حميد الشاكر
كيف تكون الحرية صائنة لدمي من ارهاب الارهابيين البعثيين القتلة ؟.واذا ما اردت ان أكون حرّا فهل يجب عليّ ان أكون مسؤولا أولا !!؟.أم انه بأمكاني ان اكون حرّا من جهة ، وان لا اكون مسؤولا عن اي شئ من جانب اخر ؟.
هل هناك ملازمة ضرورية بين ان يكون الانسان حرّا ، وبين ضرورة ان يتحمل هذا الانسان مسؤولية هذه الحرية وحياتها ؟.أم انه لاملازمة ولايحزنون ، وبأمكان الانسان ان يكون حرّا ولامسؤولا في نفس الوقت واللحظة ؟.
ثم ماهذه المسؤولية التي تهب الحرية ، ولاحرية بلا مسؤولية ؟.ولماذا تقترن دائما المسؤولية بالحرية ؟.وعلى اي اساس تكون الحرية مسؤولية ؟.
أعلم: انك تكون حرّا اذااستطعت ان تقنع الدولة أو تجبرها بطريقة او بأخرى ان تكف يدها وانفها عن التدخل في شؤونك الفردية الشخصية ، وشؤونك الاجتماعية الانسانية وعندها سوف تشعر انك اصبحت حرّا من هيمنة الدولة والسلطة وانك تتمتع برصيد وهامش ومساحة واسعة من التعبير عن رأيك ، والتفكير بمصيرك ، والتمتع بسلوكك بدون ان يكون للخوف، والقلق سلطان على ماتقوم به داخل نطاق حقوقك البشرية ، من غول الدولة وما لديها من حسابات قوانين وعقوبات !.
لكن بالمقابل ايضا عليك ان تعلم: ان الدولة عندما تقرر لسبب او اخر ان ترفع يدها من التدخل المباشر في حياتك الفردية او الاجتماعية،وانها ربما تقبل بان تترك لك هامشا كبيرا من حياتك الفردية تملئه كيفما ارتأيت وكذا عندما تترك لك مساحة لابأس فيها اجتماعيا لتزاول حريتك بكل اريحية بدون ان ترى وجها للدولة ، او اصبعا لها ينغص عليك حياتك او يقلق وجودك ، فانها بعملها هذا ستخلق لك وضعا ومسؤولية جديدة تضاف الى حريتك شئت ذالك ام ابيت وهي : ان انسحاب الدولة من حياتك جزئيا ،ينتج بالضرورة فراغا فكريا وسياسيا وامنيا واقتصاديا وثقافيا واخلاقيا .... وغير ذالك ، فهل انت مستعد كفرد وكمجتمع ان تملئ من فراغ هذا الانسحاب لاذرع الدولة ؟.أم انك لاتستطيع ملئ فراغ هذه الدوائر التي انسحبت من ساحتها الدولة ، لتترك لك فسحة من الحرية تملئها كيفما تشاء ، وحسب قوانين حريتك المنشودة ؟.
بمعنى اخر:نعم الدولة اذا ارادت ان تترك لك ارضا كفرد وكمجتمع تتحرك فيها بحرية بدون اي وجود لشبح الدولة وغولها المقلق لحرية الفرد والجماعة ، فانها تعلم ان هذه المناطق التي ستنسحب منها من حياة الافراد والجماعة لايمكن ان تترك سياسيا او امنيا او اقتصاديا او قانونيا ...، بلا جهة تستطيع اشغال هذه المساحات ، وباعتبار انك انسان ومواطن تريد ان تعيش بحرية عن هيمنة الدولة وسلطتها البغيضة ، فانها ستسألك : هل انت تستطيع كفرد او كجماعة ان تملئوا الفراغ امنيا (مثلا)عندما تفكر الدولة بالانسحاب عن هذه الساحة لتترك لك هامشا من الحرية بحيث ان الفرد سيقوم بواجبه الامني ويبلغ السلطات عن اي خرق قانوني اوامني او اي ظاهرة بامكانهاان تعرّض حياة المواطنين ودمائهم او ممتلكاتهم ، ومن ثم حرياتهم الى الخطر ؟.أم ان الفرد وكذاالجماعة غير مهيئة للقيام بهذه المسؤولية الثقافية والسياسية او الاقتصادية او الامنية داخل دوائر مساحات الحرية التي منحتها الدولة له ولهم ؟.
اذا كان الافراد غير مهيئين لتحمل المسؤولية بكل اصنافها السياسية والامنية والاقتصادية والقانونية فلايمكن لعاقل ان يطلب من الدولة الانسحاب من مسؤولياتها في حماية الامن ، وتطبيق القانون والمحافظة على السلم العام في منطقة الحرية داخل حياة الافراد والجماعةوهكذا الدولة لايمكن لها الانسحاب من ساحة اجتماعية بالامكان اختراقها سياسيا وامنيا واقتصاديا من قبل اعداء المجتمع اوالدولة او اي جهة خارجية او داخلية كانت وعليه ليس من حق لا الفرد، ولا الجماعة ان تشكوا من هيمنة الدولة والتدخل بشؤونها الخاصة والعامة والتضييق على حريات الافراد والوصول الى ممارسة القمع والدكتاتورية السياسية في تنظيم حياة الفرد والجماعةاذا كان الافراد غير مهيئين لهذا العمل والمسؤولية الكبيرة والقيام بها على اتم وجه ،وكل ذالك من منطلق قيام الدولة بمسؤولياتها في الحفاظ على الامن ، وتطبيق القانون وضمان حماية دماء وحياة الفرد والجماعة التي تبدأ من اوسع دائرة لتصل الى غرف نوم الافراد واساليب تفكيرهم وامالي تطلعاتهم داخل ارواحهم وبين جلودهم في هذه الحياة !!.
أما اذا كان العكس هو الموجود ، وانبرى الفرد المطالب بالحرية ، وكذا الجماعة ، التي تحاول ازاحة قبضة الدولة عن حياتها وحريتها ، بالتصدي لملئ الفراغ وشعرت الدولة ان الفرد عندما طالب الدولة بالحرية والانسحاب من دوائر حياته الشخصية ، فانه على ادراك ووعي لمسؤولياته التي ينبغي ان يقوم بهاوانه العين التي ستكون للدولة في مواجهة الاخطار السياسية او الامنية او الاقتصادية ، وانه فاهم ومدرك تماما معنى ان يكون مسؤولا بدلا من الدولة عن امن المجتمع وحياته ودمائه وحريته .... عندذاك ، ستكون الدولة مطمئنة انها عندما تنسحب من حياة افراد مواطنيها الشخصية والاجتماعية ، وتمنحهم فسحة من الساحة الحرّة ، التي يتحركون عليها فانهم سيكونون بمأمن وحصانة اجتماعية وسياسية وامنية واقتصادية من مخاطر الخارج والداخل لاعداء هذا الوطن ،بل وستضطر الدولة عندئذ للانسحاب من حياة الافراد الشخصية والاجتماعية والاشراف عليها مباشرةباعتبار ان الفرد والجماعة قد وصلواالى مرحلة من الرشد العقلي والنضج الفكري والشعور بالمسؤولية يهيئهم جميعا للاستغناء عن الاشراف المباشر للدولة وتدخلها في شؤونهم الشخصية والاجتماعية ؟!.
نعم اذا اردت ان لاتتدخل الدولة بحياتك الخاصة ،لتحسب انفاسك الصاعدة والنازلة منك وأن لايكون فوق رأس كل مواطن مخبرسري يحمل سيفا او سوطا يقرع كل من يحاول التعبير عن رأيه او التفكير بحرية وامان وأن لايكون في كل زقاق كتيبة من العسكر تفتش الخارج والداخل حسب بطاقات الهوية ، واستجواب اين ذاهب وسبب الذهاب ومتى ساعة العودة ؟، .....الخ ، أقول اذا اردت ان تكون حرّا امام سطوة الدولة هذه ، وتحجيم تدخلها في حياتك الفردية والاجتماعية ، فعليك ان تعلم وتدرك من البداية مسؤوليتك في مقابل هذه الحرية وهي :
اولا :مادمت لاترغب ان يكون للدولة تدخل في شؤونك الفردية فعليك ايضا ان توفر حمايتك الفردية بنفسك وتدرك ماهي حقوقك القانونيةوماهي واجباتك الوطنيةكي توفّراجواء التعايش السلمي والقانوني بينك وبين الافراد الاخرين ولاتضطر الدولة والحكومة للتدخل المتكرر واليومي والآني ، في حال اشتعال حرب الاعتداءات الفردية من شخص لاخر داخل المجتمع !!.
ثانيا : اذا احببت ان تشعر بانك حرٌّ وانك متمتع بعدم تدخل الدولة في حياتك الاجتماعية والفكرية ، وقررت الدولة والسلطة داخلها ان تكون تحت امر بنانك وطوع امرك والامتثال لرغبتك في جعلك حرّا فعليك ان تدرك من الجانب الاخر انك بطلبك الانعتاق عن اغلال الدولة اصبحت مسؤولا من الجانب الاخرعن الحفاظ على امنك الاجتماعي من اختراق القانون او العبث بممتلكات الدولة وارواح الناس وامنهم من حولك !!.
