مرضي البصري
إستهل الدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق مقاله الموسوم (التجربة الانتخابية بين بغداد ولندن.. تقارب الشكل واختلاف المضمون) بمنطق أعرج ينظر للأمور بعين واحده. فمرة يقيس العراق مع الفارق ببريطانيا ومرة يهدد العراقيين بسفك الدماء وكأن ما سفكه ورفاقه من دمائنا ليس كافيا لردعهم عن غيهم الذي هم فيه يعمهون.السيد طارق الهاشمي يفتخر بفوز رجل الاعمال البريطاني من أصل عراقي كردي ناظم الزهاوي بمقعد في مجلس العموم مستدلا بذلك على علاقة الشعبين العراقي والبريطاني الحضاريه لكنه وبدون خجل إعترض على تولي عراقي كردي لمنصب رئيس الجمهوريه بحجة عروبة العراق. هذه جريمة تمييز عرقي يعاقب عليها قانون بريطانيا بالسجن وفضيحه سياسيه وأخلاقيه تلقي على صاحبها قذارة الخزي ووسخ العار طيلة حياته. السيد نائب رئيس جمهورية العراق معروف بإستغلال منصبه لتعطيل قرارات أعلى مؤسسات الدوله الدستوريه فتارة يرفض توقيع قرارات القضاء العراقي موقفا إنزال العقاب الصارم بإعدام الارهابيين قتلة العراقيين وتارة أخرى يعترض على قانون الانتخابات المصادق عليه من مجلس النواب غير عابيئ بإستقرار البلد لا بل تراه يطعن بكل قرار دستوري أو قضائي يتصوره غير منسجم مع رؤيته للدوله العراقيه بينما يسخر إمكانيات هذه الدوله للدفاع عن المجرمين اللذين انتهكوا حرمة العراق مطالبا بإطلاق سراحهم كي يسفكوا مزيدا من الدماء ويهدموا جديدا من البيوت على رؤوس فقراء العراقيين. أنك يا نائب رئيس جمهوريتنا تزور أولئك الارهابيين حريصا على راحتهم فتملأ الدنيا زعيقا وتشغل الناس نعيقا أذا تعرض أحد من هؤلاء القتله الى خدش أو أرش. مثل هذه الفضائح لا يجرؤ على إرتكابها أبسط مواطن بريطاني ناهيك عن قادة الاحزاب فهل سمع السيد طارق الهاشمي عن سياسي بريطاني دافع عن متهم (وليس مدان) من اللذين فجروا مترو أنفاق لندن أو حتى من أعضاء الحزب الجمهوري الايرلندي السري أو هل تدخل واحد من سياسي بريطانيا في عمل الاجهزه الامنيه لاطلاق سراح هؤلاء المتهمين بالتفجيرات. على العكس من ذلك فأن كل الشعب البريطاني بمختلف أعراقه وطوائفه وأحزابه وقف كتفا بكتف كالبنيان المرصوص وراء حكومته للتخلص من الارهاب لا بل تراهم يطالبون حكومتهم وأجهزتهم الامنيه بإتباع حزم أشد وعزيمة أقسى مع من يساند الارهاب ولو بالكلام فقط.قارن السيد طارق الهاشمي بين الدوله العراقيه الناشئه مع دولة بريطانيا العظمى مستدلا على أن الفوز هو الفوز سواء جاء بالاغلبيه أو النسبيه ملمحا لرضوخ الجميع لسيطرة قائمته المشكوك بفوزها على مقدرات العراق من جديد. لا شك ان عقلية إرضاخ الجميع هي من إنتاج النظام البعثي البائد بإمتياز والواضح جليا سيطرتها على تفكير السيد الهاشمي ورفاقه في قائمة أياد علاوي الساعين بما أوتوا من الدعم الخارجي لتغيير التغيير وبالتالي إخضاع العراق لحكم الرفاق الجدد.من المعلوم لذوي الاهتمام أن النظام البرلماني لا يلتفت لمن فاز بالانتخابات أو خسرها فالذي يقود الحكومه هو من يقنع خصومه الاخرين بالانضمام الى برنامج مشترك بينهم لتشكيل هذه الحكومه لذا نشاهد بعض الحكومات يقوم بتأليفها أحزاب خاسره أستطاعت تحقيق أغلبيه برلمانيه تاركة المعارضه البرلمانيه للحزب الفائز وهذا حصل في السويد والدنمارك وغيرها. أما في النرويج فعندما لم يستطع حزب العامل الفائز من تشكيل الحكومه ترك بوندفيك زعيم حزب الشعب المسيحي ليقود حكومته الاولى كحكومة أقليه (جمعت أقل من نصف مقاعد البرلمان). المؤكد أن قائمة السيد الهاشمي لم تقنع أي من خصومها بأهليتها لتشكيل الحكومه المقبله رغم أساليب التهديد والوعيد التي يتبعها صقور القائمه لاخضاع العراقيين.جميع الشعوب المحرره من حكم ديكتاتوري حرصت على تشريع قوانين صارمه لمنع تكرار خضوعها للطغاة مرة أخرى. ومن هذه التشريعات مثلا هو منع أي فعل أو قول يمجد رجال الحكم الديكتاتوري أو أعمالهم ويعاقب بشده من يخالف ذلك. أن الشعب العراقي يرى صقور القائمه العراقيه أكثرهم من رجال الحكم الديكتاتوري البائد لا بل هم يفتخرون علنا بإنتمائهم لحزب البعث ولم نسمع يوما منهم إدانه لجرائم البعثيين بحق العراق والعراقيين ولا حتى إعتذار ولو من باب المجامله!لقد قاطعت الدول الاوروبيه النمسا سياسيا واقتصاديا حين فاز حزب الحريه بإنتخابات الرئاسه النمساويه والسبب هو تصريح لزعيم الحزب يورك هايدر فسر تعاطفا مع النازيين الذين أسرتهم قوات التحالف بعد تحرير برلين من حكم هتلر الديكتاتوري في أعقاب الحرب العالميه الثانيه. ولم يجدي الاعتذار المتكرر لهايدر ولا ندمه المعلن من تغيير الموقف الاوروبي حيث إن هذه المقاطعه أجبرت الحزب على سحب مرشحه للرئاسه النمساويه ولم تعبأ أوروبا باستحقاقه الانتخابي.نفس الشئ حصل عندما تقدم لوبان في الجوله الاولى من إنتخابات الرئاسه الفرنسيه بسبب تفرق الاحزاب المؤمنه بمبادئ الجمهوريه الفرنسيه. ضغطت أوروبا بكل ثقلها مما أجبر لوبان بالفعل على التقهقر في الجوله الثانيه.أذا هذا يحصل في أوروبا مهد الديمقراطيه حيث لا مكان لمن لا يؤمن بمبادئ نظامهم السياسي فكيف يتوقع السيد طارق الهاشمي وغيره إخضاع الشعب العراقي لمن لطخت أياديهم بدماء أبنائه الابرياء وهل استخف بالعراقيين حتي بات يتصور أنهم نسوا قاطعي رقابهم ودافنيهم في المقابر الجماعيه أو مدمري قراهم بالاسلحه الكيمياويه أولئك البعثيين الذين ما فتأوا يساندون الارهابيين وينشرون القتل والخراب في الاسواق والازقه.لقد إعتاد البعثيون على تقمص دور الصلحاء والمخلصين الاوفياء وهم خارح السلطه وتراهم يتكلمون عن الحريه والمساواة حتى يخيل لسامعهم أن نيلسون مانديلا قد تعلم منهم أصول حقوق الانسان. لكن ما أن يتمكنوا من السلطه حتى يخلعوا ما تقمصوا ليعلنوا حقيقتهم الوحشيه فيدمروا كل شئ جميل يقع تحت أيديهم. هذا ما عاشه العراقييون طيلة حكم البعثيين ولن يسمحوا بتكرار ذلك مرة أخرى.
https://telegram.me/buratha