حافظ آل بشارة
جريمة قتل جماعي جديدة في حي البياع ببغداد ، عصابة من عشرة افراد تهاجم محلات الصاغة وتسرق وتقتل وتصطدم بافراد الشرطة حيث تقع مذبحة ضحاياها المدنيون من الاهالي ، القوات الامنية اصطدمت لاول مرة بارهابيين لحظة التنفيذ ، وسواء كان هذا الاصطدام قد جرى بالصدفة ام انه جرى بجهد منظم فهو من علامات التقدم في عمل الاجهزة الامنية ، الجريمة الجديدة تذكر العراقيين بالاسئلة الدائمية التي يجري طرحها كلما تكررت المأساة ، جريمة السطو والقتل في البياع ألم يكن ممكنا منعها قبل ان تقع ؟ فالقوات الامنية وجهت ضربة موجعة الى عصابة القاعدة بقتل قادتها الاساسيين واعتقال آخرين وكشف شبكات واسعة ، وتعلم القيادة العسكرية أن القاعدة اصبحت تعاني من مشكلة التمويل الامر الذي يعني انها ستنظم عمليات سطو على المصارف ومحلات الصاغة ، كما اصبحت الدوائر الامنية مهيمنة معلوماتيا على ساحة المعركة بفضل اعترافات ومعلومات تفصيلية قدمها اعضاء العصابات المعتقلين في وثبة الاسد ، وهذا يعني ان عصابات القاعدة انكشفت معلوماتيا وافلست ماليا وفقدت قيادتها لكن ذلك لم يمنعها من ارتكاب الجرائم لأن تنفيذ الجرائم العشوائية لا يحتاج الى استحضارات صعبة ، ولكن كل ما موجود لدى الاجهزة الامنية من معنويات افضل وتدريب أقوى وتسليح واستخبارات احدث لم تسهم في تمشيتها خطوة باتجاه منع الجريمة قبل وقوعها أليس هذا جديرا بالتأمل؟ ولكن القضية لا تتوقف عند جزئيات الاداء اليومي بل هناك عناصر تهديد ذات طابع ستراتيجي تشكو منها البلاد من الداخل والخارج ، ففي الداخل ما زالت الايدي الصدامية تعبث بالملف الامني وما زال رموز القمع القدامى يتحكمون بالمفاصل المهمة في الدوائر الامنية ، وما زال الشرفاء والوطنيون من الضباط يواجهون الاقصاء والتهميش والتطويق ، كما بلغ الفساد المالي والاداري في القوات المسلحة مديات جديدة واستفحل الى حد انه تحول الى تقاليد ادارية في الدوائر الامنية ، يتفرج عليها الذاهب والآتي بلا ابالية كاملة ، كما ان استمرار الازمة الدموية يذكرنا بالتدخل الاقليمي المتواصل في شؤون العراق ، وكيف ان بعض دول المنطقة اعتادت على التعامل معه بلغة التهديد والوعيد وكأنه ضيعة تابعة لهم ، وهذا الاسلوب في التعامل ينبغي ان يثير حفيظة الحكومة والبرلمان القديم والبرلمان الجديد والكتل والاحزاب وأجهزة الاعلام والمنظمات والعشائر وكل مسميات العراق ، وكان آخر اشكال التدخل الاقليمي في شؤون العراق تصريحات رئيس الاستخبارات السعودية السابق تركي الفيصل وتشكيكه بالانتخابات وتوقعه حربا اهلية كتهديد مبطن بالعودة الى اثارة الفتنة الطائفية ، الرجل ذكر العراق بالاسم تصريحا لا تلميحا وذكر سياسييه بالاسم غير خائف ولا مستح واطلق تهديداته بلغة واضحة كمن يعلم انه آمن لايخشى من عقوبة ولا يعبأ لعتاب ، والمثل يقول : ( تعدو الذئاب على من كلاب له وتتقي صولة المستأسد الحامي) ، من جانبهم العراقيون يشعرون دائما بالخوف والنقص ، يذبحهم هذا وذاك وهم يدعون الى العقلانية والتهدئة وعدم ازعاج دول المنطقة وكأنهم جاءوا شيئا فريا يخجلون منه ومن حق الجميع ان يهددهم وينفض راسه عليهم ، مع ان أغلب حكام المنطقة خدم في البيت الامريكي والاسرائيلي ولا يخجلون ، مذبحة البياع ثمرة مباشرة للتحريض العربي المتواصل الذي اخفق العراقيون في العثور على المفاتيح السرية لاغلاقه ، مفاتيح افواه المحرضين العرب معروفة وعلى العراقيين الامساك بتلك المفاتيح واسكات هؤلاء الذين يصبحون رجالا عندما يكون الحديث عن العراق فقط .
https://telegram.me/buratha