احمد عبد الرحمن
تتداخل المفاهيم والتعابير والمفردات السياسية من حيث الجوهر والمحتوى والمضمون، فحينما نتحدث عن الشراكة الوطنية الحقيقية، فمثل هذا الحديث يفضي تلقائيا الى الحديث عن التوافقات السياسية، والحلول الوسط، والتنازلات المتبادلة، والمرونة، وتعدد البدائل والخيارات، وعدم الاكتفاء او الاصرار على خيار واحد لابديل له.وواقع العملية السياسية الديمقراطية في العراق اليوم يفرض توسيع مساحات الحوار والنقاش والبحث بأقصى قدر ممكن، وعدم التقوقع في مساحات ضيقة، فتعدد وتنوع القوى والكيانات والتيارات السياسية يعني تعدد وتنوع الرؤى والاطروحات والتصورات والبرامج، ويفرض واقع العملية السياسية الديمقراطية ايضا العمل بمبدأ لافرض ولارفض، لان الفرض يعني الاستئثار بالمواقع والمناصب والاستفراد بأدارة شؤون الدولة، والرفض يعني مصادرة اراء الشركاء السياسيين الاخرين، وهذا كله يتقاطع بالكامل مع روح وجوهر الديمقراطية والمشاركة السياسية.الرفض والفرض، والتمسك بخيار واحد، لايفضي الا الى طرق موصدة وابواب مغلقة، ومن يتصدى لمقاليد الامور ويشغل المواقع العليا في الدولة ينبغي ان يحظى الى جانب تمتعه بالكفاءة والقدرة والنزاهة بالقبول من قبل كل القوى والمكونات السياسية المشاركة في العملية السياسية، والا ستبقى العقد والاشكاليات قائمة ان لم تزداد وتتنامى، وستكون فرص الفشل والاخفاق اكثر من فرص النجاح.ولعل التجارب السابقة اكدت وكشفت ان الاصرار على توجه وخيار واحد، ومحاولات الالتفاف على خيارات الاخرين لايمكن ان يكتب له النجاح، وهو من بين ابرز واكبر العوامل المعطلة للعملية السياسية، التي يتطلع المواطن بشغف بعد ان شارك في الثورة البنفسجية الاخيرة بكل حماس واندفاع، ان يلمس في الافق ملامح ومعالم تقدم الى الامام، وحرص من قبل القوى السياسية التي نجحت في نيل ثقة الناخبين على تغليب مصالح الوطن على مصالح الاحزاب والطوائف والقوميات، حيث ان الاولى تستوعب الثانية، لكن ليس بالضرورة ان تستوعب الثانية الاولى ان لم تتقاطع معها وتضيعها وتغيبها، وبالتالي يختزل الوطن بعناوين ضيقة وحسابات خاصة.
https://telegram.me/buratha