حافظ آل بشارة
مر اليوم العالمي لحرية الصحافة بصمت وخجل كما تمر الايام الاخرى لان سجل صحافة هذا البلد اصبح حافلا بالعار ، كان الصحفي تابعا للقصر الجمهوري ، واليوم انجلت الغبرة عن الصحفي نفسه وقد عثر على قصر جمهوري جديد ، كان المستنقع الرئاسي اقوى من ارادة الصحفي الفرد وهو يفكر بالثورة والتمرد ، والى جانب ذلك الانحطاط كان هناك صحافة وصحفيون من نوع خاص لا يعرفهم احد ، هؤلاء تمردوا على المستنقع ، فكانت اقلامهم سيوف منازلة لا تعرف المساومة ، تاريخ الصحافة العراقية يحتاج الى اعادة قراءة ثم اعادة كتابة ولا خير في تاريخ يتجاهل صحافة المؤمنين المقاومين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، حرام على رواة التاريخ القريب ان يقلبوا الحقائق الى هذا الحد ، ينتشلون سكان المستنقع الاعلامي ليعيدوا غسلهم وعرضهم في جامخانات العراق الجديد ،
ان ركوب موجة السلطة والتزلف ظاهرة خالدة منذ ملحمة جلجامش لكن ذاكرة الوطن ليست مثقوبة الى هذا الحد . يرسمون صورة ثورية ناصعة لبعض اعلاميي الفيلق المندثر ليقولوا انهم كانوا ثوريين مجاهدين وعلى اتصال مستمر مع القيادات الجهادية ولكن التغطية ضرورية لحماية الارواح ، ذلك الاعلامي كان ثوريا مجاهدا لكنه مدح صدام مجبرا لكي يخدع المخابرات ! وهجا العلماء والمجاهدين بقصائده ووصفهم بالعملاء لكي يخدع المخابرات ، وذهب هو وزوجته لمقابلة احد كبار المسؤولين في مكتبه لكنه عاد من المكتب لوحده لكي يخدع المخابرات ، وحصل على بيت فخم وسيارة حديثة وكانت تصله الهدايا من الحزب والدولة ليخدع المخابرات ، وشارك المخابرات في مطاردة المجاهدين في الاهوار والامساك بهم واعدامهم ليخدع المخابرات ، وعندما سقط نظام صدام تقدم هذا الرجل ليحتل مكانة مرموقة في الجهاز الاعلامي الجديد وكلما صادفه الضحايا في مكان غمز بعينيه وقال : الم اقل لكم اني كنت اخدع المخابرات؟
هذا اليوم العالمي الاسود لعبودية الصحافة يذكرني برعيل من شرفاء هذه المهنة المدهشة ، كانوا غامضين يشبهون ملائكة مكونين من الضوء ، حضروا في الاهوار ومقرات الجهاد القديمة في ام النعاج ، والحويزة ، والصالحية ، والدعيجي ، والهدامة ، والجزيرة ، وسلف آل جويبر ، وفي جبل شمران ، وقره داغ ، وقوبي ، وزردلي كاو ، وسوسينان ، وميدان وكلار ، كانوا يقاتلون نظام الجريمة بلا هوادة ، و يلقون اقلامهم باحثين عن بطل حسيني المشارب ليخدموه فوجدوا ملوكا عظماء قاماتهم تمس الغيوم انهم ملوك الميدان وسادة العطاء والاستشهاد ، احاط بهم الصحفيون ليسجلوا في حضرتهم شرف الانتماء ، هؤلاء هم أمراء الشهادة الذين تشرفت الصحافة الجهادية بخدمتهم : ابو الخير ، ابو حسين الهاشمي ، ابو طارق البصري ، ابو ميثم الصادقي ،ابو ايوب البصري ، وابو ظاهر ، ابو نازك ، ابو فدك ، ابو لقاء الصافي وابو محمد الطيب وابو ذر الخالصي ابو احمد الرميثي ، هؤلاء هم نجوم العراق الذين يجب ان تفتخر الصحافة بخدمتهم ، في تلك الاجواء الحافلة بالتفاؤل والعطاء اسس الرجال صحيفتهم الاولى (بدر) واذاعتهم الاولى (صوت العراق الثائر ) وتلفازهم الاول ( الانتفاضة ) وكلما جددت صحافة المستنقع الصدامي الآسن انبطاحها لرمز الجريمة والوحشية جدد اؤلئك الشهداء الاحياء اصرارهم على مواجهة الطواغيت بالكلمة الصادقة الشجاعة ، تلك صحافة قد خلت لها ماكسبت ولكم ما كسبتم ادار دفتها فرسان يحبهم الله ورسوله ويحبون الله ورسوله اقلامهم كالبنادق وقاماتهم كالنخيل ، في يوم الصحافة ابكي لذكراهم . أحييهم وقد اصبحوا غرباء في العراق الجديد مقصيين مهمشين ، العار الاكبر كله لعراق يمر به اليوم العالمي لحرية الصحافة وسادة القلم المقاوم فيه غائبون مغيبون تهدى اكاليل الورد لغيرهم ، بلد ذليل يتصدر مشهده الاعلامي مرتزقة الامس ، وكل من تسأله عن سر اللعبة يقول كنا نخدع المخابرات !
https://telegram.me/buratha