حافظ آل بشارة
لم يكن مقتل قادة عصابات القاعدة في العراق نهاية مرحلة بل هو بداية مثيرة لزحف هذه العصابات العكسي باتجاه البلدان التي جاءت منها ، التاريخ يعيد نفسه والعالم امام قصة تشبه قصة الافغان العرب في رحلة عودتهم الى بلدانهم محبطين بعد رحيل السوفيت ، كانت المخابرات الامريكية قد استدرجت آلاف المتطوعين المسلمين تحت شعار الجهاد ضد الالحاد والاحتلال السوفيتي وشكلت منهم حركة الافغان العرب فوجدت تجاوبا واسعا ، كان البيت الابيض قلقا من التغلغل السوفيتي باتجاه اواسط آسيا ، الا ان الافغان العرب تحولوا بعد رحيل السوفيت من افغانستان الى عالة على المخابرات الامريكية وعلى بلدانهم ،
وهنا قرر خبراء الستراتيجيا الامريكيين الاستفادة من هذا العدد الكبير من المجاهدين في مواصلة لعبة جديدة اسمها تنظيم القاعدة وقد اعجبهم ما حققوه من نجاح في افغانستان ، أصل الفكرة مشروع كبير يقوم على آخر واحدث ماتوصلت اليه فنون العمل الاستخباري والحرب النفسية القائمة على الاستدراج والنيابة السرية ، تقوم الخطة على اساس فتح خط جهادي داخل المخابرات الامريكية في تطبيق لاحدث نظرية تقول ان استخدام انظمة حكم عميلة صديقة للغرب لحراسة مصالحه لايمكن ان ينجح مالم يرافقه مشروع لاستقطاب القوى المعارضة لهذا النظام العميل أي صناعة حاكم وصناعة معارضيه في الوقت نفسه وامساك خيوط حركة الخصمين في يد واحدة ، انظمة الحكم في المنطقة عانت من عصابات القاعدة التي قدمت نفسها كحاضنة للمعارضات المسلحة ، وتمتلك فروعا في الجزيرة العربية واليمن ومصر والشام وكل العالم . منذ نهاية السبعينات كانت المنطقة النفطية مهددة بنمو تيارات اسلامية خطيرة في مصر وبلاد الشام والعراق ، وكان نجاح الثورة الاسلامية في ايران وقتل الرئيس المصري انور السادات من قبل الاخوان المسلمين وازدهار الحركة الاسلامية في العراق كله قد نبه الدول العظمى الى نهوض اسلامي لافت ، الامر الذي جعل تدابير المخابرات الغربية تنصب على الاحتواء واحتضان التيار الثوري عبر تدابير معقدة وصبورة ومتواصلة ، بعد سقوط صدام مارست القاعدة دورها في العراق كاملا واستطاعت تشويه مظهر أي مبادرة جهادية يمكن ان تواجه الغزو الامريكي للعراق والمنطقة بالشكل الذي جعل الناس يكرهون اسم الجهاد ويلوذون بالجيش الامريكي لانقاذهم من وحشية (المجاهدين) ، وقد مارست هذه العصابات اساليب مقززة ترسم صورة سيئة جدا للاسلام وهو المطلوب في النهاية ،
فقد استخدموا الرجال والنساء والصبية واليافعين لتنفيذ عمليات انتحارية بعلم من الضحية او بغير علم منه ، وزيادة في الضحك والسخرية من الاسلام اسموا الاطفال المستخدمين (طيور الجنة) والغريب ان هذه القنابل البشرية لايتم تفجيرها في اسرائيل او امريكا بل يستخدمون لتنفيذ مذابح جماعية في اوساط المسلمين الشيعة على اساس ان الشيعي اشد خطرا على الاسلام من الكافر لانه مرتد عن الدين ! هذه العصابات تستخدم التكفير في اقسى اشكاله وتبدو بصمات التوجيه الاجنبي واضحة في سلوكها فهي اسطورة ولعبة أممية متقنة ، انتهى دورهم في العراق ، وقد نجحوا في ايجاد تيار اجتماعي واسع يكره الاسلام ويهرب منه الى احضان العولمة والتغريب ، الوثائق التي تم العثور عليها في مخابي القادة المقتولين في الثرثار وفي مخابئ ديالى تؤكد بدء الهجرة العكسية للعصابات باتجاه دول الخليج وسيكون مشروعهم الاول هناك (طيور الجنة) الذي بدأوا تأسيسه منذ سنتين ليبدأ عمله في الدول الخليجية للقضاء على ماتبقى للاسلام من اتباع معتدلين وجعل المجتمع العربي ينساق كله باتجاه التغريب . على الحكومات ان لا تجزع لهذا التحول مادام محرك خيوط الجهتين لاعبا واحدا بأقنعة عديدة .
https://telegram.me/buratha