د عادل زاير الكعبي
إنّ ثمة خطأً تاريخياً في السياسة العراقية لابدّ للوطنيين أن يتنبّهوا له هو أنّ عراق مابعد( 2003) يختلف عن عراق حكم البعث المقيّد للفكر العراقي السياسي والاجتماعي ؛لأنّ هذه المرحلة أفرزت قيادات سياسية ووطنية كثيرة وكتلاً وأحزاباً سياسية متنوعة ؛فضلاً عن مؤسسات المجتمع المدني ،والمؤسسات القضائية والدستورية .
من هنا علينا أن نشعر بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية في معالجة الواقع العراقي الصعب من خلال استراتيجيات محسوبة وبرامج سياسية مدروسة تثبت للعالم أنّ ما ماحدث في العراق هو تغيير حقيقي ومرحلة بناء يمكن معالجة أخطائها بتروٍّ بمشاركة فاعلة لجميع القوى السياسية التي يهمّها الانتقال إلى مرحلة جديدة تنهي شماتة الأقربين والأبعدين بالشعب العراقي التي تكاد معنوياته تنهار بفعل ضربات دموية لاتفسير لها إلاّ السعي إلى كتابة مذكرات تاريخية معاصرة على وفق ما أرادته أجندات وسياسات مرسومة غريبة عن واقعنا العراقي؛ومنها المناداة بتأسيس دولة الكويت الجديدة المسماة بالكوت التي تضم ّ إقليم البصرة حتّى مدينة القرنة،وقد بدأ الناس هناك بتأسيس فكر سياسي وإعلامي وفضائي استعداداً لتنفيذ هذا المشروع الكبير الذي ينهي من وجهة نظر النوّاب هناك فلسفة عودة الأصل إلى الفرع؛وجعل المعادلة معكوسة قولاً وفعلاً.هذا مثل بسيط من أمثلة الأجندات الخارجية التي غفل عنها أو تغافل عنها السياسيون العراقيون الذين انشغلوا عن وطنهم ؛وجعلوا أمثال ألقذافي يتبنّى قضايا شعبنا على طريقته المجنونة؛فهو الرئيس الوحيد في العالم الذي طالب شعبه بالتعويض المادي لأنّه افنى عمره في قيادتهم وهم نائمون! ،ويبدو أنّه سيطالب العراقيين الذين تبنّى قضيّتهم بالتعويض؛على وفق فلسفته السنوية التي يعدم في ذكراها سبعة من أبناء شعبه بحجة أنّ ثورة الكتاب الأخضر تأكل أفراخها.عليكم أيٌّها السياسيون العراقيون أن تمنعوا هذه الجرأة على شعبكم وقياداتكم من خلال إعلان ميثاق الشراكة الوطنية في إدارة البلاد في ظلّ المائدة المستديرة؛ولا تنسوا أنّ كثرة التصريحات السياسية المتنافرة من دون فعل صحيح وملموس تعدّ تشويهاً للتجربة الديمقراطية العراقية التي تحوّلت في القنوات الإعلامية إلى مظاهر من الصراع السياسي؛والبحث عن فرص المحاصصات في لعبة الكراسي السياسية والحكومية بين أطراف مهمة طالما اجتمعت على مائدة طعام واحدة سرّاً أو علناً؛ في حين تظهر أمامنا أنّها منفصلة عن بعضها ومنسلخة عن واقعها العراقي في ضوء تصريحاتها المتناقضة بين يوم وليلة والشعب يسجّل ويعيد ويقلق،لأنّ الإعلام العراقي والعربي أظهر السياسي العراقي( قلقاً مقلقاً ) ولابدّ أن يتكلّم أحد من الوطنيين العراقيين الذين يحملون هموم المواطن العراقي ؛لذلك أراد السيّد عمّار الحكيم أن يحمّل القيادات السياسية العراقية المختلفة شرقاً وغرباً ؛شمالاً وجنوباً؛المسؤولية الأخلاقية والوطنية لتجاوز حاجز الجمود السياسي وتناسي التنافس الحكومي من أجل شعب انتخبكم ومنحكم ثقته وأرادكم أن توفّروا له الحماية والعيش الشريف ليذكركم التاريخ في صفحاته البيضاء،لذا عليكم أن تجلسوا إلى المائدة المستديرة وتثبتوا لأنفسكم أوّلاً انّكم أقوياء بالشعب لابغيره ؛و أن تحاوروا من لديه الخبرة لمساعدتكم في الملف الأمني الصعب ،لاسيّما أنّ المجلس الأعلى قد قدّم للحكومة برنامجاً وخطّة لمعالجة الوضع الأمني،والأسماء التي تنفّذ الخطة لايشترط أن تكون منتسبة لنا.وهذا درس واعٍ لمن يريد أن يحقّق إستراتيجيتنا الوطنية في إطار حكومة الخدمة الوطنية ؛ونرفض التصريحات التي لاتعتمد الواقعية ،فليس من المعقول أن ينتظر العراقي إلى عام( 2015) ليتأكّد من صحّة كلام وزير الكهرباء مثلاً الذي قال إنّ مشاريع مهمة ستتمّ في ذلك العام تجعل ساعات القطع أقلّ !
إن على الفرقاء السياسيين أن يفهموا أنّ المواطن العراقي لايريد أسماءً-وإن كان قد صفّق لبعضها في الانتخابات؛وإنّما يريد حلاً حقيقياّ لمشاكله المتراكمة في الأمن وتوفير العمل ،وعندها سيحتفل العراقيون مع قادتهم الوطنيين بتحقيق السيادة الكاملة بخروج الاحتلال والقضاء على فلول الإرهاب ومحو فلسفة الأجندات الخارجية ،بتفعيل العمل بالدستور الذي يحفظ حق المواطن والسياسي؛ويبني دولتنا الحديثة؛وعندها لاقبل ذلك سنعرف من يعمل من أجل الشعب ؛لأنّ فلسفتنا السياسية تقول :إنّ العراق لاتحكمه الأسماء بل رموز وطنية مرّت بأيام من الجهاد ضد الطغيان والاستبداد,واستحقّت أن تكون في موقعها اليوم ،لذلك على قادة الكتل الفائزة في الانتخابات أن تتجاوز هذا الملف وتتنازل للوطن وللشعب وتشكّل الحكومة الوطنية التي تخدم مصالح البلاد والعباد.
https://telegram.me/buratha