حافظ آل بشارة
انتهت الانتخابات وبدأ طوفان من الاسئلة يثار حول مستقبل الاحزاب والحركات التي خاضت الانتخابات ، هل كانت الانتخابات عملية كاشفة لمدى قوة الاحزاب وقدرتها على البقاء ؟ هل يعاني بعضها من شيخوخة سياسية ؟ هل ابتلع الفساد والفوضى وضعف القيادة بعضها الآخر ؟ لاشك ان هذه الاسئلة تدور سرا وعلنا في جميع الاروقة ، ويبدو ان السياسيين يعتزمون الفراغ من معركة تشكيل الحكومة والانصراف فورا الى معركة الاصلاح الداخلي لاحزابهم لان نتائج الانتخابات واحتلال قائمة مثيرة للجدل الصدارة لا يمكن تفسيره الا بواحد من احتمالين احلاهما مر ، الاحتمال الاول : حدوث تزوير على نطاق واسع ادى الى فوز تلك الكتلة ، وهذا يعني ان التزوير كان بمستوى يستطيع ان يغير مجرى الاقدار السياسية في البلد ويقدم قوما ويؤخر آخرين ، واذا كان الامر هكذا فلماذا الصمت وقد انتهك استحقاق الشعب العراقي ؟ الاحتمال الثاني : لم يحصل أي تزوير والناس اختاروا بأنفسهم تلك القائمة وهم يعرفون اصلها وفصلها وما يثار حولها. وهذا يعني ان الجهور انتخب مرشحين كان اعلام جميع الاحزاب يهاجمهم ويعري انتماءهم وخطرهم على العملية السياسية ، أي ان الجمهور تصرف بعكس اتجاه البلاغ الاعلامي فاختار هؤلاء وترك الذين يمثلون العراق الجديد ، أي ان الاعلام لم يقنع الناخب ، أي ان مصداقية ذلك الاعلام موضع نقاش وهذا يعني ان الكتل التي تقف وراء ذلك الاعلام هي الاخرى عليها ان تراجع مصداقيتها في الشارع ، لا بد من جواب جريء حول سؤال : لماذا يتركك الناس وينتخبون عدوك ؟ هذه الاسئلة شديدة المرارة ، لذا من المتوقع ان تلجا جميع الكتل والتشكيلات السياسية العراقية الى التفكير بعمليات اصلاح واسعة في كيانها التنظيمي والفكري ، وننقل هنا افكارا ربما تصلح كمفاتيح للقيام بأي عملية اصلاحية ، لافتين الى ان بعض الاحزاب الحالية هي خلاصة لتاريخ جهادي طويل ووارثة لقيم وفكر وتجارب مكونات دينية وقومية كما ان بعض الحركات لايمكن اعتبارها ملكا لاحد فهي خلاصة جهد وتضحيات وعذابات اجيال عديدة . لوحظ ان اغلب الاحزاب الوطنية لا تمتلك حلقات وصل امينة وفاعلة وخبيرة مع الشارع ولا تعرف على وجه الدقة توجهات الرأي العام وتحولاته وولاءاته وبماذا يتأثر والى اين يذهب ، ان عملية الاصلاح المنشودة يجب ان تشمل : تقييم كفاءة ونزاهة وصدق انتماء الكادر المتقدم والوسطي ، وكادر المكاتب الحركية في المحافظات ، وتقييم كفاءة ونزاهة وجاذبية وشجاعة الافراد الذين اختارهم الحزب نوابا للبرلمان او تنفيذيين في الحكومة السابقة ، ثم البرنامج الفكري والعقيدي الذي تتبناه الاحزاب واطره ومستوى الحداثة وقدرة الاقناع فيه والبرنامج السياسي المتبلور عنه ومدى واقعيته وتلبيته لاحتياجات البلد ومصالحه المادية والمعنوية ، ثم مستوى الاداء الاعلامي لتلك الاحزاب وكيف تدار وسائل الاعلام فيها ومن يديرها وما هي معايير اختيار وتكليف مسؤولي الوحدات الاعلامية وهل يوجد تقييم دوري لهم ولمدى نجاحهم ؟ وهل توجد دراسات داخلية لتقييم مدى كفاءة ونجاح دوائر الحزب ومدى تغلغل الفساد والمحسوبية فيها ؟ وهل توجد آليات عمل جماعي للحزب او الحركة ؟ وهل توجد لجان عمل او هيئة استشارية او آليات فعالة للتقييم والمحاسبة والمراقبة ؟ هذه الاسئلة يجب ان تشكل الاطار المهني لعملية الاصلاح الحزبي ، ومن المتوقع ان ينجح البعض في برنامجه الاصلاحي ويفشل البعض الآخر بسبب قوى الممانعة الداخلية التي تخشى ان تخسر مكاسبها ، سيكون الاصلاح كله خيرا لانه سيدفع الى الواجهة احزابا ناضجة وقوية ونشيطة ، وسيكون رفض الاصلاح خيرا لانه سيؤدي الى اختفاء احزاب سقيمة ضعيفة تربك المسيرة السياسية وتؤدي الى زيادة ارقام الكيانات بدون فائدة ، عدد الاحزاب في العراق كبير جدا وتكفيه ثلاثة احزاب او اربعة نصفها يذهب الى مجلس الوزراء ونصف يبقى تحت قبة البرلمان كمعارضة .
https://telegram.me/buratha