حافظ آل بشارة
فرق كبير بين من ينتظر قدرا يغلي بوليمة دسمة فاحت توابلها في كل مكان وهو جائع ومن ينتظر قدرا يغلي اكتشف انه يطبخ الحصى لتسلية الجياع ، آخر مانادت به القوى الوطنية من طبخة ينتظرها الجياع القول بتشكيل حكومة يشارك فيها الجميع ، وهذا مشروع جيد ، لكن الناس يريدون الزبدة ، النتيجة ، قيل لهم اذا شاركتم في الانتخابات بقوة فسوف تنفتح عليكم البركات من كل صوب فهبوا الى صناديق الاقتراع زرافات ووحدانا ، وهم اليوم ينتظرون تلك البركات الموعودة وينظرون الى مباحثات الكتل والاحزاب وبيانات المفوضية نظرة المتفائل الذي يتوقع ان تنفتق عليه الخيرات في كل لحظة ، يتفرج الناس على اللقاءات بين المسؤولين والتصريحات الساخنة كمن ينتظر قدرا على النار كلما تصاعد منه البخار اصبح موعد الوليمة التأريخية اقرب ، ولكثرة التصريحات المتفائلة والبرامج الانتخابية السابقة الحافلة بالوعود يكاد الناس يشمون رائحة السعادة والرفاه والاكتفاء والنظافة والامن في كل زاوية من مدنهم ، متناسين كثيرا من الآلام اليومية المتراكمة . هذا الانتظار ان كانت له فائدة تذكر خلال هذه الايام فسيتحول الى كارثة في الايام القليلة المقبلة لان الانتظار بلا نتيجة يعزز فقدان الثقة الذي بدأ يدب بين الناس والنخبة المتنافسة على السلطة . خاصة وان بعض المصطلحات الاعلامية يقول الناس في الشارع انها لاتهمنا ، لا يهم الناس ماتعنيه تسمية (حكومة المشاركة) او (حكومة الاستحقاق الانتخابي) او (حكومة الوحدة الوطنية) ، انهم ينظرون الى المصطلحات على انها كلمات وجدت من اجل حل المشاكل بين الاحزاب والوصول الى تسويات لاقتسام المواقع وليست هي تعبيرا عما يعانيه الناس وما يريدونه ، وهناك مفارقات كبيرة في هذا المجال ، مناطق في قلب المدينة تتراكم عندها النفايات لم تنجح حكومة الوحدة الوطنية في رفعها ، فهل ستنجح حكومة المشاركة الوطنية في تنظيف تلك النفايات ، في عهد حكومة الوحدة الوطنية اصبحت العوائل التي ليس لها معيل تنتظر اشهر لكي تحصل على مبلغ مخجل لسد رمقها من شبكة الحماية الاجتماعية التي هي شبكة للاذلال الاجتماعي المنظم ، وفي الايام الاخيرة توقف صرف تلك الاعانات ، فهل تحتاج اعادة الاعانات الخاصة بملايين الارامل والايتام الى حكومة شراكة ام الى حكومة وحدة وطنية ام الى نظام راسمالي و شيوعي ؟ في عهد نظام صدام الديكتاتوري كانت البطاقة التموينية تأتي بانتظام الى الناس ولم تتوقف او تسرق مفرداتها ، وفي ظل العراق الجديد وحكومة الوحدة الوطنية الديمقراطية الاتحادية غابت البطاقة التموينية وانتحرت وضاع دمها بين القبائل ولو سأل سائل عن المليارات التي انفقت لها اين هي الان قيل له انت خائن هيا اعتقلوه ، السياسيون يريدون حل مشاكلهم بهذه المصطلحات التي لاتعني للناس شيئا ، الناس يسألون : هل ان الاسم الجديد للحكومة يعني ان لديها وسائل جديدة لحل المشاكل الجماهيرية ؟ كان اسمها حكومة الوحدة الوطنية وهي في العهد الجديد سيكون اسمها حكومة الشراكة الوطنية ، وبالمقارنة بين الاسمين وشطب الكلمات المتشابهة من الطرفين ستكون النتيجة استبدال كلمة الوحدة بكلمة الشراكة ، وهذا يعني ان مشاكلنا كلها في الدورة السابقة ناتجة عن كلمة الوحدة وقد فعلوا خيرا عندما استبدلوها بالشراكة او المشاركة ، فهل يعني ذلك ان التدهور الامني والفساد والفقر والذل والفوضى والتراجع في مستوى الخدمات كلها ستنتهي عند تبديل كلمة الوحدة بكلمة الشراكة ؟ هذا سؤال يدور على السنة الناس في جميع انحاء البلاد ، انه شعب يثق بالكتل السياسية التي تمثله وقد اعطى صوته لها وينتظر النتيجة وهذه الاسئلة ناتجة عن تفاؤل وثقة عامرة وتصديق لما يقوله القادة والوجهاء في هذه الامة التي ادمنت الانتظار ، القدر الكبير على النار والبخار يتصاعد والبطون خالية ، والجميع يأمل ان لاتكون الطبخة من الحصى ، تعقبها الخيبة ثم الغضب ، ولات حين مندم .
https://telegram.me/buratha