بقلـم: مصطفـى مهـدي الطـاهـر
للشعوب الواعية اساليب وطرق معينة او تختلقها للتعبير عن مشاعرها تجاه قضية او حدث ما سلبا كان او ايجابا‘بعضها خالٍ تماما من الصياح والضجيج‘لكنه يوصل ابلغ الرسائل للمعنيين بتلك القضية او الحدث وايضا للرأي العام العالمي.
معلوم ان عامة الشعب الامريكي لاتخوض في السياسة‘ بحيث ان من يجلس معهم شهرا كاملا من النادر ان يجد احدا منهم يتطرق الى عالم السياسة الى الحد الذي يولد انطباعا خصوصا لدى مجتمعات العالم الثالث او المنحدرين منها ان الامريكي لايفقه في السياسة شيئا على اعتبار ان تلك الشعوب لاتنفك من الخوض في المسائل السياسية اينما حلت‘سواء في المجالس الخاصة او الاماكن العامة كالمقاهي والمنتديات‘ وهي تظن ان التكلم كثيرا في السياسة يعني فهم السياسة وسبر اغوارها المعقدة!!!
هذا الامريكي الذي يبدو جاهلا بالسياسة ‘يطرح كثيرا من الاشكاليات والاسئلة المحيرة حينما يحين وقت الانتخابات ويعرف قيمة صوته ولمن يدلي بصوته‘ في ذلك الحين يتبين ان الناخب الامريكي فطن ولا يركض وراء عاطفته في تقرير مصير صوته‘بحيث نجد ان العائلة الواحدة تنتخب مرشحين مختلفيــن‘ وهو لايتردد ان يعلن خطأه بصراحة ودونما خجل او استنكاف حينما يكتشف انه اعطى صوته لمن لايستحقه حتى وان كان من الحزب الذي ينتمي اليه!!
في اثناء الاستعدادات والتحضيرات التي كان يقوم بها الرئيس بوش الابن لشن الحرب التي اسقطت صدام المقبور‘نشب خلاف شديد بينه وبين الرئيس الفرنسي انذاك جاك شيراك المعروف بمساندته لصدام ‘لان الاخير كان قد مَوّل حملات شيراك الانتخابية في السبعينيات من القرن الماضي‘بملايين الدولارات من اموال الشعب العراقي الذي كان يعاني الازمات المفتعلة كأزمة معجون الطماطة ومسلسل (ابو طبر العفلقي)الذي ارهب بغداد واقض مضاجع البغداديين.
جاك شيراك الذي ابرم عقودا نفطية ضخمة مع صدام ‘عارض بشدة محاولة اسقاط صدام مما اثار غضب الشعب الامريكي المعروف بحبه لوجبة غذائية تسمى البطاطا الفرنسية المقلية ((French Fries والتي تباع في كل المطاعم الامريكية‘فاراد المواطن الامريكي ان يرسل برسالة بسيطة لكنها بليغة في مضمونها الى شيراك والى الشعب الفرنسي ‘ فقام بتغيير اسم تلك الأكلة من ( (French Fries الى (Freedom Fries) ‘وكذلك اعلن توقفه عن شراء البضائع الفرنسية‘ مما شكل ضغطا هائلا على الرئيس الفرنسي السابق شيراك الذي خسر الانتخابات فيما بعد.
من هنا اتساءل ماهي الرسائل والوسائل التي اتبعها الشعب العراقي في اظهار غضبه ورفضه لما يجري عليه وحوله من مؤامرات وتدخلات في شأنه لها اول وليس لها اخر ومن الجميع اقليميا ودوليا!!؟ فتجار العراق وحكامه يتبارون بشراء مافَضَلَ وكَسَدَ في اسواق الاخوة الاعداء الذين لم يبخلوا عليه بارسال الارهابيين وتسهيل مرورهم وتمويلهم وتسليحهم واستضافة ازلام صدام ليخططوا من هناك لقتل المواطن العراقي البريء.
تعودنا ان نضيف لانفسنا القابا وصفاتا لانجد مثلها او قلما نجد مثلها لدى الشعوب الاخرى خصوصا تلك التي قطعت شوطا بعيدا في التقدم العلمي‘ فدائما نردد اننا شعب الحضارات‘ وشعب الرافدين واسود الرافدين...الخ‘والمضحك المبكي ان الشعب الذي يتغنى بهذه الحضارات هو نفسه يصف اول محافظة قامت عليها اولى الحضارات با(الخبيثة!!!)‘ ثم ألا يُفتََرَض بنا كشعب حضارات ان نتصرف بطريقة تفرض هيبتنا على الاخرين وتمنعه من التدخل في شؤوننا الداخلية حتى اصبح العراق كأنه ملك لهم يصولون فيه ويجولون اينما وحينما يريدون‘ حتى وصل الامر بالقذافي ان يتطاول على شرف العراقيات العفيفات!! ولم نرَ من الشعب العرقي ردة فعل صارمة!! وكذلك التدخل الخليجي السافر في الشأن العراقي وايضا الشارع العراقي صامت صمت الموتى‘واذا ماخرج في مظاهرة فماهي الا بضع مئات تخرج تحت يافطات احزاب ربما لانها شعرت بالضرر المباشر عليها مما يفقدها قوتها ومحتواها‘ لكن كردة فعل شعب احس بالاهانة وخرج بالملايين ليرسل برسالة واضحة وصارمة لتلك الدول لم يحدث هذا قط الا في يوم اسقاط الدكتاتورية وطاغيتها صدام في التاسع من نيسان.
مسؤولو المحافظات العراقية تباروا ويتبارون في توقيع عقود بمليارات الدنانير مع شركات عربية !!!؟‘دولها تنفق ملايين الدولارات لاسقاط العملية السياسية الحالية واعادة الوضع الذي كان قائما ماقبل التاسع من نيسان 2003 ‘وكأنهم يعّوِضون تلك الدول ماتنفق لتخريب العراق!!!
عندما غَيّر الشعب الامريكي اسم البطاطا وعبر بذلك عن غضبه على الموقف الفرنسي‘لم يفعلها تحت يافطة الحزب الجمهوري الحاكم انذاك‘ بل فعلها تحت يافطة الشعب الامريكي لتكون ابلغ بالتاثير.. فيالسوء حظ بطاطا احبها شعب لايفقــه بالسياسة!ويالحسن حظ عقــود وقعت عند شعب لايتحدث الا بالسياسة!!!
https://telegram.me/buratha