عدنان الجبوري
أعلم كل العلم بأن مقالي هذا في الوهلة الاولى سيفهم خطأ و سأتهم بقبولي تقسيم العراق و ترويج لفكرة مرفوضة شعبيا و لكن اتمنى قرائته الى النهاية و الحكم عليه بالرفض أو القبول و لا ادعي فيه الصواب التام او الكمال و هو ليس الا لله سبحانه ..
في بداية الأمر يجب إعطاء شرح مبسط للفدرالية و فوائدها ثم ما يمكن ان توفره للسنة في الظرف الحالي و من أجل ضمان المستقبل ..
" الفدرالية هي شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا بين الحكومة المركزية و وحدات حكومية أصغر (الاقاليم أو الولايات ) و تتقاسمان السيادة في الدولة . أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذيه والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.
الحكم الفدرالي واسع الإنتشار عالميا, وثمانية من بين أكبر دول العالم مساحة تحكم بشكل فدرالي. وأقرب الدول لتطبيق هذا النظام الفدرالي على المستوى العربي هي دولة الإمارات العربية المتحدة أما على المستوى العالمي فهي دولة الولايات المتحدة الأمريكية."
من خلال التعريف الوجيز المذكور نرى إن الفدرالية ليست الية لتقسيم الدول بل هي وسيلة لعدم حدوث التقسيم بل ضمانة لوحدة الدولة الواحدة مع تقسيم الصلاحيات بصورة عادلة و حفظ حقوق أبناء الشعب الواحد ، و النظام هذا الأكثر شيوعا و الأجدر تطبيقا في الدول العظمى و المتطورة كالولايات المتحدة و كندا و المانيا و استراليا و سويسرا و بلجيكيا ...
و اما في العراق بعد عام 2003 و حتى قبل هذا العام ب 13 سنة نجح النظام السابق في إحلال الإستقرار و الأمن في البلاد بقبوله فدرالية أو ما سمي بحكم ذاتي للمناطق الشمالية درءا للتقسيم و حفاظا على وحدة البلاد .
اما بعد الاحتلال الامريكي و ما طرأ من متغيرات كبيرة على الساحة السياسية نصل الى قناعة بأن ما حدث و سوف يستمر من خلال تثبيته دستوريا و عرفيا و إعلاميا لايخدم السنة ما يرمو إليه و يتمنوه و للموضوع شواهد :
1 . الشيعة و الكرد روجوا بان السنة يساون البعث و قانون الإجتثاث و غيره جاء لتكبيل هذه الطائفة و إقصائها من الواجه متى ما شاء الاخرون .
2 . الإنتخابات الماضية و الحالية أثبتت إن مقاعد السنة في أحسن الأحوال سوف لن تتجاوز ال100 و هذا يعني وجود 225 مقعد للطرف الاخر المتحد على اسس مصالح و حسابات تاريخية و مستقبلية .
3 . الترويج و حملة إقناع للعقل العراقي ككل بأن رئاسة الوزراء و هو أكبر و أقوى منصب و الاكثر نفوذا و صلاحية في الدولة ليس الا حكرا للشيعة و ما نراه اليوم من مطالبات للقائمة العراقية (المكونة من 90% من ابناء السنة ) لدعم علاوي و كونه المرشح الوحيد ليس الا تكريسا لهذه المقولة و بالتالي هذا المنصب سوف يكون مجرد حلم لأي سياسي سني في المستقبل البعيد .
4 . المنصب التشريفي و لكن السيادي و ذات الأهمية القصوى الاخر اي رئاسة الجمهورية ايضا أصبح ملكا لا يمكن لأحد التفكير به و من ينادي به سيسمى شوفينيا البتة !
5 . للكرد هناك اقليم مثبت يحصل على ميزانيته الخاصة و اكثر من حقه و للشيعة ايضا بفضل مجالس المحافظات و قانون دولار واحد للمحافظات النفطية و 10 دولارات للمدن المقدسة ستكون مبالغ ضخمة و حملات الإعمار الكبرى في بعض المحافظات الجنوبية شاهدة على الكلام هذا .
لكن المحافظات السنية فهي ليست اليوم الا اشبه بما هو صندوق لتجميع التبرعات و الصدقات و الهبات المقررة من الحكومة المركزية و برلمانها المكون مما هو معروف .
6 . للكرد ما يجمعهم من قومية و ايدئولوجية و للشيعة ما يلم شملهم من طقوس و مرجعيات و قوة إقليمية صادف أن إلتقت مصالحها في العراق مع قوى عالمية كبرى ساعدتها على تكريس ما تريده .
ما هو الأمر الذي يلم شمل السنة ؟
من دون طوبائيات و هرطقات هل هي الوطنية و الإسلام ؟
من ينادي بها في ظل الظروف الحالية لا يخدع الا نفسه و لا يعمل الا لصالح الاخرين الذين يستبشرون من سماع هذه الشعارات الفارغة عمليا و في ظل ما مضى ...
