حافظ آل بشارة
هذه هي ايام الفراغ السياسي الذي لايتكلم عنه أحد ، انه فراغ طبيعي في الدول الديمقراطية يحدث مابين دورتين انتخابيتين و ما بين حكومتين ، لكنه في العراق يتحول الى برزخ مرعب تتجمع فيه الكوابيس من كل حدب وصوب ، مازالت ذكريات الارهاب والجريمة المنظمة تلقي بظلالها على الحياة اليومية ، وعلى اثرها تنتشر التحليلات والشائعات الضارة وتصبح الشفافية مطلوبة والتطمينات الرسمية ضرورية ، المطلوب خروج مسؤولين كبار ذوي مصداقية في وسائل الاعلام لتوجيه الشارع وتفنيد الشائعات ، لماذا يفقد المسؤول والنائب السابق توازنه لعدم فوزه في الانتخابات ويفضل الانزواء ؟ هل انتهت المهمة المقدسة ؟ عندما يرافق الفراغ السياسي فراغ اعلامي تزداد مخاطر تسميم الراي العام ، غياب نسبي للقيادات وخطابها الهادف الى اعادة الثقة بالعملية السياسية ، هذا الغياب جعل المغرضين يروجون بأن القوى السياسية العراقية بحاجة الى حضانة امريكية لوقت اطول كي تستطيع التعامل مع مسؤولياتها المتعددة والنهوض بأدارة الدولة وحل الخلافات ، ثم القول : اذا رسبت القوى المتفاوضة في امتحان تشكيل الحكومة فسوف توفر ذريعة لعودة امريكية عسكرية ثقيلة الوطأة بحجة حفظ الامن واملاء الفراغ وسط ترحيب جماهيري واشادة بالمنقذ اوباما ، والى جانب تلك التصورات اسهم مؤتمر الارهابيين في اسطنبول قبل ايام في تنشيط خطوط الحرب النفسية ضد العراق وشعبه ، المؤتمر ( الذي حضره حارث الضاري وعبد الناصر الجنابي وممثل عن حزب البعث المنحل جناح يونس الاحمد وممثل عن جناح عزت الدوري ـ مكتب صنعاء وممثل عما يسمى بجيش عمر وممثل عن انصار الاسلام وممثل عن التوحيد والجهاد وخمسة فصائل منشقة من القاعدة وبحضور مراقب من المخابرات التركية كذلك حضر المؤتمر السفير الاسرائيلي في اسطنبول وممثل الحركة الوهابية) كما يقول نص الخبر . هذا المؤتمر اعلن عودة التحالف البعثي التكفيري الى مشروع الحرب الطائفية ، واعلن المصالحة مع الولايات المتحدة والعداء مع الدولة والشعب العراقي ! وهو نوع من الغزل وعرض الخدمات لواشنطن . المؤتمر يثير تساؤلات حول مصداقية تعهدات دول الجوار وموقفهم من العراق ، هذه تركيا التي تتكلم معنا بنعومة الاوربيين وتعاملنا بخشونة الجيش الانكشاري ما الذي جعلها بارعة في نفاقها السياسي الى هذا الحد ؟ من باب يعلنون اهتمامهم بأمن العراق وتقديسهم للعلاقات الثنائية ومن باب آخر يستضيفون المجرمين المطلوبين للقضاء العراقي الذين يجب تسليمهم الى بغداد لمحاكمتهم بجرائم القتل الجماعي . ويسمحون لهم باتخاذ مدينة اسطنبول مكانا لارسال التهديدات الى العراق ، يبدو ان اموال النفط اعمت انقرة التي تنسى نفسها وتعهداتها امام بريق الدولار ، الاتراك لا دين ولا ديانه لا حظ ولا بخت يأكلون النخلة بسعفها ، القتلة الذين اجتمعوا هناك لا يريدون شيئا سوى العودة الى السلطة في العراق ، يجتمعون في تركيا التي فيها قاعدة انجرليك الامريكية وسفارة لاسرائيل ! ويأخذون اموالا هائلة من دول خليجية تستضيف على اراضيها اكبر القواعد العسكرية الامريكية في المنطقة ، وقد حضر المؤتمر السفير الاسرائيلي في تركيا ، ويمكن بفحص الاطراف ذات العلاقة معرفة هوية المقاومة الشريفة وكيف تعمل ، مقاومة لها علاقات طيبة بالاطراف الاتية : امريكا ، اسرائيل ، تركيا ، دول الخليج ، الوهابية . اذن من هو عدوها ؟ انه الشعب العراقي ، اذا كانت تلك العصابات مصرة على سفك دماء العراقيين فلماذا تتورط معها الاطراف المذكورة ؟ ان التحديات التي تواجه الشعب العراقي تتصاعد ، وكلما حدث فراغ حاول المجرمون ملأه ، يجب ان لايفقد العراق انتصاراته الامنية التي اقتلعت الارهاب ، ولابد من مواصلة مشروع التحرر والوحدة والبناء .
https://telegram.me/buratha