ميثم المبرقع
تميز الفكر الحركي للسيد الشهيد المفكر الاسلامي محمد باقر الصدر بخصائص استثنائية انفرد بها عن اقرانه ومعاصريه من العلماء المراجع ولم تكن الحوزات العلمية آنذاك قد شهدت قبله مفكرين يخوضون في المسائل الفلسفية والسياسية والاقتصادية بالاضافة الى الفقه واصول الفقه.كانت الفلسفة والسياسية من الممنوعات التسالمية على مستوى الاداء الحوزوي السائد فلم يصرحوا بالمنع صراحة بل المنع ضمناً واشارة بسبب الظروف التي عاشتها الحوزات العلمية وتخصصها في ابواب محددة في الفقه الاسلامي واصول الفقه، وموقف الحكومات المتعاقبة على العراق من الحوزة العلمية ومحاولة اضعافها واجهاض مشروعها ،وقد يحتاج اولئك العلماء المجددون الى جرأة وشجاعة اضافية في تناول مسائل خطيرة على مستوى الفلسفة والاقتصاد والسياسة وقد يتحملون الكثير من الهجمة الداخلية المشحونة بالتشويه والاتهامات.فلم تكن الاجواء السائدة في ذلك الوقت تساعد على تناول هذه المباحث والعلوم التي تصدم الواقع الحوزوي لاسباب تبدو موضوعية في اغلب الاحيان ولعل اهم تلك الاسباب هي ان الاسلوب التقليدي للحوزات العلمية تخصص بمسائل الفقه واصول الفقه وتناول الاخلاق كدرس ثانوي يتكرس عن طريق محاضرات طوعية واختيارية لم تدخل في المنهج الحوزوي.وكان الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر يدرك فداحة الضريبة التي سيدفعها وحجم المسؤولية الدينية والفكرية لمواجهة التحديات الفكرية والشبهات التي طالت الدين الاسلامي وعقائده من جهتين خطيرتين هما:الاولى: الهجمة الوهابية التي تمظهرت بثوب الاصلاح والتجديد واتخذت منحى عقائدياً خطيراً اخذ يتجه باتجاهات فكرية تحاول التأسيس لانحراف خطير يطال الفكر الاسلامي الاصيل المستند على فكر اهل البيت (ع).الثانية: المد الاحمر الذي افرزته الحرب الباردة وبروز الايديولوجية الماركسية في المنطقة وفي العراق تحديداً الذي أصطبغ بشعارات التغيير والانفتاح والعدالة والمساواة لكنه يستبطن رؤية الحادية لا تؤمن بالدين كمنهج ونظام في الحياة والمجتمع.والركون الى البحث الفقهي والانشغال بالاجتهاد في المجال العبادي واستنباط الاحكام الشرعية قد يكون من مهمات ووظائف الفقيه في تلك المرحلة ولكن ما دفع السيد الشهيد محمد باقر الصدر الى الدخول في مساحات تبدو محظورة وخطيرة كالفلسفة والاقتصاد والسياسة والرد على الشبهات والافكار التحريفية هو شعوره بالمسؤولية الدينية والاخلاقية والفكرية من جهة وحرصه على ايجاد الفكر الاسلامي لتحصين الوعي العام من الانحرافات الفكرية التي داهمت المنطقة والعراق تحديداً.وشعور السيد الشهيد بخطورة المد الاحمر للعراق لم يكن نابعاً عن امتيازات خاصة او اندفاع اناني لخسارة موقع معين او مصير مجهول بل كان نابعاً من شعوره الاسلامي وحرصه على الفكر والعقيدة الاسلامية وهو قد طرح السؤال على نفسه لو ان المد الاحمر لم يكن يغزو العراق بل يغزو بلدان عربية او اسلامية كافغانستان او ايران او غيرهما فهل سيكون بنفس التأثير للدفاع عن الاسلام ومواجهة المد الاحمر او سيختلف الامر لو كان في العراق باعتباره يشكل مصلحة ذاتية للسيد الشهيد نفسه ثم يجيب بكل ثقة ان شعوري بالمواجهة والدفاع عن الاسلام امام المد الاحمر سيكون بنفس القوة لو كان الامر يحصل في اي بلد اسلامي في العالم وليس لانه يغزو العراق ونتوقع ان مصالحنا ستهدد.
https://telegram.me/buratha