طالب عباس الظاهر
لقد كثر الحديث بشأن ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة القادمة،لئلا تنزلق التجربة الجديدة في العراق-لا سمح الله- إلى ما لا تحمد عقباه،لاسيما وقد وضع العرس الديمقراطي الجديد أوزاره،حينما صنع الشعب العراقي العظيم ملحمته الخالدة التي سيظل يذكرها التاريخ بالكثير من الفخر والإجلال،وقد رأينا كيف إن العالم وقف احتراما لإرادة مثل هذا الشعب الصلبة، وإصراره العنيد على تحدي الإرهاب،واندفاعه شبه المستحيل صوب صنع الحياة لحاضر الوطن ومستقبله،وهو شعب لا ريب يستحق الكثير من قادته السياسيين،وليس مجرد الإسراع بتشكل حكومته،وفق اعتماد آلية الشراكة الوطنية أو بموجب الاستحقاق الانتخابي أو اعتماد أيّ من الآليات المتعارف عليها،شريطة أن تتفق عليها جميع الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات النيابية الأخيرة،ومشاورة غير الفائزة منها،لكيلا تضيّع حقوق لمستحقيها،أو يشعر طيف عراقي مهما كان حجمه ووزنه على الخارطة السياسية بالتهميش في وطنه،إذا ما كنا نؤمن بالفعل بالديمقراطية،كمنهج جديد لتجربتنا السياسية،وكجزء من إيفاء- مثل تلك الكتل- بتعهداتها التي ألزمت نفسها بها من خلال الإعلان عن برامجها الانتخابية،والتي جاءت لتدغدغ مشاعر الملايين من أبناء الشعب العراقي ضمن دعايتها الانتخابية التي سبقت إجراء الانتخابات البرلمانية في السابع من آذار الماضي.أقول،لقد أوفى الشعب بمسؤولياته التاريخية على أكمل وجه،وبقي على النخب السياسية فيه أكمال الشوط الآخر،لكي نعبر بعراقنا الجريح إلى شواطئ الأمان،ولكن لا بأسلوب الإذعان والركض أمام العاصفة وركب الموجة،والتمسح بأذيال الآخرين،بقدر الوقوف بشجاعة بوجه الضغوطات الدولية والإقليمية- وهي بلا شك كبيرة - مهما كلفتنا من تضحيات لأن الهدف يستحق فعلاً،وكما تحدى الشعب في الانتخابات قوى الإرهاب،وأدلى بصوته في اختيار ممثليه في الحكومة ومجلس النواب القادمين،ولكي لا نعيد الكرة ثانية كما في ثورة العشرين.أما أن تغلـّب المصالح الشخصية والحزبية والفئوية - بنفس طائفي واضح- على المصلحة العليا للبلاد،من قبل البعض المحسوب على العملية السياسية الجديدة في عراق ما بعد صدام،فهو شأن مرفوض،ولا تقره الشرائع السماوية ولا القوانين الأرضية،ويجب الوقوف بوجهه بقوة لا أن نتهادن معه إرضاءً لهذه الجهة أو تلك،استمراراً في نهج المحاصصة المقيتة،وكما بدأنا نلمح ذلك في تصرفات وأقوال وتحركات ونوايا الكثير من الشخصيات السياسية والأحزاب،وربما الكتل أيضاً،وبطبيعة الحال فإن ذلك لا ينم إلا عن ضعف الوازع الديني والوطني لديها،كما ويسفر عن ضمور الشعور بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم ،اتجاه الله تعالى والوطن أولاً، والملايين من الشعب الذين خرجوا متحدين الموت من أجل انتخاب مثل هؤلاء ثانياً.ناهيك عن استبطان التهديد في التصريحات الإعلامية من قبل جهات وشخصيات معروفة،ما عادت تخشى الكشف عن وجهها القبيح،وتوجهها المشبوه،وطائفيتها السمجة،بالاستنجاد بالدول الإقليمية والجهات الخارجية من أجل التدخل القوي لحسم الجدل الدائر ما بين القوى السياسية المتصارعة من أجل الفوز بالمناصب،سبيلا إلى إعادة تشكيل الخارطة السياسية وفق أهواءها وأحلامها المأبونة،بإعادة عجلة الحياة إلى الوراء، ومن ثم عدم الحياء في محاولة نشر غسيلها على حبال الآخرين من مخالفيهم في النهج والتفكير،وقذفهم بما تضمرها سياساتهم من العيوب، كالطائفية والدكتاتورية والشوفينية...ألخ. وكما هو نهج البعث المجرم ومنهج قيادته البائدة في التعامل مع كل معارضيها،ونعتهم بالعمالة للإستعمار،وهم كانوا أكبر صنائعه في المنطقة،وبالجبن،والخيانة،وضعف الرجولة وكأن الرجولة محصورة بضخامة الشوارب...!وما إليها من نعوت ما أنزل الله بها من سلطان،والإعلان من قبل هؤلاء الأذناب الجدد بكل صلف ووقاحة،وإن لم يكن ذلك بشكل واضح ،إنما التصرفات تقول ذلك،والعاقل تكفيه إشارة.أخيراً وباختصار شديد بأن الوضع لن يستقر أبداً،إذا ما تم استبعاد مثل هؤلاء عن نيل طموحاتهم السياسية المريضة في السلطة والاستعلاء على هذا الشعب المحروم- وقد باتوا يشكلون سرطاناً في جسد العملية السياسية - ومن ثم التصفية الجسدية للخصوم السياسيين ليولد حزب عبث جديد من خلال عودة السلطة إليهم،يعني يريدون القول بالعربي الفصيح،إننا سنستمر في دعم الإرهاب،ومحاولة التخريب للعملية السياسية برمتها،ونقتل ونفجر الأبرياء وبكل وسيلة متاحة،ولو تطلب هذا الأمر التحالف مع الشيطان نفسه،ووضع اليد بيده،بيد إن ومن غريب المفارقات المضحكة المبكية،أن يكون لمثل هكذا أصوات نشاز- مع الأسف الشديد- هنالك تأييد يدور على ألسنة بعض الجهلاء في الشارع العراقي.
https://telegram.me/buratha