كان العراقيون يعانون في زمن النظام المباد من ظلم الطاغية اللامتناهي ومع ذلك فانهم صبروا وقاوموا وقدموا التضحيات لأن عدوهم واضح المعالم وهدفهم محدد رغم شراسته وقوة سطوته ، واما الوزراء والمسؤولون في ذلك العهد فانهم كانوا ( خراعة خضرة ) ومغلوب على امرهم كما كانت المرأة العربية في زمن الجاهلية .
وبعد الذي حصل في عام 2003 وقطع رأس الافعى وانهاء حقبة الظلم والجور بقي جسدها حيا يتلوى في جحور السياسة لتخرج من جديد ولها اكثر من ثلاثين رأسا بعدد الوزرات في حكوماتنا العتيدة التي تعاقبت على ادارة شؤون البلاد والعباد خلال السنوات الماضية . وامام هذا المارد الغريب الذي لم تعرف له البشرية نظيرا طيلة تاريخها السحيق وقف الشعب مذهولا ومتحيرا في كيفية القضاء على هذا الوحش ، فأي رأس يقطع وأي نظام يقاوم واي تضحية يقدم وهو الذي اختار عبر صناديق الأقتراع لنفسه هذا النوع من النظام ظنا منه بانه سبيل الخلاص الوحيد ولكنه اكتشف فيما بعد انه سبيل الدمار المحتوم الذي لا مفر منه وكما يقول المثل الشعبي ( غربت ردت الزود طحت بنكيصة ) ووقع مابين امرين احلاهما مر ، اما ان يقبل الواقع على مضض ويتجرع السم ، أو ان يقاوم فيقع في كماشة الدكتاتورية من جديد . واما كبار القادة الذين اتخذوا من جماجم الشهداء سلما للوصول الى كرسي الحكم ومن دماءهم تاجا للملك فقد تفرعنوا الى درجة فاقت التصور وحطمت الأرقام القياسية العالمية ولم يكترثوا للآلام هذا الشعب التي لا يبدو ان لها نهاية قريبة لأن " فخامتهم " قد احتكروا السلطة لأنفسهم متناسين انهم قبل سبعة اعوام خلت " لم يكونوا شيئا مذكورا " .
على كل حال فان الحديث اطول من ان يختزل في مقال والجرح اعمق من ان يلفه ضماد ولكن ما اريد ان اقوله الى من سيشكل حكومتنا القادمة هو اننا لسنا بحاجة الى وزراء " تكنوقراط " او من اصحاب الشهادات العالية او من ذوي الخبرات الطويلة ، بل ان كل ما نريده هم وزراء من حملة شهادة محو الأمية ولكنهم يملكون جباها " تعرق خجلا " ويستحون من الكذب على شعب فتك به الكذب اكثر مما فتكت به الدكتاتوريات المتعاقبة .
https://telegram.me/buratha