عماد الاخرس
الغاية من المقال تحذير وتنبيه ساسة العراق الجدد بضرورة وضع حد لصراعاتهم السياسية والتقليل من سقف مطالبهم لغرض الحفاظ على استمرارية نهج العملية السياسية لأن عكس ذلك يعنى انهيارها والعودة إلى نظام الحكم الشمولي وعالم الانقلابات العسكرية الدموية ( لا سامح الله ). ومن المعروف بان الغاية المثلى لنضال حركات التحرر الوطنية في العالم هي بناء نظام حكم ديمقراطي منتخب يضمن استقلالية عمل السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وفق الصلاحيات المخولة لها ضمن دستور دائم .. وهذا هو الشكل السائد في أنظمة دول العالم المتحضر.أما آلية تطبيق هذا النهج في الحكم فهو ما يسمى بالعملية السياسية.ومنذ سقوط صدام عام 2003 والعملية السياسية تسير ضمن هذا النهج ولكنها تعيش صراعا بين القوى المؤمنة بها والتي تناضل من اجل نجاحها لتكون واقعا ديمقراطيا حضاريا يساعد في تطور ونمو العراق وشعبه والرافضة لها والتي تحاول إفشالها والعودة بها إلى الدكتاتورية .ولابد من تذكير الجميع بان لا فضل لأحد محدد على العملية السياسية الديمقراطية الجارية في العراق الجديد لأنها ثمرة نضال وتضحيات العديد من الأحزاب السياسية وصراعها المرير لعقود طويلة مع الأنظمة الشمولية التي توالت على الحكم بالانقلابات العسكرية. وللمزيد من المعرفة يجب الفصل بين نهج العملية السياسية الذي تم الإشارة له أعلاه وبين صراع الكتل والأحزاب للهيمنة على قيادتها والسيطرة على مراكز القرار فيها.. نعم هناك ارتباط بينهما ولكن النهج دستوري ثابت أما القيادة فهي في تغيير دائم وقادتها راحلين. إن العمل بالانتخابات هي روح العملية السياسية.. لذا فهناك قوى تستهدف الانتخابات بشكل عدائي لخنقها وإفشالها. واهم هذه القوى.. أولا.. أنظمة الحكم العربية الملكية والجمهورية الوراثية .. وهذه مصيبتها تكمن في خوفها من زحف الديمقراطية لبلدانها وزوال عروشها وليس لها هم سوى إقناع شعوبها باستحالة نجاح النهج الديمقراطي الانتخابي ولابد من إتباع نهج حكم الرئيس الأوحد الوراثي أو العائلة المالكة ذات القدسية الدينية .. ثانيا .. الاحتلال الأميركي وخوفه من عدم نجاح التجربة الديمقراطية في العراق قد يدفع ساسته للتفكير بتهيئة البديل الدكتاتوري المناسب قبل الانسحاب على أن تكون شخصيه سياسيه تستحق توارث السلطة ويخدم المصالح الغربية الامبريالية وبما ينسجم مع الإرادة العربية .. ثالثا .. أنصار النظام البائد وهؤلاء خسروا كل مصادر القوه والتسلط وهم يعانون من صعوبة الانخراط في المجتمع العراقي الديمقراطي الجديد.إن ابرز الظواهر التي حدثت قبل الانتخابات وكان لها دور في الإساءة لها وتشكيل خطورة عليها فهي.. ظلم القانون الانتخابي وإلغاء الأحزاب الصغيرة .. عرقلة إصدار قانون الأحزاب.. المبالغة والاتهام المكرر بالتزوير والتي تصدر من كل الأطراف بدون استثناء وللدرجة التي يصعب فيها تحديد الجهات المتضررة من المستفيدة.. الفوضى وسوء إدارة ملف اجتثاث المرشحين البعثيين .. الخ .أما بعد الانتخابات.. أولا ..إعلان نتائج الانتخابات بالتقارب الكبير لأصوات القوائم الفائزة وانعدام الأغلبية .ثانيا.. تفسير المحكمة الاتحادية الذي ثار خلافا كبيرا حول أحقية تشكيل الوزارة للقائمة الفائزة أم الكتلة أو التحالف الفائز بأكبر عدد من المقاعد.ثالثا .. إطالة أمد الحراك السياسي واتخاذه طابعا يختلف عن لغة التشاور والحوار لتشكيل الحكومة واللجوء إلى التهديد والإساءة والفضائح والتشهير. رابعا.. دعوه بعض القوائم لتدويل الصراع وتوجيه طلب رسمي لتدخل عربي أو أممي وهذا يثير اليأس لدى المواطن العراقي وإيمانه باستحالة التقارب بين الكتل والأحزاب الوطنية لبناء الحكومة واستمرار الصراع السلطوي على المناصب بعيدا عن كل المعايير الوطنية. خامسا .. استخدام البعض من القوائم الفائزة دول الجوار كوسيلة ضغط وتهديد ضد القوائم الأخرى.. وهذا يُفَسَر كدعوة للتدخل السلبي في الشأن الداخلي وليس تشاور يُراد به بناء حكومة وطنيه مستقلة. سادسا.. الدعوات المستمرة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني رغم إجراء الانتخابات والاستقرار النسبي للأمن .. وهذه لا تقبل سوى التفسير على انه وسيله للالتفاف على الانتخابات والترويج لفشلها وتمهيد الطريق لعودة النظام الشمولي.سابعا .. تهديد بعض القوائم بالنزول للشارع والقيام بانقلاب إذا تم إعادة العد والفرز و تغيير النتائج مع انه فقره دستوريه لا ضير من تطبيقها في حالة حصول طعون في النتائج.. وللأسف تهديد رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالاستقالة في حالة تغييرها !!ثامنا .. صدور قرارات هيئة المساءلة والعدالة واجتثاث 52 من المرشحين الفائزين بعد إعلان نتائج الانتخابات .. ومع أنها فقره دستوريه لابد من العمل بها لكن المفروض أن يتم اتخاذ هذا الإجراء قبل الانتخابات. تاسعا .. تزايد المهاترات والتصريحات الفوضوية والتي تنطلق من أفواه الساسة أقطاب القوائم والناطقين الرسميين لها دون أية مسؤولية أو حساب لساعة التقارب التي لازالت محتمله للاتفاق على تشكيل الحكومة .عاشرا .. تهديد البعض من القوائم بالانسحاب من العملية السياسية بمجرد حدوث تقارب أو تحالف واندماج لقوائم أخرى وكأنها تسعى لبقاء الفرقة ليستمر الصراع فتره أطول ويبقى التهديد للعملية السياسية قائما. إن الظواهر السلبية أعلاه تؤكد حجم الخطر الذي يلحق بالعملية السياسية وضرورة الخوف من انهيارها والأهمية القصوى للتنبيه والتحذير الذي هو غاية المقال. لذا نطالب الكتل الفائزة بضرورة الإسراع في تجاوز الخلافات والتقليص من سقف مطالبها لتشكيل حكومة إتلاف وطني يشارك فيها الجميع مع مراعاة حقوق القوائم الخاسرة.عليها تقديم المصالح الوطنية على الحزبية والمذهبية والعرقية الضيقة وان لا تنسى الكارثة التي ستترتب على انهيار العملية السياسة والعودة إلى النظام الشمولي!!
https://telegram.me/buratha