المقالات

البطاطا الفرنسية والشعب الامريكي

1227 19:48:00 2010-04-08

بقلـم: مصطفـى مهـدي الطـاهـر

للشعوب الواعية اساليب وطرق معينة او تختلقها للتعبير عن مشاعرها تجاه قضية او حدث ما سلبا كان او ايجابا‘بعضها خالٍ تماما من الصياح والضجيج‘لكنه يوصل ابلغ الرسائل للمعنيين بتلك القضية او الحدث وايضا للرأي العام العالمي.

معلوم ان عامة الشعب الامريكي لاتخوض في السياسة‘ بحيث ان من يجلس معهم شهرا كاملا من النادر ان يجد احدا منهم يتطرق الى عالم السياسة الى الحد الذي يولد انطباعا خصوصا لدى مجتمعات العالم الثالث او المنحدرين منها ان الامريكي لايفقه في السياسة شيئا على اعتبار ان تلك الشعوب لاتنفك من الخوض في المسائل السياسية اينما حلت‘سواء في المجالس الخاصة او الاماكن العامة كالمقاهي والمنتديات‘ وهي تظن ان التكلم كثيرا في السياسة يعني فهم السياسة وسبر اغوارها المعقدة!!!

هذا الامريكي الذي يبدو جاهلا بالسياسة ‘يطرح كثيرا من الاشكاليات والاسئلة المحيرة حينما يحين وقت الانتخابات ويعرف قيمة صوته ولمن يدلي بصوته‘ في ذلك الحين يتبين ان الناخب الامريكي فطن ولا يركض وراء عاطفته في تقرير مصير صوته‘بحيث نجد ان العائلة الواحدة تنتخب مرشحين مختلفيــن‘ وهو لايتردد ان يعلن خطأه بصراحة ودونما خجل او استنكاف حينما يكتشف انه اعطى صوته لمن لايستحقه حتى وان كان من الحزب الذي ينتمي اليه!!

في اثناء الاستعدادات والتحضيرات التي كان يقوم بها الرئيس بوش الابن لشن الحرب التي اسقطت صدام المقبور‘نشب خلاف شديد بينه وبين الرئيس الفرنسي انذاك جاك شيراك المعروف بمساندته لصدام ‘لان الاخير كان قد مَوّل حملات شيراك الانتخابية في السبعينيات من القرن الماضي‘بملايين الدولارات من اموال الشعب العراقي الذي كان يعاني الازمات المفتعلة كأزمة معجون الطماطة ومسلسل (ابو طبر العفلقي)الذي ارهب بغداد واقض مضاجع البغداديين.

جاك شيراك الذي ابرم عقودا نفطية ضخمة مع صدام ‘عارض بشدة محاولة اسقاط صدام مما اثار غضب الشعب الامريكي المعروف بحبه لوجبة غذائية تسمى البطاطا الفرنسية المقلية ((French Fries والتي تباع في كل المطاعم الامريكية‘فاراد المواطن الامريكي ان يرسل برسالة بسيطة لكنها بليغة في مضمونها الى شيراك والى الشعب الفرنسي ‘ فقام بتغيير اسم تلك الأكلة من ( (French Fries الى (Freedom Fries) ‘وكذلك اعلن توقفه عن شراء البضائع الفرنسية‘ مما شكل ضغطا هائلا على الرئيس الفرنسي السابق شيراك الذي خسر الانتخابات فيما بعد.

من هنا اتساءل ماهي الرسائل والوسائل التي اتبعها الشعب العراقي في اظهار غضبه ورفضه لما يجري عليه وحوله من مؤامرات وتدخلات في شأنه لها اول وليس لها اخر ومن الجميع اقليميا ودوليا!!؟ فتجار العراق وحكامه يتبارون بشراء مافَضَلَ وكَسَدَ في اسواق الاخوة الاعداء الذين لم يبخلوا عليه بارسال الارهابيين وتسهيل مرورهم وتمويلهم وتسليحهم واستضافة ازلام صدام ليخططوا من هناك لقتل المواطن العراقي البريء.

تعودنا ان نضيف لانفسنا القابا وصفاتا لانجد مثلها او قلما نجد مثلها لدى الشعوب الاخرى خصوصا تلك التي قطعت شوطا بعيدا في التقدم العلمي‘ فدائما نردد اننا شعب الحضارات‘ وشعب الرافدين واسود الرافدين...الخ‘والمضحك المبكي ان الشعب الذي يتغنى بهذه الحضارات هو نفسه يصف اول محافظة قامت عليها اولى الحضارات با(الخبيثة!!!)‘ ثم ألا يُفتََرَض بنا كشعب حضارات ان نتصرف بطريقة تفرض هيبتنا على الاخرين وتمنعه من التدخل في شؤوننا الداخلية حتى اصبح العراق كأنه ملك لهم يصولون فيه ويجولون اينما وحينما يريدون‘ حتى وصل الامر بالقذافي ان يتطاول على شرف العراقيات العفيفات!! ولم نرَ من الشعب العرقي ردة فعل صارمة!! وكذلك التدخل الخليجي السافر في الشأن العراقي وايضا الشارع العراقي صامت صمت الموتى‘واذا ماخرج في مظاهرة فماهي الا بضع مئات تخرج تحت يافطات احزاب ربما لانها شعرت بالضرر المباشر عليها مما يفقدها قوتها ومحتواها‘ لكن كردة فعل شعب احس بالاهانة وخرج بالملايين ليرسل برسالة واضحة وصارمة لتلك الدول لم يحدث هذا قط الا في يوم اسقاط الدكتاتورية وطاغيتها صدام في التاسع من نيسان.

