حافظ آل بشارة
دوائر الدولة معنا ام علينا ؟ المواطن المخذول هل لديه قلب يحتمل المزيد من المنغصات ؟ هذا العدد المتصاعد من الشدائد اليومية هل يجب ان يكتمل بما تمارسه بعض دوائر الدولة من تعذيب واذلال ؟ عندما يكون المواطن بحاجة الى مراجعة احدى الدوائر الحكومية فسوف تهيمن على كيانه الانساني منذ منتصف الليلة الماضية وحتى الصباح مشاعر قلق وكآبة وضجر لا توصف ، فالذهاب الى دائرة معناه اجتياز عدة حواجز كونكريتية وعدة بوابات للتفتيش الجسدي ، وربما تخلل بعض فصول التفتيش شم الكلاب البوليسية ، واذا لم يوافق الكلب او يوقع على مرور المراجع منعوه من الدخول او دارت عليه الدوائر ، ومن يستنكر وجود الكلاب سيغير رأيه في النهاية عندما يكتشف ان الكلاب ارق طبعا من بعض البشر ، بعد التفتيش وحجز الموبايل والهوية الشخصية تبدا رحلة المعاملة ذات التفاصيل البرزخية ، علاقة المراجع بالموظف فلسفيا هي علاقة تناقض وجودي فالمراجع نقيض يجب ان يقابله الموظف بوجه مكفهر واعصاب ثائرة فان سلم عليه كان رده :( شتريد )؟ ... وقد يبقى طابور هائل من الرجال الخشنة بالانتظار وقتا طويلا ، موظفة كالعروس على الكرسي لاتعمل شيئا سوى تثبيت ختم وتوقيع على الورقة وقد تتلوث الاوراق من مكياجها ، تصور ضحايا الطابور ان الموظفة لم تحضر بعد ، وعندما يذهب احدهم ليتحرى الخبر يجدها ويا للهول تتحدث بالموبايل ، و قد طال الحديث والهمسات والضحكات ، والمراجعون ينتظرون وكبار السن منهم كادوا يسقطون ، والضحكات مستمرة وبين الحين والآخر ترشق تلك العروس الحكومية المراجعين الذين يسلقهم الحر والتعب بنظرة عجيبة هي خليط من التشفي والاحقار ، صحيح ان اغلب الدوائر فقدت القانون واعتادت على فقدانه ، ثم فقدت قوة الردع والمحاسبة واعتادت ، لكن المواطن بقي يعول على مايسمى بالمستحاه ، ولكن المستحاه هي الاخرى هزمت ، الغريب ان الموظف ( ليس كل الموظفين) مواطن من امثالنا ولكنه ما ان يدخل الى باب الدائرة حتى يتحول الى طاغية مصغر ، فمن تقاليدهم الغريبة انهم يجب ان لا يجاملوا المراجعين ولا يعطفوا على كبير ولا يواسوا منكوبا ، تكبر وقسوة وغطرسة وانانية فاذا انتقد احد المراجعين موظفا من هذا النوع او عاتبه ظل وجهه مسودا وهو كظيم . كان المراجع قبل سنوات يعاني من فساد بعض الموظفين وطلبهم الرشوة العلنية وعندما منعت الرشوة وتراجعت قرروا اخذ ثأرهم من الشعب والحكومة بالتباطؤ والتلكؤ وايذاء المواطن وتعذيبه والضحك على معاناته ، ولو بقيت الرشوة لكان الوضع افضل بكثير ، الغريب ايضا ان اجواء بعض الدوائر الحكومية ليست اجواء عمل منتج وخدمة جادة بل هي اقرب الى اجواء الملاهي الليلية ،(ليس كل الموظفات) وجوه ملطخة بالاصباغ الكيمياوية المكثفة وازياء كازياء المغنيات ومشية كمشية عارضات الازياء ، ولهو ولعب وزينة واكل لفات وشرب عصير واحاديث في الموبايل ، واذا عاتبها مراجع منتوف الهامة : لماذا تهدرين الوقت الرسمي ؟ لماذا لاتؤدين عملك الذي تتقاضين عنه راتبا ؟ وقعت الواقعة فانقلب التغنج الى زئير والرقة الى هدير ، وتدخل المدير ، احد الحجاج من اعمامنا الاشاوس كان يراجع دائرة فسأل احدى عارضات الازياء في تلك الدائرة فقال : (عمي يرحم الوالد هل شاهدك ابو الجهال صباحا وانت تخرجين كالعروس الى الدائرة ام انه كان نائما؟ ) ، قالت : نعم يراني ، فضحك الحجي بمكر وقال : (قرة عينه) ، الناس يسألون : هل هناك موقف بهذا الشأن لحكومة الاسلاميين ؟ وماذا سيجري في ظل حكومة العلمانيين؟ ثقافة عارضات الازياء في الدوائر دخيلة على هذا الوطن العربي المسلم العشائري العفيف . من المسؤول عن هذه المهزلة ، المرتشون تطارهم هيئة النزاهة ، والارهابيون تطاردهم القوات الامنية ، فمن يطارد عارضات الازياء في دوائر العراق الجديد ؟ .
https://telegram.me/buratha