سعد البصري
إن مادة الشمع بطبيعتها العلمية مادة سريعة الذوبان إذا تعرضت إلى حرارة النار ، فتذوب كما يذوب الثلج عند تعرضه إلى أشعة الشمس . لكن الفرق بين الماء والشمع يكمن بعد عملية الذوبان فالثلج يتحول إلى مادة سائلة أو بخارا ويذهب أدراج الرياح ، أما الشمع فأنه بعد ذوبانه وإبعاد مصدر النار عنه يرجع مرة أخرى إلى حالته الصلبة . هذه المقدمة البسيطة عن ماهية الشمع تنطبق تماما على شعبنا العراقي الأصيل الذي تسيل دماءه كما الشمع يوما بعد أخر بسبب الإعمال الإرهابية والإجرامية والتفجيرات الانتحارية وغيرها . التي منفكت تخوض بدماء العراقيين لإنجاح مخططات تكفيرية وأجندات خارجية غايتها نشر ثقافة العنف والطائفية في عراق تكالبت عليه قوى الشر من كل جانب ، وتحاول طمس هويته العربية والإسلامية . إن ما جرى ويجري على الشعب العراقي من مجازر رهيبة يندى لها جبين الإنسانية جمعاء بسبب سيل الدم العراقي الذي لا ذنب له . لقد كانت تفجيرات يوم الجمعة الدامي والتي راح ضحيتها العشرات من المصلين الأبرياء الذين افترشوا الأرض لأداء الصلوات التي تقربهم إلى الله سبحانه وتعالى واحدة من وصمات العار ضد من يدعون الإسلام وهو بريء منهم. فلما كان المصلون مطمأنين وهم بين يدي خالقهم فعل الجبناء فعلتهم الشنيعة التي لا يرضي بها أي دين أو مذهب أو طائفة . وهنا اسأل لماذا العراقيون دائما ..؟ هل لهم ذنب لا يعرفه احد.. هل عليهم أن يعطوا الجزية بدل ما يتقاتل عليه غيرهم من السياسيين للحصول على المناصب والحقائب وبعيدا عن المفخخات والتفجيرات . لكن العراقيون سنة وشيعة ،عربا وأكرادا وقوميات أخرى فهموا الرسالة جيدا ووعوا لخطورة الموقف وفظاعة الجرم . وصاروا بعد كل عمل إرهابي يزدادون قوة وصلابة وتمسكا بالحياة . وتعود صلابتهم أكثر من ذي قبل ، وهم يعلمون تماما إن ما يحدث فالمقصود به هم أنفسهم أي (العراقيون) ولا احد سواهم ، وهذا ما أثبتوه للعالم اجمع في الكثير من الأحداث التي مرت عليهم وأخرها الانتخابات البرلمانية. لكن إلى متى وحتى متى تظل الشموع تسيل ويبقى الدم يراق ليروي تراب العراق ويضيء دروب الأمل للأجيال القادمة. فعلى السياسيين أن يعرفوا إذا أرادوا أن يقدموا ولو شيئا بسيطا ليعوضوا هذه الدماء ، فلا بد لهم من الإسراع في تشكيل الحكومة وترك النزاعات الغير مجدية جانبا ووئد الفتنة إلى الأبد .
https://telegram.me/buratha