المقالات

المعارضة المغبونة

897 14:30:00 2010-04-15

محمد رضا عباس الموسوي

ظهرت نتائج الانتخابات مرة أخرى وبدأت معها مسرحيات التوافقات السياسية وصراع القوى المهيمنة على الساحة. هذا المشهد لم يكن ليختلف كثيرا عن سابقه فلا زالت رغبات غالبية الشعب العراقي غير متحققة ولم يزل الخطاب السياسي لا يتعدى مرحلة الكلام نحو مرحلة التطبيق. ولا زال التغييب واضحا لطبقة واسعة من أبناء هذا الشعب كانت قبل زمن ليس بالبعيد مغيبة بين مطرقة وسندان الحاكم/ الدكتاتور. هذه الطبقة لم تكن أقل من أن توصف بالمعارضة بل لا نكاد ننصفها إذا أطلقنا عليها لقب المعارضة الصامتة أو معارضة الظل لأنها كانت في كثير من الأحايين فعالة إلى درجة لم تكد تصل إليها المعارضة الرسمية.

 ولو أخذنا على سبيل المثال المعارضة الشيعية الداخلية والتي كانت أوسع وأقوى جبهة تعرض لها نظام الدكتاتور قبيل الاجتياح الأمريكي فسنجد مثالا مغيبا عن ساحة الإعلام أرعب الدكتاتورية الصدامية لسنوات عدة حيث أمن تأثير المعارضة الرسمية (أو فلنقل معارضة الخارج) عليه ففترة نهاية الثمانينيات تمخضت عن انتفاضة كادت أن تطيح بعرشه لولا (الحكمة الأمريكية/ العربية) التي حالت دون ذلك فكانت المقابر الجماعية بداية لنهاية الدكتاتور نقطة قوية تضاف إلى معارضة الداخل وتساؤلا يبقى الى الآن دون إجابة من قبل المعارضة الرسمية/ الخارج: لماذا لم تنه المعارضة ما بدأت الانتفاضة؟؟ فالمعارضة الداخلية انتظرت المدد الموعود من الخارج ولكن بلا فائدة ف(غودو) الخارج لم يعد وبدلا من ان يتخلص الشعب من الدكتاتور أحكم الاخير قبضته على الشعب من جديد راسما خطا أحمر امتد على طول المحافظات السبعة جنوبي بغداد يضع الدكتاتور على دباباته خطوط الطائفية بأبشع ألوانها. ولكن ما يثير الاستغراب أنه سرعان ما انتفضت المعارضة من الداخل مستفيدة من الحصار الاقتصادي الذي ألقى بظلال ثقيلة على مرتزقة البعث فسلة القائد/ الضرورة بدت خالية وجيوبه كادت تصبح خاوية الا من ((بضعة مليارات)) بدأ يصرفها ببذخ على قصوره في حين يتضور العراق من الجوع. وكانت الحركة الفكرية الشيعية سمة بارزة لهذه الفترة أيضا وعادت النشاطات الاسلامية تتشكل من جديد مشكلة حضارة جديدة / قديمة ضغطت على الدكتاتورية المنهارة لتطرز أعمالها بمسيرات الاقدام نحو كربلاء والتي رد عليها الدكتاتور الحاكم ردا خجولا لا يكاد يرقى اليها لتظهر متزامنة معها معارضة مدوية جديدة وبأسلوب جديد لم يدرك الحاكم خطورته الا بعد ان ارتقى قياداته المنابر وهنا ترائت لمخيلته السبعينيات فقرر أن يغير من أسلوب الرد فاعتمد الغدر والتصفية الجسدية. ولكن هذه المرة لم تكن المعارضة من صنع القيادات بل لربما العكس فالقيادات الجديدة وجدت القاعدة الشعبية جاهزة هذه المرة متفقة معها على الكثير من المبادئ فقد نمت جميعها في الظل. وهكذا دواليك، لقد استمرت المعارضة حتى بعد تصفية بعض القيادات جسديا وظلت ملحمة الأربعين تتجدد بقراءات جديدة وهذه المرة لم يجد الدكتاتور من يستند عليه فقواته (منخورة) بالمعارضة الداخلية و(رجال الأمن) يتسابقون على تقديم الاجازات (من أجل أداء الزيارة وهنا برز السؤال المحير (من بقي ليكتب التقرير؟؟؟) شيئا فشيئا استطاعت المعارضة أن تفكك النظام الأمني وأسوار الحراسات المشددة واتجهت نحو كربلاء لتعلن أنها منتصرة. وهنا ... ومع شديد الأسف وقف الجميع ساكتين ... لم يتحدث أحد بشأن انهيار الصنم من الداخل. فلو كان الصنم على سابق عهده لما استطاعت أي دبابة مهما بلغت قوتها الحصانية أن تهزه ولكن (أمريكا المنقذة) لم تأت لتنقذ العراق بل جاءت لتنقذ ما تبقى من هيبتها المنكسرة أمام المعارضة الصامتة/الظل/الداخل فدخلت وارادت أن تسحب الصنم واذا به يتلاشى بمجرد أن لفوا الحبل حوله ذاك لأنه كانت في الحقيقة منخورا منذ عقد من الزمن.. فهل يأتي الوقت الذي تنصف فيه الحكومة (وهي معارضة الخارج السابقة) معارضة الداخل التي كانت الاساس لانهيار الدكتاتورية قبل 9/4/2003؟ أم هل أنها ستستمر بمحاولة ادارة دفة الحكم لوحدها معتمدة على جيلي شباب الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم اللذين ورغم خبراتهم العالية وجهودهم المشكورة سيبقون (شباب زمن فات) وهل ستحاول أن تتعرف على اساليب المقاومة الداخلية وخبراتها وهي التي كانت على تماس مباشر بأنظمة النظام القمعية واكتشفت طرقا لتفكيكها والمرور عبرها. وهل ستنظر المعارضة العجوز إلى المعارضة الشابة ببعض من الاحترام خصوصا أنها الوريث الرسمي لها؟؟؟ وهل تدرك القيادات التي تدير دفة الحكم في البلاد الآن أن أبنائها الذين ولدو وترعرعوا في المنفى لن يكون لهم الحظ الأوفر لتسنم القيادات المستقبلية خصوصا وأنهم لم يحتكوا بالتحديات السابقة أم أنهم سيكابرون ويقولون تلك المقولة المظللة القديمة (هذا الشبل من ذاك الأسد) غير مدركين أن وريثهم الوحيد والشرعي الذي سيكمل رسالتهم هو المعرضة التي نشأت يوما على آثارهم. أسئلة تجيب عليها الأيام ولكن المهم قبل هذا أن يفهمها سياسيو هذا البلد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
نبيل البغدادي
2010-04-16
تسلم ايدك ويسلم السانك على هذا المقال الرائع بس وين اللي يمشي مع الحق على اساس استعمال العقل السياسي وليس الهمجية السياسية التي يتبعها اليوم الكثير من السياسيين والدول الاخرى . فوفقك الله يا اخي العزيز واتمنى من الله ان تتعض الدول بالذي يحصل الان في الدول بسبب مايقوم به السياسيون من اجل المصالح الشخصية ولا ينضروا الى المصلحة العامة خدمة للبلد ومن الله التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ابو حسنين النجفي
2010-04-16
بارك الله فيك يا اخي المعاصر هذا هو الحل السليم والذي سيكون في العقل السليم اشد على سدك حررنا من قيد الماضي فقد اختنقنا وكلنا امل بشباب المستقبل فهم من سيرجع لنا حقنا القديم فقد كبرنا وضاق صدرنا وتشتت افكارنا ولا تنسوا بعض الوقت الركون الى الفكر القديم ففيه العبر وفيه الحنكه وفقكم الباري تعالى لما فيه خير وصلاح
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك