بقلــم : مصطفى مهدي الطاهـر
معظم الشعب العراقي يعتقد ان منصب رئيس الوزراء وكابينته هو الاهم والاخطر لدرجة انه يظن ان اشغال هذا المنصب وتعيين الوزراء ممن يؤيدهم او يثق بهم‘ سيقضي على القلق والمخاوف التي تنتابه اذا ماشغله شخص اخرممن يثيرون مخاوفه.
هذا الاعتقاد نابع من العقلية التي تكونت لدى المواطن العراقي عبر عقود من الزمن‘ رأى فيها ان رأس الدولة بيده الحل والعقد‘ ويهيمن على كل مقدرات الدولة‘هو الآمر الناهي والمعطي والقابض!!
لذا فهو يتطلع بشغف ان يتولى منصب رئاسة الوزراء شخص يرغبه ويسانده‘فاذا ماتبوأه غيره استحالت احلامه وتطلعاته اضغاثا وحطاما!وتملكته الوساوس والهموم.
لكن في حقيقة الامروبناءا على النظام السياسي الجديد في العراق يصبح ذلك القلق وتلك المخاوف غير مبرره الى حد ما ولا تستدعي كل ذلك‘فعلى الرغم من اهمية منصب رئاسة الوزراء إلا انه اقل خطورة بكثير من مناصب ووظائف دنيا لها دور كبير جدا وفاعل في التاثير على مجريات الامور في البلاد وعلى جميع ومختلف الميادين.
على الرغم من ان رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة وهذا موقع حساس إلا انه يبقى اقل خطورة من مواقع ادنى منه بكثير!!وهذا الكلام قد يبدو للكثيرين لامعنى له وانه مجرد سفسطة‘ وهم معذرون لانهم تعودوا على نمط معين من آلية الحكم التي تسلطت على العراق لفترات طويلة.
لتناول هذا الموضوع بواقعية لابد من النظر الى النظام السياسي من بعدين اساسيين هما البعد الخارجي والبعد الداخلي ولكل منهما مرتكزاته ومسالكه‘ فالجانب الخارجي يرتبط اساسا بالمنظومات الحاكمة كالرئاسة ومجلس الوزراء والى حد ما مجلس النواب‘هذه المنظومات الثلاث يمكنها اذا مااحسنت التصرف السياسي اقامة علاقات مميزة مع دول العالم المختلفة وربط العراق بها بصورة قد تكون نافعة وقد تكون ضارة ايضا!!!ففي ظل حالة التشرذم الفكري والسياسي والطائفي والقومي الذي تعانيه البلاد الان‘قد يعمل السياسي بالطريقة التي يعتقد انها تنفعه وشريحته ولا تنفع المواطن والوطن ككل ‘فكم من سياسي زار دولا ليعقد معها صفقات سياسية لاتنبع من مصلحة الوطن ولا تصب في مصالحه اطلاقا!! صفقات سياسية هي في الحقيقة مؤآمرات هدامة.
اذن من خلال النظر الى تلك المؤسسات من الزاوية الخارجية نتبين مدى خطورتها واهميتها سلبا او ايجابا اعتمادا على تصرف المسؤولين‘فعلى سبيل المثال لو ان وزير الخارجية واقصد اي وزير خارجية او مندوبي العراق لدى المحافل الدولية اقاموا علاقات واسعة وقوية مع الدول فانها ستكون نافعة اذا اقاموها على اساس وطني يخدم العراق‘وستكون ضارة لو اقاموها على اساس شخصي او فئوي بما يخدم مصالح ضيقة لاتعود بالنفع على الوطن والمواطن.
وكمثال على خطورة واهمية الجانب الخارجي‘هو حسين سعيد مع انه ليس من المؤسسات الحاكمة الانفة الذكر‘لكنه اضر العراق رياضيا وعزله عن المحافل الرياضية الدولية لانه اقام علاقات شخصية وفئوية لاتمت للوطن باية صلة وبالتالي اضرت العراق ولم تنفعه‘كذلك الموقف العدائي الذي اتخذه عضو البرلمان الاوربي ستيفنسن من الحكومة العراقية بتاثير من شخصيات عفلقية وطدت علاقاتها معه‘ فكيف حال السياسي اذا مااقام علاقات خارجية لاتنبني على الحس الوطني؟
البعد الاخر هو الداخلي وهو في اعتقادي اشد خطورة من البعد الخارجي كونه يتصل بشؤون الوطن والمواطنين بصورة مباشرة‘ في هذا المفصل يتضاءل خطرالمناصب القيادية في المنظومات الحاكمة كرئيس الوزراء مثلا‘حيث ان التعيينات يمكن ان تتم من خلال موظفين بدرجات وظيفية اقل بكثير من منصب رئيس الوزراء‘ وهنا يكمن الخطر الداهم‘فاذا ماتم زرع دوائر الدولة بموظفين لايؤمنون بالنظام السياسي الحالي ‘هؤلاء بامكانهم عرقلة مسيرة البلاد وشلها وبمختلف الاساليب كاالبيروقراطية والرشوة والمحسوبية والمحاباة ...الخ‘فالرئيس ورئيس الوزراء والوزراء ومن هم بدرجة وزير كل هؤلاء وطبقا للدستورالعراقي لايتم تعيينهم الا من خلال مصادقة البرلمان‘لكن ضباطا وبرتب عالية وغير عالية في الاجهزة الامنية المختلفة سواء كان ارتباطها بوزارة الداخلية او الدفاع او الامن الوطني او المخابرات او غيرها‘يتم تعيينهم من خلال موظفين في الدوائر المعنية دون الحاجة لمصادقة البرلمان بل دون الحاجة للتدقيق بسجلاتهم خصوصا اذا ماوجدوا من يسهل لهم امر التعيين في تلك الدوائر‘ وهنا يتبين خطورة واهمية المواقع الوظيفية التي هي ادنى من منصب رئيس الوزراء.
اهل الخبرة في الحكم والذين امضوا عقودا متواصلة في حكم العراق يعرفون هذا الامرجيدا لذا فهم يركزون على زرع دوائرالدولة بذلك النوع من الموظفين ليكونوا لهم عونا وسندا عند الحاجة ولتمرير المخططات المرسومة مستقبلا. وحتى مطالبتهم بالمناصب السيادية هومن باب الاستزادة او لعرقلة تمرير بعض القوانين التي لاتخدم اجنداتهم وتوجهاتهم.
مااريد قوله هنا هو ان على الشعب العراقي ان يركز على المواقع الامنية في البلاد والمواقع ذات الصلة المباشرة بخدمة المواطن التي هي مفتاح استقراره او اضطرابه حسب من يتولاها‘ التركيز على منصب رئيس الوزراء وحده لايعني تلاشي الخطورة خصوصا في بلد يعيش في جو من الديموقراطية المنفلته‘ان تعيين المواطنين النزيهين والاكفاء‘ الذين يؤمنون بالنظام السياسي الجديد في دوائر الدولة مادون درجة وزير هو صمام الامان من المخاطر التي قد تتعرض لها البلاد ممن يحنون الى زمن الدكتاتورية ويحلمون باعادتها ليستعبدوا الشعب ويصادروا الوطن......
https://telegram.me/buratha