بقلم : محسن امين
بالرغم من ان المرحوم علي الوردي قد اشبع مفهوم الازدواجية بمفهومها الاجتماعي وضرب لذلك العديد من الأمثال التي سطرها في مؤلفاته كوعاظ السلاطين وغيره مما كتبه في تحليل شخصية الفرد العراقي الذي توصل به البحث الى ان الشخصية العراقية شخصية ازدواجية تحمل قيم متناقضة هي قيم البداوة وقيم الحضارة ، مرجعا ذلك إلى أن لجغرافيا العراق أثر في تكوين الشخصية العراقية فهو بلد يسمح ببناء حضارة بسبب النهرين ولكن قربه من الصحراء العربية جعل منه عرضة لهجرات كبيرة وكثيرة عبر التاريخ آخرها قبل 250 سنة تقريبا.
وبعيدا عن صوابية الراي من عدمه ، لايشك احد ان العديد من الشخصيات لاسيما الكتاب والشعراء يتعرضون في فترات من اعمارهم الى تناقض في الراي يمكن ان يؤشر بحقهم.
على سبيل المثال ذاك الشاعر الحطيئة فهو يتربع على القمة في التناقض فهو المادح ليلا الهاجي نهارا حتى ان اكثر اهل زمانه يتحاشون لسانه بحسب تعبير المؤرخين ، فيما يلتمس له بعضهم العذر كونه كان يعيش حالة الفقر المقذع وقد جعل من لسانه (شعره) وسيلة للتكسب فيقوم بمدح هذا وهجاء ذاك .
هذا وليس الكتاب والمؤرخين بمنأى عن وقوعهم في تناقضات لاسيما اذا امتد بهم العمر وتعددت نتاجاتهم عندئذ يكون لكل حاثة في زمن رأي لهم فيها .. بعد حين.
نعود الى صلب حديثنا وننقل بعض ما نشر مؤخرا عن الكاتب حسن العلوي ذو الأصول البعثية والذي دخل المعترك السياسي من أوسع أبوابه (البرلمان العراقي عن القائمة العراقية). نقل عنه انه انتقد تحالف ائتلافي الوطني والقانون مؤخرا ووصفهم بوصف اعتبر مسيئا للشيعة .
ويقول الخبر إن العلوي قال - العلوي- من على قناة البغدادية انه بعد لقائه الأخير مع المالكي استنتج إن وزارة تجمع الائتلافيين الوطني ودولة القانون الذين وصفهما بالشيعيين فإنها ستكون وزارة " نَّوَرْ" أي وزارة من " الغجر" .
ففضلا عن كذبه -العلوي- هنا وقع في تناقض كما عودنا دائما من شخصيته المثيرة للاستغراب لاسيما في الفترة الأخيرة من عمره الفاني.
فالغجر الذين يشبه بهم الشيعة لم يكن - بحسب الأخبار - إنهم من أصول عربية بل تشير بعض الإخبار أنهم من أواسط آسيا وأفغانستان وانتشروا في مناطق متفرقة ولايحق للعلوي أن يشبه هؤلاء بالشيعة الذي أكد في أكثر من مرة ان الشيعة عرب اصلاء ، وقد يثيرك ان يتحدث بعثي عن الشيعة كما تحدث العلوي عنهم.
يقول في كتابه ( الشيعة والدولة القومية ص19) " ... ولكن احدا من المؤرخين لم يختلف على مكان ظهور التشيع في الجزيرة العربية ، وبهذا يكون التشيع عربي المولد والنشأة".
ويتحدث العلوي عن ما سماه (عروبة الخلافة) ويقصد الحاكم" إن شرط الحاكم - لدى الشيعة- يجب أن يكون عربيا وهو مالم تشترطه المذاهب الأخرى".
وينقل كذلك في المصدر ذاته ص (20) " يبدو واضحا إن الحركة الشيعية - كما يقول د محمد عمارة - بدأت حزبا عربيا واستمرت كحزب عربي ، ولم تكن في يوم من الأيام حركة شعوبية للعناصر غير العربية في مواجهة العناصر العربية التي كانت سيطرة في ذلك الحين".
لم يكن العلوي غافلا عن تلك الحقائق وهو الباحث والمنقب والشاهد على العديد من الأحداث التي مرت بها العراق لاسيما تلك التي كانت تحاك داخل قصور رؤساء الدولة بحكم قربه من احمد حسن البكر وصدام لاحقا والتي تعتبر فترات حكمهم من أسوء الفترات التي مرت بالعراق على الإطلاق ، وقد اكسب موقعه هذا ميزات اختمرت مع مواصفات التملق التي يتقوت بها ويعتاش بها.
ويجمع المراقبون ان الحال الذي وصل اليه العلوي اليوم هو بداية السقوط بعينه ،واعني به الفكري ، كونه دخل في السياسية التي كانت ينظر لها ولا يمارسها ، الأمر الذي جعله يتمترس تهيأَ وتحضيرا للظهور ويصرح بأي شكل كان.
اختم بكلام للسيد العلوي من على شاشة الحرة قبل اشهر وقد سأله مقدم البرنامج عن الشيعة فقال " إن عراق بدون شيعة لايسمى عراقا ".
https://telegram.me/buratha