حافظ آل بشارة
قبل ان تجف دماء عشرات المصلين الذين حصد ارواحهم التحالف البعثي التكفيري في سلسلة تفجيرات الجمعة الاخيرة استقبل الشعب العراقي اليوم حزمة تهديدات مفاجئة تقترح مشروعا واسعا لاراقة الدماء اذا لم يتم تلبية مطالبها ، هذا ليس عملا سياسيا بقدر ماهو ابتزاز دموي يديره شبح ابو طبر الذي هو مدرسة ورسالة اكثر من كونه شخصا محددا ، ابو طبر المحترم لم يعد جزء من الماضي بل هو حاضر بقوة في السياسة والاعلام والارهاب ، وهو الذي اشرف على رسم هذه الازدواجية المضحكة في ديمقراطية العراق الجديد ، اندلعت التهديدات الجديدة عشية اعلان هيئة المسائلة والعدالة استبعاد 52 من الفائزين في الانتخابات بسبب شمولهم باحكام الهيئة ، القضية تدور بين هيئة دستورية وبين الكتل السياسية التي ينتمي اليها المستبعدون ولكن الانتقام الذي سيحدث يستهدف بوحشيته الناس في الشارع فالذي يقتل او يصاب هو مواطن عادي لا ناقة له ولاجمل ولا يمت بصلة من قريب او بعيد الى الاطراف المعنية ، مشاركون في العملية السياسية يتولون ادارة التهديدات بكل انواعها ، وهذه الازدواجية المبتكرة نجحت عندهم وحققوا منها مكاسب جيدة ، قوم من هذا النوع الذكي ، يشتركون في العملية السياسية ويمجدون الدستور والديمقراطية والمؤسسات الدستورية ولكنهم بمجرد ان يتضرروا من تطبيق القوانين التي يتظاهرون باحترامها والمؤسسات التي يدعون الاعتراف بها بها فأنهم يلجئون فورا الى التهديد والوعيد ، وبالصدفة وبكل براءة كلما اطلقوا تهديداتهم البريئة اجتاحت العراق موجة جديدة من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والانتحاريين وجعلت جثث الناس واشلائهم متناثرة في كل مكان ، كلما تضرروا قليلا من تطبيق القانون في بلد القانون حصلوا (بالصدفة) على مذبحة جديدة لتركيع شركائهم فهم يأكلون على مائدة الديمقراطية ومائدة الارهاب في وقت واحد ، رجال متنفذون يريدون المضي في هذه اللعبة الى النهاية ، وفي أحاديثهم الشخصية يحتقرون الديمقراطية والدستور والاجتثاث والحكومة الحالية ، من المتوقع انهم سيحققون نجاحا كبيرا فقد نجحوا حتى الآن في تحقيق مكاسب مهمة ، وحصلت مذابح تأريخية يسيل لها اللعاب وتدعو للفخر والاعتزاز ، وعندما يطلقون التهديدات الجديدة فهم قول وفعل ، اذا كانت هذه الدولة قد ابتليت بالضعف الامني ، واذا كانت حماية المدنيين شيئا مستحيلا فلماذا لا تمنع الدولة اسلوب اطلاق التهديدات من قبل السياسيين الاعزاء عند الوقوع في خلافات ؟ التهديد بالرد بالحديد والنار على قرار مؤسسة دستورية دليل واضح على ان الطرف الآخر لايعترف بهذه المؤسسة ، ولو كان يعترف بها لاستخدم الاسلوب القانوني وهو الاعتراض على القرار لدى الجهات القضائية وأيراد الادلة على بطلانه ، اغلب الذين يطلقون هذه التهديدات هم من ويلاد النظام السابق ورموزه ولا يجيدون غير هذه اللغة المهنية القديمة كما انهم لايعرفون اسلوبا للنقاش غير هذا فهل نحملهم فوق ما يطيقون ؟ ولكن في هذا الفراغ الدستوري والظلام الدامس يتكرر السؤال : من المسؤول عن حماية المدنيين من المذبحة المقبلة التي اصبح وقوعها بحكم المؤكد طبق تجارب بلادنا في قضية التهديدات ومايقع بعدها ؟ الا يجب محاسبة مطلقو التهديدات ؟ هل المسؤول هو الحكومة ام السلطة القضائية ام القوات المسلحة ؟ ثم اين الكتل السياسية تلك الكتل التي كانت تجتمع فورا كلما حدث خلاف للعثور على حل اين هي في هذه الايام التي يلوذ فيها الجميع بالصمت ، اين مجلس الامن الوطني ، اين من يتبرع لوجه الله تعالى بمنع وقوع مذبحة جديدة ؟
https://telegram.me/buratha