7 . أمنيا تمكن الكرد و اكثر محافظات الجنوب و الوسط من ترتيب وضعها الامني و لكن تبقى المناطق السنية هي الساخنة و المتزعزعة و غير امنة و بسبب بسيط : إهمال حكومة المركز لها بعدم توفير السلاح و المعن للجيش و التقاسع في دفع رواتب الصحوات السنية .
8 . من حيث التعليم هناك 18 جامعة اهلية متمركزة اكثرها في شمال و جنوب البلاد اعترفت الحكومة بها ، ناهيك عن نية الحكومة في تغيير جميع المناهج التعليمية ارضاءا للشيعة و الكرد و على حساب السنة .
و هناك عدة موارد اخرى لا يسع المقال ذكرها تفصيليا و لكن ما هي فوائد الفدرالية للسنة :
1 . إقليم كبير و شامل يشمل الموصل و الأنبار و صلاح الدين و ديالى و كركوك ، يحفظ حقوق السنة امام المطامع التوسعية للكرد و يلم شمل الجميع في إطار دستور يكتب بأيادي سنية عربية بحتة يشمل ما تشتهيه أنفسهم خالي من ظلم طائفي أو إجتثاث سياسي .
2 . توفير عدد كبير من المناصب السيادية و السياسية من خلال برلمان الأقليم و رئاسته و رئاسة الوزراء و وزراء الإقليم و جيشه الخاص و إداراته المستقلة النابعة من ابنائه العارفين بمواضع الخلل و حلول المجدية و اليات العمل .
3 . وجود سفارات الاقليم الخاصة التي يمكن من خلالها الإنفتاح الكامل على الدول العربية المقاطعة للعراق دون السنة و لأسباب معروفة يمكنها الحضور و فتح السفارات في إقليم السنة .
4 . اليوم السنة يحتاجون الى دعم كبير لا يحصلون عليه الا من خلال اذلال النفس للجوار او الاقليم العربي و بعد تشكيل الاقليم سيفاوضون من يريدون و من منطلق القوة ، مجتمعين غير متفرقين و سيكون الاقليم هو جامع الشمل و نقطة الإرتكازة .
5 . سيكون للإقليم ميزانيته الخاصة ، تؤخذ من المركز مجبرا غير قابل للتفاوض و إذا علمنا ان الاكراد يحصلون سنويا على 8 مليارات من الدولار كانت بمثابة العصا السحرية في تنمية الاقليم و تطوره ماذا سيكون حصة 5 محافظات كبيرة منتظمة في إقليم و ماذا ستفعل هذه المبالغ في تنمية هذه المناطق و إثراء أبنائها البررة و ماذا ستكون حجم الإستثمارات الداخلة للإقليم .
6 . ستكون العشائر و الصحوات و أبناء الإقيم نواة جيش قوي يمكن ان يحرس حدود العراق و داخل الإقليم بكل بسالة و شجاعة و مرونة دون التقيد بخطط و حملات المركز الفاشل .
7 . جني الأرباح من الممرات الحدودية و التعرفات الكمركية و كلنا يعرف ان اهم ممرين للسلع هي حدودنا مع سوريا و الاردن المطلتان على الاقليم لو حصل و يمكن المفاوضة مع المركز حول وضع حصة للإقليم الذي يتحمل بدوره إدارة الحدود و مرونة دخول البضائع و السلع و إنشاء مناطق حرة إقتصادية تنفع العراق و الإقليم .
8 . سيكون تمثيل الإقليم في المركز اقوى بكثير من الوضع الحالي إذا قارننا ما يفعله نواب الكرد في المفاوضات المختلفة حيث يسندون أنفسهم بإقليم قوي و قيادات متحدة .
9 . سيكون للإقليم قضاء نابع من أبنائه لا يتهم احد زورا و لا يسجنه بسجونه السرية بل يعامل ابناء الإقليم بالعدل و الإنصاف.
و الكثير الكثير من الفوائد التي لو جلسنا منصفين أنفسنا و فكرنا بها سيحصل عليها أبناء السنة معززين مكرمين غير متحملين منة الاخر الذي يشاركهم بالفتات و يسميه مشاركة وطنية .
و في النهاية اقول :
هذا الاقليم سوف لن يكون اقليما طائفيا يقصي الاخرين من الاقليات الساكنة على ارضه من الشيعة او المسيح او التركمان بل سيكون نموذجا للتعايش السلمي الحقيقي و سوف لن يكون منطلقا لتضعيف العراق بل منصة لتقويته و حل أمراضه الجسام و ليس مخل بوحدته بل حافظا لتوازنه المنشود و ليس فكرة لتقسيمه بل لتوحيد أبناءه على اساس الحق لكل ذي حق و من دون هذا الإقليم أبشر نفسي و ابشركم بالعزلة الابدية و الحرمان الدائم و الاقصاء المبطن .
اقليم السنة لن يكون منعزلا عن العالم مثل اقليم الاكراد المحارب من دول الجوار او الاقليم الشيعي الذي لو حصل لعزل نفسه كليا من العرب بل سيكون اقوى اقليم و الاكثر علاقة دوليا و عربيا و هذا ما سيثبه المستقبل لو نفذ الموضوع .
" لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ".
https://telegram.me/buratha