كريم الوائلي
تميز حال ما قبل اعلان التحالف بين ائتلافي الوطني والقانون بتصاعد الخطاب التخويفي المباشر ونبرته الحادة فيما امتازت التحليلات والتقارير الاخبارية بالاثارة واستقصاء للافرازات السلبية التي عادة ما تصاحب الفاعل السياسي المتوتر والمتسارع وقد وفر ذلك المناخ المناسب لتسرب الخطاب الطفيلي المدفوع بأجندة مكملة لانساق الارهابيين وحلفاءهم الصداميين والمعادين لتطلعات العراقيين نحو حالة الامن والاستقرار والبناء وتوظيف ثروات البلاد المتنامية لخدمة المواطنين وتدوير عجلة الاقتصاد الوطني وتدشين مرحلة جديدة من التحولات الوطنية الشاملة ، وقد بات الخطاب المتشنج هو السائد في المضمار السياسي ويلقي بظلاله السوداوية على الشارع ومحركات الحياة اليومية للمواطنين ويلقي بسيماء التجهم على واجهة الوطن والشعب ويطيح بالكرنفال الشعبي الذي صاحب العملية الانتخابية التي اظهرت مدى حاجة الجماهير الى العبور نحو شواطئ وضفاف جديدة من الاستقرار والرخاءوالمؤكد ان ذلك المشهد التراجيدي كان واضحا للقوى الوطنية بكل فصائلها والمعبرة عن آمال وتطلعات مكونات الشعب العراقي المتآخية والملتفة حول المحورية الوطنية العراقية التي تجلّت بنتائج الانتخابات ، حيث صَوت الشعب العراقي يدا بيد لما يراه معبرا لآماله وتطلعاته ومستقبل بلده وابنائه في اجواء تسودها الالفة العراقية المعروفة والتي كانت ولا تزال الملاذ الباذخ بالانسانية والاخوة والحاضنة الموثوق فيها لحفظ وديمومة الاواصر الوطنية بين مختلف مكونات وبيئات الوطن وكانت وجوه المواطنين الذين صوَتوا لممثليهم تعلوها حالة الاستبشار والتفاؤل والقناعة بصحة خياراته ودوره المؤثر في خلق انساق جديدة عقب العملية الانتخابية وكان ذلك مدعاة سرور له كونه تمكن اليوم وبفضل صبره وتجلده ومثابرته من اخذ دوره الطبيعي واستحقاقه في المشاركة المباشرة في رسم سياسة الدولة ووضع برامج الحكومة والتمتع بحق المواطنة وما تمنحه من حقوق وما تمليه عليه من واجبات.وكان لزاما على القوى الفاعلة التي استقطبت الملايين من المواطنين وجذبتهم الى صناديق الاقتراع بانسيابية وطوعية ان تكون حريصة على ديمومة الزخم الوطني ومده بمفاعيل جديدة ومتواصلة من شأنها تشجيع المواطنين على البقاء في الساحة لرفد التحولات الوطنية والعملية الديمقراطية ودفعها الى مفاصل جديدة تمهد الطريق لمرحلة اخرى من مراحل بناء دولة المواطنة وإرساء مرتكزات التحول التدريجي الى دولة ثابتة الاسس والركائز والتي تحظى برضا وقبول كل مكونات الشعب العراقي ، غير ان ما كان يحدث حتى قبيل اعلان التحالف بين الفصيلين الوطنيين ، الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون ، هو تصاعد لخطاب تجهمي يدفع بالامور نحو تفتيت اللحمة الوطنية وادخال البلاد في دوامة الفوضى السياسية ومنح الفرصة للمتربصين بالنظام الديمقراطي الفتي واشعار المواطنين بعدم جدوى العملية الانتخابية وبث روح الفرقة بين الفصائل الوطنية التي فازت برضا قطاعات واسعة من الجمهور وسحب بهجة الانتصار التي زخرفت المشهد العراقي ، وهذا ما كان يجب وضع حد لتداعياته وايقافه وسد الطريق على دعاة الفتنة والعنف والمباشرة بضخ فاعل وطني مؤثر مضاد لمفاعيل الارهاب والجريمة واخراج العملية السياسية من حالة الجمود والمراوحة وسط المطبات التي تضعها القوى المضادة للتحولات الوطنية وخلق بيئة مناسبة لانضمام القوى الفاعلة والمحركة للعملية السياسية الى مائدة مستديرة يجتمع حولها الفائزون برضا جماهيرهم وبما يتاح للشعب كله من رؤية ممثليه وعلى قدر المساواة والمسؤولية يضعون خارطة الطريق لعراق المرحلة القادمة.لقد جاء تحالف الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون كنتيجة طبيعية وحتمية لمسار العملية السياسية التي تملي على اطرافها صيانة وحفظ البلاد من الفوضى والتعجيل في وضع التدابير اللازمة لتشكيل حكومة شراكة وطنية تنسجم تماما مع المحصول الانتخابي المتقارب لكل الكتل والائتلافات الوطنية الفائزة في الانتخابات بما في ذلك الكتل التي لم تفز بمقاعد كثيرة ، ولم تكن اهداف هذا التحالف انشاء الكتلة النيابية الاكبر للايحاء للكتل الاخرى بأنها كتلة ازاحة ومزاحمة بقدر ما هي كتلة ائتلاف وطني شامل وجبهة وطنية تجتمع عندها القوى الوطنية الراعية لعراق ديمقراطي تتداول فيه السلطة وفق منهج ديمقراطي سلمي تحترم فيه التطلعات والميول الوطنية على اختلاف اتجاهاتها وحول المحور الجامع للمكونات الوطنية وهو محور المواطنة العراقية، وكان واضحا ايضا انه تحالف لا يهدف الى تعيين رئيس وزراء في المقام الاول بقدر ما هو رابط وطني يمهد الاجواء الصحية لتلاقح البرامج والرؤى التي تطرحها الكتل الفائزة والخروج بخلاصة مركزة وجامعة لمنهج بنيوي عراقي خالص لا مكان فيه لاجندة خارج الاجماع الوطني.ومن بواعث السرور والبهجة ان ينتج عن هذا التحالف ثمار فورية تجلت في مشهد وطني أخَاذ لاستجابة مسؤولة ومدفوعة بالمواقف الوطنية التي لا تشوبها شائبة للاخوة في التحالف الكوردستاني الذين كانوا بانتظار هذا التحالف الوطني الغيور ليسارعوا الى رفده وتعزيزه بجماهيرهم وتجربتهم انسجاما مع المد الوطني الذي انطلق مع لحظة اعلان التحالف بين الائتلافين الوطني العراقي ودولة القانون لتدشين بؤرة التأجج الوطني وجذب القوى الوطنية الشريفة الى تحالف وطني شامل
https://telegram.me/buratha