عماد الاخرس
تقول نشرة "وورلد يونيفرستي نيوز" World University News البريطانية المختصة بأخبار الجامعات في أنحاء العالم إن عدد الأكاديميين والمهنيين وأصحاب الكفاءات العراقيين في المهجر يبلغ نحو ثلاثمائة وخمسين ألفا أو 17 في المائة من أصل مليوني عراقي غادروا وطنهم في السنوات الأخيرة.الإحصائية الواردة في الخبر أعلاه تثير الشجون لأنها تؤكد الخسارة الوطنية للأعداد الكبيرة المهاجرة من شريحة الكفاءات المهمة والتي بعودتها يمكن تحقيق نهضة سريعة للعراق الجديد..لذا فمن المفروض أن تبادر الحكومة العراقية بتشريع قوانين تمنح فيها مزيدا ًمن الحوافز والتسهيلات التي تغريهم للعودة. و للأسف فان هيمنة الإداريين البيروقراطيين ورثة العهد البائد على اغلب الوزارات العراقية وفى محاوله لإيقاف عجلة تطور ونجاح العملية السياسية ساعدت في إعلان الحرب ضد هذه الشريحة و استهدافهم عمداًً بوسائل كانت سببا في عودة الكثير منهم إلى المهجر ثانية..وأهمها .. أولا .. تسكين الراتب على آخر عنوان وظيفي قبل ترك العمل استنادا إلى تعليمات وزارة المالية لسنة 1960 بتحديد الدرجة الوظيفية للموظف المعاد للخدمة على آخر عنوان وظيفي قبل تركه الخدمة وهذا يعنى تعيين جديد مع إن الصحيح والمنصف هو تحديدها اعتماداً على عدد سنوات الخدمة الكلية الفعلية وآخر شهادة دراسية حصل عليها الكفاءة.. ثانيا ..الأسلوب الروتيني العدائي المعقد الذي يستغرق وقتا طويل في معادلة الشهادة وتأييد صحة الإصدار وموافقة التخصصات المالية للتعيين والمطالبة بالوثائق الرسمية التي تستغرق وقتا طويلا لإكمالها ومنها هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية والبطاقة التموينية .. والصحيح هو إصدار أمر التعيين أولاً وقبل المطالبة بإكمال هذه الإجراءات .. ثالثا .. تهميش العاملين منهم في غير وزارة التعليم العالي وهذا يعود إلى هاجس الخوف من حملة الشهادات العليا المصاب به مدراء ها العامين وأصحاب المناصب والحاصل اغلبهم على شهادة البكالوريوس.. وهذه تحتاج إلى متابعه شخصيه من قبل الوزراء والتثقيف المستمر بأهمية الكفاءات والحاجة لها وضرورة الاستفادة من إمكانياتها .. رابعا .. عدم الاهتمام بموضوع توفير السكن للكفاءات التي عادت مع أنها مصيبة خطيرة تقف عائقا رئيسيا في طريق الكثير ممن يفكرون في العودة. إن حب الوطن والرغبة الصادقة في الدفاع عنه وحماية العملية السياسية الجديدة هي الأسباب الرئيسية التي دفعت البعض من الكفاءات للاستجابة للنداءات المتكررة للحكومة العراقية بعودة الكفاءات .ولا اعتقد يخفى على احد بان اغلب الكفاءات في الخارج هم من المصنفين ضمن المعادين للحزب والثورة و لهم تاريخ طويل وعريق في عداء النظام السابق واضطروا لمغادرة العراق هربا من الاضطهاد والمطاردة والملاحقة.لقد خسر هؤلاء كل ما يملك بسبب الاستيلاء أو المصادرة أو اضطر لبيعه بسبب العوز والحاجة للمال للاستمرار في غربته.. لذا فلا عجب من الادعاء بأنهم لن يملكوا مترا في الوطن والعجب هو أن يستمر حرمانهم من هذا الحق رغم عودتهم لخدمته ككفاءات متطوعين في هذه الظروف العصيبة ويحملون أرواحهم على كف يدهم دعما للعملية السياسية الديمقراطية !!لقد عاد البعض منهم لوحده تاركاً أسرته في غربتها مضطرا للتنقل بين بيوت الأهل والأقرباء والأصدقاء أملاً في الحصول على سكن مناسب ومتواضع يأوي أسرته ويساعده على اتخاذ قرار عودتها.وتمضى سنوات ولازال هؤلاء يتجولون بين مكاتب الدلالين والعقارات للحصول على دار ببدل إيجار معتدل لمشتمل أو شقه صغيره يمكنهم من تحقيق طموحهم في لم شمل أسرهم ولكن بلا جدوى مما اضطر اغلبهم يائساً للاستسلام للأرقام الخيالية لبدل الإيجار خوفاً على ضياع أسرته!ومن تجربتا الخاصة حول هذا الموضوع راجعت فرع وزارة الهجرة والمهجرين في محافظتي مطالبا بترويج معاملة قطعة ارض لي كوني من الكفاءات المغتربة التي لا تملك مترا في الوطن والعائدة حديثا إضافة لكوني مفصول سياسي.. وتم إبلاغي بتوفير المستمسكات التي تؤيد ذلك .. ونفذت .. و بعد عامين وإثناء إحدى مراجعاتي المتكررة تم تبليغي بان اللجنة المختصة قد حضرت ولم توافق عليها لعدم استحقاق الكفاءة والمفصول السياسي ولا يحق سوى للشهيد أو المسجون السياسي.. أي لابد من الانتظار لحين عودة مأساة الدكتاتورية مره ثانيه لكي أموت أو ترميني في احد سجونها لكي احصل على متر من الأرض !! عموما سلمت وجهي للخالق عز وجل وعدت مسرعاً لدلالي العقارات بحثا عن مأوى للم شمل أسرتي مستسلماًً لأرقام الإيجار المرتفعة والقناعة بأنني لابد من دفع ثمن غلطتي بالعودة للوطن !!لذا فحكومة تصريف الأعمال العراقية الحالية أو القادمة ( التي ستولد بعد حراك وصراع السلطة المرير للمعركة الانتخابية الثانية) مطالبه بان تصحو ولا يطول سباتها .. عليها الوفاء بأبسط حقوق المواطنة لأفراد هذه الشريحة الذين عادوا للوطن وتوفير السكن المناسب لهم .أما التصريحات التي صدرت مؤخرا عن وزارة التعليم العالي بتوفير السكن المناسب للكفاءات المغتربة لتشجيع عودتها للوطن وكذلك وزارة الهجرة والمهجرين بفتح باب التعين وتوفير الدرجات الشاغرة لهم فهي خطوات مباركه تستحق الدعم و التشجيع ولكنها يجب أن تدخل حيز التنفيذ للكفاءات التي عادت للوطن أولا لتؤكد مصداقيتها وتصبح عاملا محفزا ومشجعا لمن لازال في الخارج ولديه الرغبة بالعودة !أخيرا نطالب الحكومة بعدم الاكتفاء بالتصريحات الدعائية وبذل جهد اكبر من اجل إيقاف كل وسائل الحرب ضد الكفاءات وخصوصا المذكورة أعلاه و تقديم التسهيلات العملية لهم وأهمها توفير السكن.
https://telegram.me/buratha