احمد عبد الرحمن
نحتاج دائما، ولاسيما من يشغلون مواقع المسؤولية، الى استذكار تاريخ طويل حافل بالتضحيات امتد لعقود من الزمن، تمثلت بفترة تسلط نظام البعث الصدامي على مقاليد الامور في العراق، وتحكمه بمصير العباد والبلاد بطريقة غابت عنها ادنى المعايير والاعتبارات والقيم الانسانية والاخلاقية والدينية والقانونية.ان عقود التسلط والاستبداد الصدامي شهدت سقوط عشرات الالاف من الضحايا من ابناء الشعب العراقي بطرق ووسائل مختلفة اتسمت بأقصى درجات البشاعة والوحشية، وكانت مسيرة المواجهة مع نظام البعث الصدامي حافلة بكل صور البطولة والتحدي والصمود والاباء والشجاعة، التي رافقتها صورا مأساوية تمثلت بالتهجير القسري، ومصادرة الاملاك والممتلكات وتفتيت الكيان الاجتماعي، والمقابر الجماعية والانفال، والاسلحة الكيمياوية، وكل ما يمكن ان يتصوره المرء وما لايمكن ان يتصوره.وما لا يختلف عليه اثنان هو انه لولا تلك التضحيات الجسام، ماكان لذلك النظام الارهابي المجرم ان يسقط ويزول الى الابد غير مأسوف عليه، وما لايختلف عليه اثنان ايضا هو ان تكريم من قدموا التضحيات ليتنعم هذا البلد بالحرية والديمقراطية، ينبغي ان يكون مبدأ عاما حاضرا طوال الوقت، وليس في مناسبات دورية واحتفاليات دعائية فقط. وتتعدد وتتنوع اشكال ومظاهر التكريم دون ان تقتصر على الجوانب المادية، ولعل واحدة من تلك الاشكال والمظاهر هي ان لانجعل من تضحيات الامس جسرا لتحقيق طموحات ورغبات اليوم، بأطارها الخاص والضيق.الخطأ الفادح والظلم الكبير هو ان يصار الى استغلال تضحيات عظيمة من اجل تحقيق مكاسب محدودة، والصائب جدا هو استثمار تلك التضحيات لمنع عودة الديكتاتورية والاستبداد والتسلط مرة اخرى وترسيخ التجربة الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات بناء صحيحا وسليما وصائبا.ان التكريم والاستذكار الحقيقي للشهداء والمضحين يتمثل بعدم تبديد تضحياتهم وماثرهم في معمعة التنافس والتصارع السياسي على هذا الموقع وذاك، فالمبدأ الصحيح هو النظر الى المواقع والمناصب على انها تكليف لتقديم افضل الخدمات لابناء الشعب لاسيما المضحين منهم، وليس تشريفا وبابا لنيل المكاسب والامتيازات على حساب الوطن والمواطن.
https://telegram.me/buratha