سعد البصري
من الملفت للنظر وخلال موسم الشتاء المنصرم وعلى وجه الخصوص في نهايته سقوط كميات كبيرة من الأمطار على بلدنا العزيز وبالذات في المناطق الجنوبية منه . والحقيقة إن سقوط المطر بهذه الكثرة قد سبب مشاكل جمة بالنسبة للفلاحين والمزارعين الذين لم يتهيئوا لمثل هكذا أمطار ، وخصوصا إن السنوات الماضية لم تشهد هطولاً للأمطار كهذه السنة ، والعلم بيد الله سبحانه وتعالى ، فعلى العموم إن الأمطار تعني الخير والنماء والرزق وهي بالفعل كذلك بالنسبة للعراق الجريح الذي صارت معظم المحاصيل الزراعية تستورد من الخارج ولعدة أسباب منها شحة مياه ري الأراضي الزراعية التي تعتمد بالدرجة الأساس على المطر أو الحصص المائية أو ما يوجد من مشاكل مالية وإدارية عند الحكومة ( أعانها الله ) ، ويبدو إن انهمار الأمطار هذا ترافق مع انهمار الأزمات على الشعب العراقي ، فبعد أن استبشر العراقيون خيرا بارتقائهم اولى درجات السلم في سبيل الوصول المصلحة الوطنية للعراق وبدءوا يمارسون حقهم الطبيعي لتغيير الواقع العراقي المرير الذي خلفه نظام البعث المتمثل بالطاغية المقبور وأعوانه . بدأت الأزمات تنهال على الشعب المسكين كما ينهال المطر ، فأزمة التحالفات وأزمة النتائج الانتخابية وأزمة الخدمات والأزمة الأمنية وأزمة الفراغ الدستوري وفوق كل هذا أزمة تشكيل الحكومة الذي والظاهر من سير الأحداث إنها سوف لن تتشكل في الوقت القريب ..؟ وبسبب كمية الأزمات ازدادت كمية التصريحات وراح سياسيونا بل كل من له شأن بالسياسة يصرح كيفما يشاء . والمفارقة في الأمر انه كلما ازدادت كمية التصريحات الهاطلة كلما ازداد الأمر تعقيدا . فالسياسة في العراق ألان تشبه إلى حدٍ كبيرٍ سياسة المطر ، الفرق الوحيد بين السياسة والمطر هو أن المطر يأتي فيفرح الناس به وينزل فيجلي الأرض كما يجلي القلوب ، أما السياسة فإنها تقرب البعيد وتبعد القريب وليس فيها شيء ثابت ولا تعتمد المصداقية أساسا لها ، لكنها بطبيعة الحال ( أي السياسة ) صارت أهم من المطر على الأقل عند الشعب العراقي الذي أصبحت تهمه السياسة أكثر من المطر .
https://telegram.me/buratha