باسم العلي
هنالك دعوات مخلصة للوحدة الوطنية وهنالك من يستعملها لاغراض خاصة وفي وقت الحاجة , انها تذكرني بما مضى حينما كان البعث حاكما فاذا اقررت بما قاله الحزب والقائد فانت على خير والا فانت معادي لخط الثورة.
ان الوحدة الوطنية ماهي الا ممارسة وتطبيق وليس مجرد شعار يطلق هنا وهناك وكلما تتطلبه الحاجة. اشتغلت في احدى المدن الاسترالية والتي عدد سكانها حوالي الثلاث الاف شخص لهم خلفيات اثنية مختلفة تعد ب 163 جنس. الجميع فخورين باصولهم الاثنية وبنفس الوقت جنسيتهم الاسترالية. فلايوجد هنالك حضرا على ممارستهم لطقوسهم واعرافهم وتقاليدهم الخاصة بل على العكس فان الحكومة تشجعهم وتساعدهم بالمال من اجل التمسك بعاداتهم وتقاليدهم لان ذلك يعتبر تغذية وتنمية للمجتمع الاسترالي. ان استراليا فخورة بهذا المزيج اللطيف من الاثنيات... هل تاثرت الوحدة الوطنية الاسترالية بهذا التنوع ؟ الجواب لا.
ان سياسة القهر والتسلط والظلم والاستعباد هي التي تفرق ولا تجمع, ان هذه السياسة التي اتبعها حكام العراق والعالم العربي بصورة خاصة وكل بلدان العالم الثالث هي التي انتجت الحساسية والتقوقع وعدم الرضا.
ان الحكام المستبدبن الذين لايملكون شرعية لتسلمهم السلطة يتحتم عليهم الاحتماء بمكون واحد من اجل البقاء في تلك السلطة, فلذلك نشروا اسطورة واجبرو الناس على قبولها الا وهي ان هنالك اسياد وعبيد . للاسياد العزة والكرامة والرفاهية وللعبيد القهروالظلم والتسليم ,فاطاعة السيد واجبة ولايهم ان كان خيرا ام فاسدا, عادلا ام ظالما وبمرور الزمن اصبح ذلك عرفا وقانونا مسلم به ولايمكن تغيره.
لقد اجبر الكردي والاشوري والتركماني وكل الاقليات العراقية في عهد البعث على الانتماء الى حزب البعث واعلان عروبتهم ومن يعارض فمصيره ومصير اهله الدمار.
هل ننكر ان في العراق قوميات مختلفة واديان مختلفة ومذاهب مختلفة؟ وهل ننكر ان هؤلاء العراقيين هم اصلاء وليسو مهاجرين من دول اخرى. هل ننكر ان كل واحد منهم محب ومتصل ومتمسك ومعتز بهويته, لماذا ننكر ذلك ومن اعطانا الحق لكي نسلبهم هوياتهم.
لقد اثبت التاريخ في شرق وغرب الكرة الارضية بانه لايمكن للظلم مهما طال وتشدد من ان ينهي امة, لم تمر في تاريخ البشرية حملة ابادة شعواء كما مورست مع الهنود الحمر سواء في امريكا الشمالية او الجنوبية فهل اندثر الجنس الهندي, وهل اندثر الجنس لافريقي في جنوب افريقيا وروديسيا وفي كل مناطق الكرة الارضية التي تسلط فيها جنس على جنس او قوم على قوم.لم يكن لمسلمي البوسنة اية علاقة بالدين الاسلامي ولم يكونو منشغلين فيه ولم تكن بينهم وبين الصربيين فوارق قومية وانما يعرف المسلم من غير المسلم من لقبه الذي توارثه ليس الا. ولكن بعد ان اندلعت الحرب البوسنية وعلى اساس ديني وصار القتل على الهوية انقسمت الدولة الى قسم مسلم واخر مسيحي. ..القهر والظلم والاستبداد يولد القطيعة.
