حافظ آل بشارة
فقد الحدث العراقي اليومي جاذبيته لدى المشاهدين في الايام الاخيرة قبل ان يستعيد عناصر التشويق في الليلة قبل الماضية ، كان الجميع يأمل ان يسقط الحجر ليحرك امواج بحيرة الحدث العراقي ، وكي تتحول الاضواء مؤقتا عن القضايا المملة ، المشاهدون اعتادوا ان يبصقوا على الشاشة او يضربوا الريمونت بالارض من شدة الحنق الذي يجتاح اعصابهم منذ انتهت الانتخابات وتواترت اخبار التزوير والاجتثاث واعادة الفرز وتصفية قيادات القاعدة وحواضنها والتفجيرات والاغتيالات والسرقات والصفقات ، اخبار قاتلة أول ضحاياها التلفاز نفسه الذي لايدري من اين تـأتيه الركلات ، كثير من الناس يهربون الى فضائيات اخرى لتخفيف الاختناق فيقعون في مشاهدات جهنمية عروض الازياء ووجوه الخطباء التكفيريين الذين هم ملائكة قبر جلبوهم من البرزخ الى الاستوديو والافلام والاغاني والقضايا المخجلة التي لايلبس عليها عقال ، وبينما تسير الامور بهذه الوتيرة المملة اعلن كل من الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون تحالفهما عبر بيان مسائي مختصر ، ظهر اعضاء اللجنة المشتركة التي اعلنت بيان التحالف بين الائتلافين لتنقذ الشاشات من غضب الحانقين ، اصبح المشاهد ينتظر فقرات أخرى اكثر اثارة ، جاء الاعلان متأخرا وهو خطوة تصحيحية لخطأ ستراتيجي تم ارتكابه بهدوء قبل الانتخابات ليثير الدهشة بين المؤيدين ، الاخوة الاعزاء لم يندمجوا قبل الانتخابات ورافضو الدمج بشر مثلنا يأكلون الطعام ويمشون في الاسواق ويوسوس لهم الشيطان ، على ان طوق الناصحين التقليدي المحيط بالقيادات يضم شياطين ايضا لبعضهم خدمة طويلة في عمليات الوسوسة السياسية ، هؤلاء الموسوسون نجحوا في تخريب مشروع الاندماج قبل الانتخابات ، وفي مثل هذه الامور لاينفع الندم ، اغلب العراقيين كان ينتظر الاعلان المسائي وفي تلك الليلة اصبحت الشاشة محترمة ، الفضائيات الموسوسة والتي هي جناح اعلامي للارهاب العربي الاشتراكي في العراق كررت كلماتها المتعفنة القديمة لعدم وجود كلمات جديدة بالقول ان التحالف الجديد طائفي واتهمت قوى وطنية ذات اغلبية في الانتخابات بأنها عميلة لايران ، الحمد لله على العمالة لبلد السوهان وليس بلد البعران ، اغلبية الاخرين عند هذه الفضائيات مقدسة واغلبية الذين تحالفوا مزورة ! ياسلام على الاعلام الموضوعي المحايد ، لحسن الحظ ليس هناك عراقي واحد يجهل احوال مسؤول تلك القناة وكيف كان كريما مع الرفاق الجلادين القدامى حتى انه تنازل لهم عن كل شيء ، لكنه بقي في نظرهم ليس اكثر من وضيع قد نبذوه ، واذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل . على كل حال ، التحالف بين الائتلافين خطوة لاشاعة ثقافة الاندماج وليس التفكك بعد الانتخابات ، والاندماج يتعزز بالتشابه بين البرامج ، والتشابه في التاريخ السياسي ، فالقوى الوطنية العريقة التي ترتبط بتحولات تاريخ العراق وحوزاته ومرجعياته ومقاومته التحررية الطويلة الشوط يجب ان تبقى قوية وفي الصدارة وقادرة على تلبية مطالب الجمهور الذي صنعها وصنعته ، القوى التي ارتبطت بذكرى القادة الشهداء ، وتمثل الثقل الجماهيري المتضرر من النظام البائد وليس القلة التي كانت مستفيدة منه ، وليس الفريق الملغوم بالمجرمين والتكفيريين والمطلوبين وسماسرة التدخل الاجنبي ، مبادرة التحالف افرزت اسلوبا في ادارة التفاهم يركز على رسم السياسات وتقييم البرامج قبل الكلام في تسمية من يشكل الحكومة ، وهو اتجاه صحيح يؤشر تقدما لمفاهيم دولة المؤسسات ، كما تكتسب المبادرة اهميتها من كونها فتحت الابواب لكل من يريد الانضمام اليها بما في ذلك القائمة العراقية ، مبادرة التحالف بين الشقيقين لو لم يكن فيها فائدة الا ادخال السرور على قلوب أسر الشهداء لكان ذلك كافيا ، ولو لم يكن فيها من فائدة الا اثارة خوف ورعب الارهابيين والتكفيريين والمطلوبين لكان ذلك كافيا ، لذا يجب تشجع قنوات القوادين القدامى على ممارسة المزيد من البهتان والكذب والصاق التهم لكي يحققوا المزيد من السقوط .
https://telegram.me/buratha