محمد دعيبل
في كل يوم تطالعنا القنوات الفضائية والصحف المحلية في العراق عن مباحثات جديدة تمهيدا لتشكيل الحكومة المقبلة فمرة نسمع ان هناك حوارات مشتركة بين ائتلافي الوطني العراقي والقانون وان المباحثات قد وصلت الى مرحلة النضج حتى ان الائتلافين تحالفا فيما بينهما ولكن لم يندمجا في كتلة واحدة ليمنحا فيما بعد الحق القانوني ليكون رئيس الحكومة من الائتلافين حصرا وفقا للمادة "76" من الدستور العراقي ، فيما نستمع الى تصريح آخر مفاده ان كل من دولة القانون والعراقية قد قطعا شوطاً كبيرا من اجل التحالف بينهما ولكن ثمة عقبات حالت دون ذلك في الوقت الذي يرتقب الشارع العراقي لقاء هاما بين المالكي واياد علاوي لحسم الخلافات بين دولة القانون والعراقية والتي بدت خيوطها تلاحك ضوء الشمس بعد مشاحنات عدة تناقلتها وسائل الاعلام المختلفة ، ومن مصدر اخر سمعنا ان التحالف الكردستاني والقوائم الكردية الاخرى تسعى لان يتحالف مع الكتل الفائزة بغية تشكيل الحكومة المقبلة. فيما ثمنت قوى وطنية وسياسية دعوة الائتلاف الوطني العراقي الفرقاء السياسيين للجلوس على طاولة مستديرة ايماناً منها بضرورة ان يترك الحديث حول شخصية رئاسة الوزراء واعطاء اولوية للبحث في البرنامج السياسي للحكومة المقبلة وذلك من خلال استقطاب الرؤى والافكار التي تطرحها القوائم الفائزة من اجل صهرها في بوتقة واحدة, وصحيح ان الكلام حول كل ما تقدم وهو جميل بحد ذاته الا ان مرور قترة ليست بالقصيرة على ظهور نتائج الانتخابات من جهة وظهورمعالم جديدة في الخارطة السياسية للعراق من جهة ثانية ,وكذلك ما اقر من قبل الهياة القضائية التابعة للمحكمة الاتحادية والخاصة بمسالة الانتخابات حول اعادة العد والفرزاليدوي في بغداد كرد قانوني على الطعون التي وجهت من قبل دولة القانون نحو نتائج الانتخابات متهمة المفوضية بحصول تزوير واسع النطاق لصالح قوائم فائزة على حساب قائمة دولة القانون بعد ثبوت الادلة المقدمة لها آنذاك كل ذلك بعث برسالة قلق الى ابناء الشعب العراقي الذي يترقب الاداء السياسي والاسراع بتشكيل حكومته عن كثب. وفي قراءة للواقع السياسي من زاوية اخرى نقول ان حدة المشاكل التي قد تعرقل سير المباحثات لعدم قبول الكتل الفائزة بتقديم المزيد من التنازلات للوصول الى حلحلة عقدة التمتع بالمناصب السيادية الثلاثة رئاسة الجمهورية والوزراء والبرلمان ، وعدم وجود قناعة كافية لدى تلك الكتل بأهمية وسيادة المقاعد البرلمانية حتى على تلك المناصب ليتمخض من ذلك كفة ميزان معادلة لكفة الحكومة تقوم بمراقبتها حذو القذة بالقذة ومن جهة اخرى فان تزايد اعمال العنف بين حين واخر وسط فراغ دستوري وضياع لدور البرلمان في تسديد الاداء الحكومي وتقويمه وبعد تلكؤ المسار السياسي في حسم الموقف انتظاراً للنتائج النهائية للانتخابات التي تنتظر المصادقة عليها من قبل المحكمة الاتحادية بفارغ الصبر، نرى بعد كل هذا وذاك ان مسألة اعادة الفرز والعد اليدي بحد ذاتها تستحق وقفة للتدقيق في مديات الاشعاعات التي تعكسها هذه المسألة واثر ذلك يمكن لنا ان نبين للقارئ الكريم تحليلين سياسيين: الاول يوحي بأن مسألة اعادة العد والفرز ستشكل عقبة كؤود امام المسيرة السياسية ذلك لانه اذا تبين التلاعب بالكثير من الاصوات في العاصمة العراقية فهذا يعني امكانية المطالبة بإعادة العلمية ذاتها في باقي المحافظات وهكذا سيتولد لدينا دوامة من المشاكل العويصة التي تقضي بالنهاية الى قناعة مفادها عدم نزاهة الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من آذار العام الجاري وهذا بحد ذاته ان حدث فعلاً فانه يوقع البلد في ازمة سياسية وفراغ دستوري لا تحمد عقباه. واما الامرالثاني:فانه وان كان من المتوقع ما ذكرناه في الامر الاول فان حدوث بعض التغيير في النتائج يبعث رسالة الى المفوضية المستقلة تعكس تقييما لادائها الميداني كي تكون اكثر موضوعية ومهنية وذات حيادية شفافية عالية في التعامل مع الملف الانتخابي للاعوام المقبلة وان كانت اخطاء اليوم غير مقصودة وبلا عمد كما يقولون. وعودة على بدء فان من حق الشعب العراقي ان يقول كلمته وبكل قوة في رسالة يبعثها الى الساسة العراقيين متمنيا منهم ان ياخذوه بنظر الاعتبار لا ان بهمشوه لمصالحهم الشخصية فهو الذي منحهم ثقته ولكن مقابل ان يكونوا بمستوى المسؤولية لتحقبق كل متطلباتهم التي ما حصدوا منها الا نزرا قليلا خلال الاعوام السابقة. وخلاصة القول فان من يتولى مسؤولية رئاسة الوزراء لابد ان يضع بالحسبان قدرته على استنزاع حقوق الشعب وتحقيق امانيه وان يعمل بكل جدية على خدمته والسير خلفه لا امامه وليعلم كل من يبغي منصبا سياديا ان من "له الغُنم فعليه الغُرم".
https://telegram.me/buratha