبقية أنحاء العالم العربي والإسلامي لتشكيل فرق بحث معلوماتية تنقب في تأريخ الشخصيات التي شاركت في القتال أثناء معركة الطف وأستشهدت وهي تقاتل الى جانب الإمام الحسين عليه السلام، وأن تتعاون تلك الفرق فيما بينها، وتستجمع المعلومات وتثري أجيالنا بالمعلومات الكافية عن تلك الشخصيات وتحاول إحياء ذكراها بما ترفد من معلومات صحيحة للمنبر الحسيني بسبب أهميتها التأريخية.
هوية أم البنين الشخصية
هي فاطمة بنت حزام الكلابي العامري تلقب بأم البنين، زوجة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بعد وفاة الزهراء عليها السلام وهي من قبيلة بني كلاب من العرب الأقحاح من بني عامر بن صعصعة، وأمها ثمامة بنت سهل الكلابي. ( من الويكيبيديا ).
مميزات هذه المرأة
أولاً: أنها زوجةَ أمير المؤمنين وخليفة رسول الله، وأم لأربعة أولاد من الإمام علي عليه السلام عليه السلام، تزوجها أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وكان من خلقها العالي أنها إلتمست منه عدم تسميتها بفاطمة لكي لاتُذَكِّر الحسنين بإمهما الزهراء عليها السلام.ثانياً: تقديم الدعم والتأييد للإمام الحسين عليه السلام وكان لها دورها التحضيري لإشراك أبناءها الأربعة في الإعداد لنصرة الإمام الحسين عليه السلام في حربه الأعداء.ثالثاً: إظهار معالم الصبر الجميل الذي تَحْمِلُه وهي تسمع بمقتل أولادها الأربعة.رابعاً: حسن مواساتها لنساء بني هاشم وماظهر من إيثارها حياة الإمام الحسين عليه السلام على حياة أبناءها الأربعة، وماأوثر عنها من مواساة صادقة أبدتها للسيدة زينب عليها السلام لحظة لقائهما بعد الحرب رغم فقدها للأبناء الأربعة.خامساً: قوة موقفها العقائدي والمبدئي المستند الى الإيمان والمعرفة بحقائق ومجريات الأمور.سادساً: أشتهر عن منزلتها ووجاهتها عند الله بإستجابة دعاء المضطر عند قراءة سورة الفاتحة وإهداءها الى روحها الطاهرة رضوان الله تعالى عنها.
أولادها الشهداء في معركة الطف
أولاً: العباس بن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وأمه أم البنين الكلابية رضي الله عنها. ثانياً: عبد الله بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأمه أم البنين الكلابية رضي الله عنها.ثالثاً: جعفر بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأمه أم البنين الكلابية رضي الله عنها.رابعاً: عثمان بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأمه أم البنين الكلابية رضي الله عنها.
خاتمة
إن الإيمان بعدالة ومشروعية حركة الإمام الحسين عليها السلام حَرَّك َ كل دواعي الصدق والمصداقية في حب الإمام الحسين عليه السلام والرغبة في الإستشهاد يوم الطف، يوم لَبّى المؤمنون نداء ربهم بالجهاد والموت في سبيله.
رزقنا الله شفاعة النبي محمد وآله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، ورزقنا الله شفاعة أصحاب الإمام عليه السلام، وشفاعة كل من رضي الله عنهم من محبي الحسين عليه السلام خصوصاً أصحابه الذين إستشهدوا بين يديه، وشفاعة كل من واساه وبذل مهجته في سبيل الله بعد الطف، وكل الذين رضوا بفعل اإمامهم الحسين عليه السلام، وعلى رأسهم المؤمنة الصابرة الصالحة أم البنين رضي الله عنها وأرضاها.
https://telegram.me/buratha