المقالات

المجاهدون بين الغياب و التغييب

1201 17:35:00 2010-04-10

حافظ آل بشارة

في الذكرى السابعة لسقوط نظام صدام يبدو الوقت مناسبا لاجراء تقييم حول بعض اخفاقات النظام السياسي البديل ، ولان هذا العنوان واسع ومعقد يمكن تجزئته الى عناوين اصغر ، الموضوع الذي اخترناه يتعلق بمجموعة من الناس لم نعد نسمع لهم صوتا اسمهم (المجاهدون) الذين قاتلوا نظام صدام في الشمال والجنوب وفي قلب بغداد ، بعنوان اوسع من منظمة بدر الظافرة واطارها التنظيمي ، هؤلاء كانوا على شكل امة مصغرة يؤمنون بأن من يقتل في ميدان تلك المعركة فهو شهيد ومن بقي منهم فهو شهيد حي ، كانوا في علاقاتهم الاجتماعية واخلاقهم مثالا للمدينة الفاضلة : كرام ، متواضعون ، متحابون ، معتدلون ، اهل عفة وحلم وحكمة ، يتسابقون على العطاء ، وقد وجهوا ضربات موجعة الى الاجهزة القمعية الصدامية ، نازلوا نظام صدام في قلب بغداد واسقطوا هيبة اطواقه الامنية واورثوه عقدة فشل دائمة واوصلوه الى حافة السقوط ، وما ان قررت واشنطن غزو العراق والاطاحة بنظام صدام حتى انقلبت الموازين ، لم تعد المرحلة بحاجة الى رجال من ذلك الطراز لذا يفترض ان ينسحبوا الى الظل ، لا بأس الجميع يتفهم مفردات المرحلة ، ولكن الايام التالية اثبتت ان هناك فرقا كبيرا بين من يتم سحبه الى الظل مؤقتا لاسباب منطقية وبين من يتم ركله وخنقه والغاء وجوده ومصادرة حقوقه واعتباره جزء من الماضي ، هناك اوساط معينة تعتبر المجاهدين العراقيين مفردة قديمة ومزعجة ويجب البراءة منها وتجاهلها واغفال ذكرها لانها تمثل التشدد الديني وعدم الانفتاح وشعارها : ان القابض على دينه كالقابض على جمرة ، نحن في مرحلة لا تحتاج الى الشجاعة والاستقامة وروح العطاء لذا يجب تغيير كل شيء حتى ان اؤلئك الرجال لا يجدون لهم مكانا في الواجهة الا نادرا ، وفي التمثيل الحكومي او البرلماني لايقدمون من اصحاب التاريخ الا القليل من الوجوه الى جانب اسماء لا تمثلهم ولاتمت اليهم بصلة ، بل تم العثور على اشخاص ركبوا موجة المجاهدين واستغلوا تاريخهم وتضحياتهم وهم من بقايا البعث الصدامي ! أو من الاوساط التي كانت تدعم نظام الطاغية وتعادي المعارضين ! المشكلة واضحة ولكن تحليلها موضع خلاف ، هناك من يقول ان تغييبهم جرى على اساس مخطط له مبرراته المنطقية ، وهناك من يقول انهم غابوا ولم يغيبوا ، بل تفرقوا باختيارهم وانتهت مهمتهم وليس لديهم القناعة الكافية للعب دور سياسي ولوشاءوا لفعلوا ، اما المجاهدون انفسهم فيرون انهم ضحية معادلات اقتضت ان يتم رسم المشهد السياسي بدونهم ، يقولون انهم يحترمون هذا القرار ولكن لماذا تصادر حقوقهم ويجري تجويعهم واذلالهم واهمالهم ؟ يستحق المجاهد المضحي سكنا لائقا وراتبا كافيا وضمانات وخدمات معيشية وان عملية الدمج والتعويض التي تمت بجهود مشكورة من الامين العام لمنظمة بدر ودوائرها لم توفر لهم الحد الادنى من عناصر العيش والاكتفاء . ومن الناس من يلقي باللوم على المجاهدين انفسهم ويرى ان المبادرة الحقيقية تبدا من اوساطهم ولا ينوب احد عنهم في ذلك وان بقاءهم بعيدا عن المشهد السياسي والاجتماعي له اضرار كبيرة على البلد ومنظومته السياسية والقيمية وتوازناته ، انه انقطاع متعمد عن حقبة تاريخية تتدخل في اضفاء الشرعية على كيانات وافراد يتصدرون المشهد الراهن ، هناك رأي يقول ان التراجعات الحالية التي اصابت الاسلاميين في الشارع قد يعود بعضها الى غياب او تغييب المجاهدين خاصة وان الاحداث أثبتت فشل سياسة الفقاعات التي اعتمدت احيانا لاملاء الفراغ ، الفقاعات تنفجر والاسماء الطارئة تصعد عاجلا وتهوي بسرعة ، اذا كان بعض أؤلئك الشهداء الاحياء يعدون صقورا فالمرحلة بحاجة اليهم كما هي بحاجة الى الحمائم ، الامر يتوقف على توزيع الادوار كمهمة قيادية ، اذن الوقت مناسب لكي يفكر القادة بهذه الحقائق التنظيمية بمسؤولية وصراحة وجرأة وأمانة في اطار المراجعة الشاملة للأداء التنظيمي والسياسي واعادة البناء .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
فائز
2010-04-11
الحقيقة أن الأمر بين هذا وذاك فالبعض قد إختار أن يعتزل والبعض الآخر كان ينتظر أن يدعوه لا ان يذهب بنفسه ترفعا منه أو ربما لسبب آخر ,إن عدم التواصل بين المجاهدين وبين قياداتهم وإنشغال البعض بأمور السياسة ونكران البعض لجميل هولاء المجاهدين إنه من المحزن أن يقف المجاهدين في آخر الطابور !! هنالك خطأ ما هل هو من القيادة أم من المجاهدين أنفسهم الله أعلم!!.
army
2010-04-11
عمن تتحدث ؟ المسئلة برمتها نحن غير قادرين على التغيير . نحن نجيد مهنة التبديل. لكل زمن رجاله لكن الكثير لايريد ان يفهم . اني ضحيت او جاهدت او ناضلت ............................................... او يعني انت جاهدت اليّ لو لله ما اعرف ؟ انت مان عليه لو على الله ؟ ما اعرف . هسه منريد نحجي اكثر والله ملينه.
كميل التميمي
2010-04-11
اخي ال ابشاره قلمك الوحيد من بين الاقلام يتطرق الى موظوع في غاية الاهمية المجاهدين الشرفاء المظحين وعشاق الحرية اسود العراق قد قهروا في عقر دارهم من قبل اناس فاشلين تصدروا الواجهة وانت تعلم المجاهدين واقصد البدريين يترفعون عن اسم الكرسي والمنصب وانهم اسمى من ذلك ولم يتصور احد منهم بانهم سيقهرون في عيشهم اذا ابتعدوا او ابعدوا هو الاصح عن لعب دوراً مهم في ادارة البلد طلبي منك يا اخي ال ابشاره لا تترك الاخوه المجاهدين واخص البدريين وانت صاحب القلم النظيف والضمير الحي واسال الله لكم الاجر والثواب
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك