المقالات

التحالفات بين المتغير والثابت

971 21:38:00 2010-04-09

اكرم الثوري

قد يقال بان السياسية في اغلب تعريفاتها هي فن الممكن وطبائع الممكن هو المتغيرات والتحولات المستمرة ولكنها مع كونها تتسم بالمتغيرات المستمرة والمتسارعة لكنها لم تحرم حلالاً او تحلل حراماً كما كان يعبر شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس) بل كان يؤكد باستمرار ان العمل السياسي يعرض اصحابها الى المزالق والمآزق بسبب متغيراته وتعقيداته.ومن هنا فان الفقيه قد يجد صعوبة بالغة او عناية فائقة في عملية استنباط الاحكام الشرعية في المجال السياسي بخلاف الاستتباط الشرعي للمسائل العبادية وذلك لان المسائل العبادية ليست متغيرة وهي في الغالب من الثوابت كما انها تتوفر في كتب الفقه كما انها بحثها علماء قدامى ومتأخرون وجاءت في اغلبها جاهزة لا تحتاج الى المزيد من بذل الوسع لاستنباطها بينما المسائل السياسية فهي من المتغيرات المتسارعة والاحكام النسبية بحسب ظروف الزمان والمكان ومتغيراتهما وصعوبة استحصالها من مصادر التشريع والاستنباط كالقران الكريم والسنة المطهرة وبقية مصادر التشريع وهي غالباً ما تنتزع من القواعد العقلية كحفظ النظام العام او قاعدة "قبح العقاب بلا بيان" او اصالة الطهارة والحلية " كل شىء لك حلال حتى تعلم انه حرام" و"كل شىء لك طاهر حتى تعلم انه نجس " وهو ما يجعل الفقيه يبذل جهوداً استثنائية وتصورات اضافية لاستحصال الحكم وتحديد الوظيفة الشرعية للمكلفين.وفي هذا السياق تجدر الاشارة العابرة الى التأكيد على قضية مهمة نحاول تبسيطها قدر الامكان وهي قضية الثوابت والمتغيرات في الشريعة وهي لا تنأى بعيداً عن المتغيرات والثوابت في المجال السياسي.فهناك ثوابت لا يمكن المساس بها مهما كانت الظروف والمناسبات وهي قضايا تتعلق بالعقائد كعصمة الانبياء واهل البيت ونزاهة القران الكريم من التحريف والتزييف واصول الدين كالتوحيد والنبوة والعدل والامامة والمعاد وفروع الدين كوجوب كالصوم والصلاة والحج والزكاة فهذه القضايا لا يطالها التغيير او التعديل بينما المتغيرات في الشريعة فهي متكاثرة لا يمكن حصرها او استقصاؤها وقد تدخل في باب المباحات على سعتها.وفي المجال السياسي وطبيعة التوجهات السائدة هناك ثوابت ومتغيرات قد تتسع اكثر مما هو الحال في مجال الشريعة والعقيدة بسبب ما أشرنا اليه من اتصاف المسائل السياسية بالمتغيرات المستمرة.وعلى ضوء هذه الثوابت والمتغيرات نتحرك في افق السياسي الواسع ومن خلالها تتضح طبيعة التحالفات الجديدة التي ترتكز على اسس موضوعية لا تتجاوز او تمس ثوابتنا الوطنية والسياسية والدينية والاخلاقية.ومن تلك الثوابت السياسية هي السيادة الوطنية ووحدة العراق أرضاً وشعباً والنظام الديمقراطي والدستور والايمان بفصل السلطات وتداول وتناقل السلطة سلمياً عبر الاليات الديمقراطية في الانتخابات الحرة والنزيهة والعراق الاتحادي الفيدرالي والايمان بالمعادلة الجديدة في العراق.واما المتغيرات فهي التي تطال الاليات والتفاصيل غير المتعارضة مع الدستور ويمكن ان تتناول صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الوزراء وغيرها.فعلى ضوء هذه الثوابت تتحرك تحالفاتنا وائتلافاتنا ولا يمكن ان تشذ بعيداً عن تلك الثوابت كضمانة اكيدة لاستمرار المشروع الديمقراطي في العراق ومنع عودة المعادلة السابقة بكل ظلمها وظلامها الى الحكم.مهما تعدد ملامح وصور التحالفات ومهما حملت هذه الائتلافات من تصورات ومخططات ومهما كانت الشخصيات التي تتنافس على رئاسة الوزراء فان الدستور هو الحامي الاساسي والضمانة الاكيدة لمنع الانزلاق الى مستنقع الديكتاتورية والاستبداد والدستور وحده لا يشكل هذه الضمانة بل الرقابة النيابية الصارمة والتطبيق الدقيق لبنود الدستور.فالاساس في هذا السياق هو بناء مرتكزات الدولة الرصينة وترسيخ اركانها وليس مهما بعد ذلك طبيعة الحكومات القادمة وتشكيلة التحالفات الجديدة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك