ميثم الثوري
الديمقراطية ثقافة وايمان وممارسة قبل ان تكون الية ونظام لتداول السلطة وفن لادارة البلاد والاعتقاد بالديمقراطية ينبغي ان يكون اعتقاداً بكل مفرداتها وبكل انعكاساتها وتداعياتها والقبول بكل نتائجها ومخاضاتها.واما التعاطي مع المفهوم الديمقراطي وفق حسابات الربح والخسارة والمصالح الخاصة وبانتقائية وازدواجية مقيتة بحسب ما يتحقق لنا من منافع خاصة والقبول بالوجه الاخر للديمقراطية الذي يحقق مصالحنا وغاياتنا فان ذلك يعني تطويع الديمقراطية لنزعاتنا السلطوية والتعامل معها بصورة شكلية تبتعد كثيراً عن محتواها الهادف وغاياتها النبيلة.التعاطي مع المفهوم الديمقراطي لا يقبل التجزئة والتفريق فنأخذ ما ينسجم مع توجهاتنا وندع ما يتعارض مع متبنياتنا فنؤمن بها ظاهراً ونرفضها واقعاً فهذا من النفاق السياسي او النفاق الديمقراطي ان صح التعبير.وليس التعامل مع المنهج الديمقراطي اتخذ نفس هذه المسارات النفعية والانانية بل حتى بعض المحسوبين على الدين يتعامل مع الشريعة واحكامها وفق ما توفره له من منافع وفوائد ومصالح خاصة بينما لو تقتضي ضرورة الالزامات والنواهي الشرعية التضحية ببعض المصالح والمنافع فانه سرعان ما يتخلى عنه وهذا ما اشار اليه الامام الحسين بن علي بن ابي طالب في احدى كلماته المؤثرة والمثيرة " الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درت معائشهم فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون"هذا التعاطي البراغماتي مع الشريعة والقانون والديمقراطية يعني تحايلاً واضحاً لهذا القيم وهو ما يضع هؤلاء الذين يحاولون لي عنق الاحكام الشرعية والدليل الشرعي ليحاكي مصالحهم ومنافعهم امام مخاضات واقعية خطيرة.القبول بالديمقراطية ينبغي ان يكون قبولاً شمولياً وليس انتقائياً منقوصاً فليس للديمقراطية وجهاً واحداً يعني المصالح الحزبية الخاصة وتحقيق بعض الغايات المقبولة للوصول الى السلطة باعتبارها تعني فيما تعنيه حكم الشعب سواء عن طريق التفويض النيابي او الديمقراطية المباشرة التي انتفت الحاجة اليها بعد اتساع طبيعة الدولة والشعوب وصعوبة ممارسة الديمقراطية المباشرة التي مارسها اليونانيون في العصور الغابرة في سياق المدن الصغيرة التي يمكن اجتماع الناس في مكان واحد والتصويت على امر معين وقرار محدد.الوجه الاخر للديمقراطية الذي ينبغي الاعتقاد به هو مقدار ما يمكن ان نضحي به ونقدمه من خسائر على مستوى سعينا للوصول الى السلطة فقد يتحول هذا الوجه الخطير الى سيف حاد لاقصاء الكثيرين من الساعين الى السلطة.وهذا الفهم يشبه الى حد بعيد معنى القرعة في الشريعة الاسلامية التي هي لكل امر مشكل مع الفارق بالتطبيق والقبول بالقرعة في الامر المشكل يتفرع عنه التسليم بنتائج القرعة وان صبت لغير صالحنا والا فهذا يعني اننا نريد تطويع كل الاحكام لمصالحنا الخاصة.ومن هنا فان المشروع الديمقراطي والايمان به يستلزم منا جميعاً القبول والتسليم بنتائجه وان جرت لغير صالحنا فهذا ما عبر عن سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في اشارته النابهة الى اننا نقبل الانتخابات حتى لو لم تحقق لنا ما نصبوا او نطمح اليه.
https://telegram.me/buratha