الدكتور يوسف السعيدي
المؤلم والمحزن والمخيف إن بقيت الأوضاع على ما هي عليه في كل أقطار العالم العربي من خنوع وتملق وانتهازية ووصولية وسكوت عن الظلم وإنكار للحق وتزييف للحقيقة، أن تغرق شعوب هذا العالم في حالة من اليأس والإحباط، وتلتهمها نيران الضغائن والأحقاد، وتعود إلى موروثها الدموي لتسن منه الرماح والنبال المسمومة لتطعن بها كليبا آخر، ويظهر جساسون جدد.كنا نتصور بعد قرون من الانفتاح الحضاري على العالم الآخر ومدّ الإنسانية بأقدس رسالة في هذا الكون دينيا وأخلايا وثقافيا وتربويا واجتماعيا أننا ودّعنا والى الأبد جاهليتنا الأولى، وخرجنا من دوائر القبيلة وأعرافها وأحكامها وقيودها، وأن الزاد الوحيد الذي أخذناه منها هو النبل والشرف والوفاء والكبرياء.هل كتب علينا أن نعود في كل مرة إلى الخيمة نفسها لنستحضر رموز القبيلة ونؤلبهم على إخوانهم وبني جلدتهم، وننكر عشق عنتر لعبلة، ونجرّم قيس لأنه أحب ليلى وندوس على حلمهم الجميل.هل قدّر لنا أن نرجع في كل مرة إلى أزمنة الانحطاط وعصور الحريم والجواري والعبيد لنستعطف الكافوريين، ونظل واقفين على أبواب التاريخ نشاهد حبال المشانق في كربلاء.هل قدّر للحسين أن يموت مرتين من أجل جرعة ماء، وتسقط كلماته من غير أن تنقذ الحق من ذهب الأمراء..؟وهل بإمكان ابن رشد أن ينصفنا من الدجّالين والسفهاء..؟هل يجوز للعرب أن يتخاصموا فقط فيما بينهم ويضمرون الشر لبعضهم البعض وينزلون الفارس من على صهوة جواده ولا يشعرون بالغيرة على شرفهم المداس، وعلى رموزهم الدينية والحضارية وهي تنتهك وتتعرض للتحريف وللتزييف..!كيف يمكن أن يكونوا على غير هذه الصورة وعلى غير هذا الوضع وهم راضون ومستسلمون صاغرون مستعبدون يجلدون على جباههم وعلى جنوبهم، دخولهم إلى أماكن العبادة كخروجهم منها لا شيء يحمي فيهم الضمائر والنفوس كأنهم ما سمعوا وما تلِيت عليهم الآيات الكريمة ولا وقر الإيمان في قلوبهم، صُمُّ عُمي فهم لا يبصرون.؟هل بأمثال هؤلاء وبمن يحكمهم تتحرر العقول.. وتنزع الغشاوة عن الأبصار، وتستقيم الأوضاع ويعود الرشد إلى من لا رشد له.؟هل بهؤلاء الذين يكيدون لإخوانهم ويكرسون المظالم ويدفنون الحق ولا يجهرون إلا بالباطل، في حين ترتعد فرائصهم ويصابون بالخوف وبالذعر من عدوهم التاريخي، يمكن أن نتوسم الخير ونأمل في المستقبل، ونحلم بالتغيير..؟..
https://telegram.me/buratha