حافظ آل بشارة
تشهد مدينة بغداد مظاهر متنوعة للتغرب وفقدان الهوية ، محلات بيع الخمور العلنية ، الملاهي المفتحة الابواب ، محلات بيع الافلام الاباحية ، التبرج النسائي الصارخ في الملبس والمكياج ، هناك خلاف في الرأي بين من يدافع عن هذا التحول الثقافي القديم الجديد وبين من يستنكره ، وقبل تقييم الظاهرة يجب التذكير بأن الناس من الجنسين الذين يميلون للتبرج والخمر والتحرر في العلاقات هم أكثر عددا من المحافظين الذين يرفضون هذه المظاهر ، هناك تيار اجتماعي ملحوظ يمارس هذا النمط من الحياة بنسب مختلفة ، ومن الافضل للمراقب في هذا المجال ان يكون مهنيا ويناقش الظاهرة بحيادية كاملة ، المظاهر المذكورة اعلاه تعتبر محرمة في نظر الدين واحكامه الشرعية ، والمسلم والمسلمة عندما يكرران يوميا هذه الاعمال فهذا يعني عدم الشعور بأنها حرام او ان الشعور بحرمتها ليس له تأثير في السلوك العملي ، أي ان اغلب الناس يعيشون مرحلة سلوكية يمكن تسميتها مرحلة (تطبيع المعاصي) ، الفرد يرتكب المعصية بدون أي شعور بالذنب ، ولكن من جهة أخرى عندما تأخذ رأي المواطنين والمواطنات الذين يمارسون هذه الاعمال وتسألهم ان كانوا مسلمين ويؤمنون بأن هناك خالقا لهذا الكون وقد ارسل نبيا وكتابا وقد أمر ونهى وبشر وانذر وقد اوضح سبل الطاعة وسبل المعصية ؟ يقولون انهم يؤمنون بكل ذلك ولكن عندما ينصحهم ناصح يتهمونه بالتشدد ويهربون منه ، وقد لوحظ غالبا ان الانسان من هذا النوع لم يحسم موقفه من الدين ويعاني من الجهل والتناقض فلا هو كافر ولا هو مؤمن ولا يستطيع الدخول في نقاش عميق ، وعندما يجد من يحاججه بالدين يكون جوابه ان الدين ليس بالصلاة والحجاب واطالة اللحى وغض البصر ان الدين الحق يكون بطهارة القلب والروح ، وهذه اقوال تعبر عن نوع من الأمية الاخلاقية والدينية ، ومهما كان موقف هؤلاء ينبغي تذكيرهم بالتهديد الالهي الموجه الى الامم التي تتصرف خلافا للتعاليم السماوية ، وكيف عاقب الله الشعوب العاصية قوم لوط وعاد وثمود واصحاب الرس واصحاب الايكة وغيرهم بسبب ارتكابهم الذنوب وعدم التوبة ، فمن يؤمن بالقرآن يصدق قصص العقوبات الواردة فيه ، لكن بعض الناس لايكتفي احيانا باهمال الوعيد الالهي بل يتجاوزه الى السخرية من القرآن والسنة والعلماء والواعظين والناصحين ، هناك مغالطة لدى البعض اذ يقولون ان المجتمع الغربي تحرر من احكام الدين فحقق العدل والرفاه والسلام ، وهم يعلمون ان المجتمع الغربي لم تقم عليه الحجة بقدر ما اقيمت على المجتمع الاسلامي وحمله الرسالة وتكليفه الالهي بنشرها بين الامم . هناك حقائق مخيفة وهي ان كثيرا من عصاة هذه الامة يمارسون رذائلهم بشكل سري خوفا من النقد ويتخذون مكارم الاخلاق غطاء ظاهريا ، فيقعون في المعصية و النفاق معا والنفاق اسوأ من الكفر ، أما في المجتمع غير الاسلامي فان ممارسة الرذائل تجري علنا لكنها معصية ليس معها نفاق ، الوعيد الالهي لايتبدل ، الامة تنتظر علماءها الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقلقون لشيوع المعاصي ، نتمنى ان تضع المؤسسة الدينية لدى الطائفتين اولويات في التبليغ والارشاد وان ينتبه العلماء الى واجبهم في الهداية ، ليس مطلوبا منهم الآن تقديم بحوث تثبت ان ذكر المجرات والكواكب في القرآن قد سبق العلم الحديث ، او ان تشريح الجنين المذكور في الآيات دليل اعجاز القرآن ، نريد بحوثا تثبت ان عقوبة الاقوام التي تعتاد على الزنا هي غير عقوبة الاقوام الذين يشربون الخمر ويعودون الى بيوتهم يسيرون بالمقلوب ، بينما عقوبة الاستهزاء بالانبياء والرسالات شيء آخر ، وكيف ان المعاصي تجلب القتل والرعب والزلازل والجفاف والاوبئة والمجاعات وغيرها من انواع البلاء ، العلماء ورثة الانبياء وعليهم مواصلة الرسالة وليتحملوا البلاء ويصبروا لانهم اختاروا هذا الطريق بمحض ارادتهم وهم يعلمون منذ البداية أن القابض على دينه كالقابض على جمرة .
https://telegram.me/buratha