لماذا نقيد الناس بحجة الوحدة الوطنية ونمنعهم من المطالبة والسعي من اجل صيانة حقوقهم . نطلب من الكردي ان يمتنع عن عاداته وتقاليده بحجة الوحدة الوطنية ونطالب المسيحي التوقف عن ممارسة طقوسه بحجة الوحدة الوطنية ونطالب الشيعي الامتناع عن طقوسه وشعائره الدينية بحجة الوحدة الوطنية ونجبر السني عن الامتناع عن زيارة ابو حنيفة وعبد القادر الكيلاني باسم الوحدة الوطنية. ان مثل هذه الاعمال تنم عن خسة وتدخل مشين في الشؤون الخاصة ليس فقط بحق الافراد بل بحق مجاميع عراقية اصيلة.
اننا يجب ان نشجع كل العراقين على المطالبة بحقوقهم المشروعة ومهما كانت خلفياتهم العرقية وانتماتهم الدينة والمذهبية وعلى التمسك بعاداتهم وتقاليدهم واعرافهم وطقوسهم من اجل ان نجعل الانتماء الى هذا الوطن عقيدة اخرى مضافة الى انتمائتهم الاخرى تدفعهم لحب الوطن والدفاع عنه لان هذا الوطن هو الاب الحنون لجميع ابنائه يقر بحقوقهم ويمنحهم الحرية والعدالة والانصاف ويحميهم من كل ظلم واستبداد فبذلك يكون حب الوطن غاية يعمل من اجلها الجميع. فاذا كنت اعيش بوطن بهذه الصفات فمن من اخاف! ومن من اتهرب! وضد من اشتغل واعادي!
يجب ان لاننكر او نخاف من هذا التنوع العراقي بل على العكس يجب ان نظهره ونشجعه وندعمه لان ذلك علامة قوة وعامل وحدة اساسها العدل وحقوق الانسان. لماذا الاخوة الكرد مصرين على الحفاظ على اقليم كردستان! ربما تقول يريدون التحضير للانفصال... وحتى لو كان هذه صحيح فلهم تطلعات يجب ان نحترمها لان الذي ذاقوه على ايدي البعث لم يكن قليلا وما هذا التشدد الا نتيجة لذلك الظلم الذي حاق بهم. لماذا هذا الاصرار من الشيعة للزيارات المليونية ومشيا على الاقدام ومن جميع محافظات العراق, ماهذا الاصرار الا تعبيرا عن ارادتهم وتمسكهم بشعائرهم الدينية وبهويتهم المذهبية.
ولماذا اصرار البعث والقاعدة على محاربة هذين الضاهرتين الا تاكيدا على نظرية العبودية والاضطهاد و القهر.
لو افترضنا ان: لا الكرد قالو نحن اكراد ولا المسيحين قالو نحن مسيحين ولا الشيعة قالو نحن شيعة وكذلك بالنسبة للسنة فهل ينفي هذا النكران وجود هذه الاديان والمذاهب والقوميات. الجواب لا.
اني احترم الدكتور محمود المشهداني فهو سني اصولي متمسك بذلك ويعمل من اجل ذلك ولكنه في عرفي وطني عراقي يومن بان العراق للجميع ومن حق الجميع الافتخار بموروثاتهم سواء كانت عرقية او دينية.
ان اية الله محمد باقر الحكيم وبعد رجوعه للعراق لم يخفي انه مدافع عن مظلومية الشيعة ولكن بنفس الوقت كان يدافع عن كل مظلومي العراق.
ان عراقا عادلا وديمقراطيا يصون حريات شعبه ويحافظ على انتمائات ابنائه العرقية والدينية والطائفية هو العراق الامثل والذي سوف يعشقه الجميع ويدافع عنه الجميع لانه المؤتمن والصائن لهويتهم ووجودهم .
انهي مقالتي بجملتين رائعتين:"متى استعبدتم الناس ولقد ولدتهم امهاتهم احرار"" الانسان اما اخ لك في الدين ام شبيهك في الخلق"
https://telegram.me/buratha