مسؤولو المحافظات العراقية تباروا ويتبارون في توقيع عقود بمليارات الدنانير مع شركات عربية !!!؟‘دولها تنفق ملايين الدولارات لاسقاط العملية السياسية الحالية واعادة الوضع الذي كان قائما ماقبل التاسع من نيسان 2003 ‘وكأنهم يعّوِضون تلك الدول ماتنفق لتخريب العراق!!!

عندما غَيّر الشعب الامريكي اسم البطاطا وعبر بذلك عن غضبه على الموقف الفرنسي‘لم يفعلها تحت يافطة الحزب الجمهوري الحاكم انذاك‘ بل فعلها تحت يافطة الشعب الامريكي لتكون ابلغ بالتاثير.. فيالسوء حظ بطاطا احبها شعب لايفقــه بالسياسة!ويالحسن حظ عقــود وقعت عند شعب لايتحدث الا بالسياسة!!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مصطفـى مهـدي الطـاهـر
2010-04-09
اخي العزيز عراقي تحياتي لك ولجميع الاخوة القراء والذين علقوا ..انا لم اقصد هزيمة جاك شيراك بشخصه بل قصدت هزيمة حزبه وبما ان هذه النقطة ليست محل القصد من المقال لذا لم اسهب فيها للتوضيح انما اردت الاشارة اليها فقط...شكرا لمرورك وبقية الاخوة والاخوات الاعزاء.
أحمد
2010-04-09
لقد كتبت في السابق انه يجب على الشعب العراقي ان يتحمل جزء من المسؤلية ويقوم بمقاطعة بضائع دول الجوار طوعا لتكون ضربة اقتصادية قوية لهم وبالاضافة الى فوائدها الداخلية من حيث تشجيع الصناعة المحلية. ان واحدة من اهداف الارهاب المدعوم من دول الجوار هو تعطيل صناعتنا المحلية. في زمن الطاغية المقبور كانت هناك مذكرة "النفط مقابل الغذاء" والان يريدون ان تكون "النفط مقابل الامن".
عراقي
2010-04-09
مقاله على الرغم من الاخطاءالتاريخية الكثيرة التي وردت فيها ....مثل خسارة جاك شيراك في الانتخابات والصحيح ان اصلا لم يشترك في النتخابات الرئاسية التي سبقت وصول ساركوزي لانه قد وصل الى الحد الاعلى المسموح من الدورات الرئاسية في الدستور الفرنسي........الا انها تطور في مستوى مقالات الموقع بعد ان كانت المقالات بعيده كل البعد عن اداب الصحافه....شكرا للموقع
محمدابو النواعير
2010-04-09
مع احترامي لما طرحه الاخ الكاتب ومع كثرة ما صدق في طرحه , الا أن هناك كثير من اللبس والغموض وعدم التنسيق في ربط الحادثة الامريكية مع طبيعة تفكير العراقي , ولنكون أكثر تحديدا الجنوبي الشيعي , فانت سيدي العزيز تتحدث عن عملية سياسية احدثت تغييرا كبيرا وأسقطت حكما كان معظم أبناء شعبك , الجنوبيين , منتمين اليه والى تشكيلاته سواء الادارية منها او القمعية , فان تاتي اي قوة اخرى سواء اكانت عراقية او اجنبية , وتحاول تغيير هذا الحكم , تحت مسمى ازالة الدكتاتورية او الظلم , فهذا هو , الاستزواج بعينه , فالتغيير الذي حصل في العراق , جوهره ليس ازالة حكم الظالم صدام , فصدام لم يكن سوى انعكاس لصورة التربية العشائرية العراقية التي تربي ابنائها على ان حل المشاكل بشكل رجولي بطولي لا يكون الا بالعنف والقوة والقتل والترهيب , فمن هذا المجتمع نزل صدام وترعرع , فالتغيير الذي حصل في حقيقته وجوهره انما هو محاولة لتغير طبائع العراقيين وتحويلهم من مجتمع عشائري بدوي , يتخذ من العنف واقصاء الاخر رمزا للاصالة والحق والبطولة الفارغة , الى مجتمع يحاول دخول ابواب الديمقراطية والقيم الانسانية السامية ( التي طالما افتقد لها العراقيون ومن اراد فليراجع التاريخ ) , فلذا نجد ان عموم واغلب العراقيين ومن غير وعي هم رافضين لهذا التغيير في دواخل انفسهم , ونراهم يحنون ويطالبون بشكل دائم بان ياتي زعيم ( او رئيس وزراء قوي السطوة والبطشة ) , وذلك لشعور اللاوعي عندهم بفراغ تبلور من فقدان صورة الرئيس , أو شيخ العشيرة القوي , او الحامي والمدافع , او البطل ( السبع , الزلمة , أخو خيته , زلم الظلمة , ومن هذه العبارات التي لو حللناها نفسيا لوجدنا في داخل كل عراقي مليون صدام ) .
army
2010-04-09
والله اذا بيهه صادق لركابي خبيثة او نص
ابو سعد
2010-04-09
الاخ صاحب المقال اتفق معك تماما الشعب العراقى ينقصه الوعى و يسير خلف الاشاعات و الفضائيات المسمومة و قادتنا ينقصهم الحزم.
محمد عبد علي
2010-04-09
ابدعت سيدي ويا ليت كل مايكتب في براثا يكون بهذا المستوى. وعظ دون تجريح ولا شتم ولاسب ورسالة بليغة للجميع سلمت اناملك وشكرا لبراثا وياريت نحجيها بالعراقي تكثرون من هلمقالات وتقللون الزبل لان صارت كل من هب ودب يكتب مقالة ابو علان وابو فلتان.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك