حسن الطائي
كان اثر الخبر الرائع في النفوس كبيرا جدا ويبعث على الطمأنينة في اننا نحقق انتصارا في المعركة ولسنا نتلقى الضربات فقط وخصوصا عندما اظهرت وسائل الاعلام وجود قيادات القاعدة في الحفر في المناطق النائية مما يعطي انطباع عن الخوف الذي يعيشونه ويعكس التقدم الذي تحقق في قصم ظهر القاعدة بابي ايوب المصري وابو عمر البغدادي.ولكن لابد لنا ان نتأمل في جانب آخر وهو توقيت هذه العملية ولماذا اليوم في الوقت الذي مر اكثر من اربع سنوات من البحث والتمحيص والترقب والتربص لايقاعهم في قبضة السلطة مع كل الامكانيات المتطورة تصاعديا على صعيد القوات الامنية العراقية اضافة إلى الدعم الكبير للقوات الامريكية.وبالتأكيد لا يمكن ان نخلوا مثل هذا الحدث الكبير عن الجانب السياسي فيه ،ولو تأملنا في آخر المستجدات على الساحة السياسية نجد الابرز فيها هو الانفتاح العربي السعودي على العراق.ومن المعلوم قدرة المملكة العربية السعودية المتقدمة في ملف الارهاب سواء على صعيد المعلومات او السيطرة على مصادر التمويل او خطوط الاتصال.وبالتالي تمتلك القدرة على مساعدة العراق باتجاه ايجابي سوف يعمل على ما يصطلح عليه بتجفيف منابع الارهاب بصورة تؤدي على تغيير معادلة الصراع مع التنظيمات الارهابية وبالخصوص القاعدة.وهذا ما يعلمه الجميع ولكن؟!كيف طلبنا من المملكة المساعدة في هذا الملف واعني صيغة الطلب، وكذلك لا يخفى على الجميع الهاجس الكبير لدى المملكة بل لدى جميع الدول العربية من الانفتاح السياسي الذي تحقق في العراق او كما اصطلح عليه بعض السياسيين الخوف من فايروس الديمقراطية وآثاره على بلدانهم.ومع هذا وذلك نجد سياسة الحكومة العراقية لم تعمل على تبديد الهواجس لدى زعماء الدول العربية بل على العكس تماما كانت تلوح بهذا الورقة معتبرة اياها ورقة قوة وضغط على هذه الدول وزعمائها، هذا مع التغافل عن الورقة المذهبية وانعكاسات ما يصطلح عليه بالشد الطائفي الذي عمل على زيادة الهوة بين الحكومة العراقية والدول العربية.وعندما تتبعنا السبب في التزام هذه السياسة من الحكومة العراقية رغم انعكاساتها السلبية على الواقع العراقية وحاجته الماسة لدعم وتأييد الاشقاء العرب وجدنا الدور الامريكي وتحديدا في عهد الرئيس السابق بوش والذي كان ينقل رسائل للساسة العراقيين في عدم الحاجة إلى الدول العربية وغنى العراق بالدعم الامريكي عن الانفتاح عليها، ومع الاسف تفاعل الحكومة مع هذا الطرح واعتمادها هذه السياسة واطلاقها للتصريحات بما يصب في هذا السياق.وبالتالي اخذ الامر بالتصعيد يوما بعد يوم وامام هذا الحال اصبحت القوى الاقليمية العربية امام خيار وحيد وهو غض النظر عن تحرك الشبكات الارهابية باتجاه العراق الجديد.واخذت وسائل الاعلام التابعة للسلطة وكذلك التابعة للمكون الشيعي تتحرك باتجاه تسليط الاضواء مشيرة باصبع الاتهام والحصة الاكبر كانت للمملكة العربية السعودية.نعم وجدنا الساسة الكرد وسرعان ما لحق بهم بعض الساسة الشيعة اخرجوا انفسهم من هذه الدائرة بل وجدنا مكون سياسي مثل المجلس الاعلى الذي اخذ باتجاه تبرير هذا الشد مع الدول العربية وكيف ان لنا دور كبير فيه ولابد من التغيير يبدأ من انفسنا.وهذا بالطبع كان تقدم كبير بالاتجاه الصحيح فالمملكة ايضا اصبحت في موقف محرج وتريد الانتهاء من هذا الملف واعادة فتح العلاقات مع العراق لكي يقوم بدوره المهم والفاعل على الصعيد الاقليمي والعربي.واليوم مع التقديم الكبير الذي تحقق باتجاه تبديد الهواجس وتقريب وجهات النظر والفهم الدقيق لاهمية الدور العربي والدور العراقي في المنطقة الذي ظهر من قبل كيانات سياسية في العراق لا الحكومة مع الاسف الشديد وفتح المملكة ابوابها باتجاه هذا الخطاب المعتدل سيشهد العراق كما يؤكد العديد من المراقبين تغييرا جذريا في المعادلة الامنية يتصاعد مع تصاعد الانفتاح وبناء جسور الثقة وتبادل المصالح.بالطبع هناك العديد من الملفات التي ترتبط ولها دور بصورة واخرى في هذا الموضوع ولكن خشية من الاطالة والتشتيت وجدنا الاكتفاء بهذه الخلاصة اقرب للقاريء الكريم ويفتح الطريق امامه للتحليل والتقصي بما يضفي الدقة ويثري الثقافة السياسية.وامام هذا يصبح السؤال المطروح: هل ان الانفتاح العربي على العراق ساهم في تحقيق انجاز امني تجسد في مقتل ابو عمر البغدادي وابو ايوب المصري؟ام انه انجاز امني عراقي صرف شاءت الاقدار ان يتحقق اليوم فيما عجزت عنه خلال السنوات الاربع الماضية؟!واذا كان هذا الانجاز الامني نتج عن الانفتاح العربي أليس الجدير بالحكومة ان تعمل جاهدة في سبيل شعبها بعيدا عن (العنتريات) -اي بعيدا عن المآثر والانجازات عبر وسائل الاعلام والاهتمام بصورتها- ان تعمل على تطوير ملف الانفتاح العربي من اجل شعبها لا من اجل صورتها؟!هناك من يفهم بل ويشكر القادة السياسيين الذين انفتحوا باتجاه القوى الاقليمية العربية وقدموا هدية لشعبهم تجسد في البغدادي والمصري
حسن الطائي- العراق
https://telegram.me/buratha