اي : انك اذا اخذت حق الحرية من الدولة ، فعليك تحمل مسؤولية الحفاظ على امنك من الارهاب واختراق القانون والاعتداءعلى الاملاك العامة الذي تنازلت الدولة عن مراقبته المباشرة في سبيل ضمان حريتك وعدم تدخلها بشكل سافر بحياتك الاجتماعية، لتصبح عندئذ انت المسؤول امام الدولة وأمام نفسك في حال حصول اي خرق امني ، او قانوني لم تقم بتحمل مسؤولية ابلاغ السلطات الحكومية عنه !!.
صحيح بامكان اي فرد ان يسخط على الدولة واجهزتها المتعددة ويتهمها بالتقصير والعجز اذا كان الانسان الحرُّ قد قام بمسؤوليته وساهم مع الدولة بحفظ الامن وعدم خرق القانون وابلغ اجهزة الدولة الامنية او الاقتصادية بوجود خرق يتحرك داخل المجتمع ، للقانون اوللامن، او للاقتصاد ، ولكن الدولة بعد ذالك لم تقم بواجبها ، وتبادرللتدخل وحفظ الامن والمحافظة على السلم الاجتماعي والقانوني وفي هذه الحالة من حق الفرد يسخط على الدولة ويتهمها بالاهمال ،ويطالب بالاطاحة بالحكومة لعجزهاعن القيام بوظيفة حماية المجتمع وتطبيق القانون اما غير ذالك عندما يكون الفرد غير مسؤولا ولاهو مدركا لمعنى ان يكون حرّا في مقابل الدولةويطالب بالحرية مع ذالك ، فهذه كارثة لها اول وليس لها اخر ، وعلى الدولة ان لاتمنح مثل هذا الفرد او هذه الجماعة ،اي صفة تقدير واحترام لمطالبها العبثية بالحرية ، التي تحاول اخذ حق من الدولة ، والضغط عليها للتنازل عن بعض مهامها السياسية ، او الامنية او الثقافية .... وفي المقابل لايقوم الفرد بتحمل مسؤولية ملئ الفراغ وسد الثغرة في داخل المجتمع !!.
تقريبا الكثير من العراقيين قد مارسوا الحياة الحرّة في الغرب ، وتحت نظم ديمقراطية قانونية اوربية ، ومعظمهم ادرك من خلال الممارسة اليومية ، نمطية حياة الافراد في هذه المجتمعات القانونية ، وكيف ان الافراد والجماعات في هذه المجتمعات عندما ارادت ان تعيش حرّة في كل شئ داخل دولها قامت من الجانب الاخر بمسؤوليات الدولة التي تنازلت عنها الدولة للمجتمع حسب عقد الحرية بينها وبين الافراد، بحيث ان الفرد الاوربي اصبح على قناعة بانه يريد ان يعيش حرّا ، ولكنه ادرك انه سوف لن يكون حرّا بوجود دولة ، تقوم فوق راسه ليل نهاروانه سوف لن يكون حرّا ، من الجانب الاخر ، اذا طالب الدولة بالانسحاب، عن بعض وظائفها في حماية الامن والحفاظ على القانون والسلم العام ... وتنازل هو عن مسؤوليته وضرورة ملئه للفراغ هذا ، فاصبح مقتنعا ان كل مواطن في المجتمع هو شرطيٌ للحفاظ على القانون ، وجنديا للحفاظ على الوطن ، ومخبرا سريّا للحفاظ على الامن ومحاربة الارهاب الذي يريد ان يسفك الدماء ويقتل العباد ويدمر البلاد !!.
وكم هي الامثلة ، التي تؤكد هذا المعنى من التلازم بين (( المسؤولية والحرية )) في مثل هذه المجتمعات صاحبت التجارب الجيدة في الحياة الديمقراطية بحيث ان اي فرد من افراد هذا المجتمعات تحول الى شرطي للمحافظة على القانون ورجل امن للحفاظ على ارواح الناس وصاحب الوعي لنشر ثقافة المسؤولية والحرية داخل المجتمع بحيث ان هذه المجتمعات مع انها مجتمعات فرديه وتصان بها حياة الافراد الشخصية قانونيا الا ان عين الجار على جاره واذن صاحب الدارعلى شارعه وحس صاحب الشارع على الامن في زقاقه او مدينته لرصد اي حالة خرق للقانون او مساس باملاك المال العام ، او اعتداء على الامن ، والارواح في هذه الحياة ، ليبادر كل الافراد باخطار السلطة والدولة لتقوم بوظيفتها على الفور وتحمي المجتمع وتوفر له الامن واستمرار الحرية !!.
وبهذا اصبحت هذه المجتمعات الغربية مجتمعات حرّة من جهة ومحصنة ذاتيا ،وغير قابلة للاختراق ارهابيا الا في بعض الاحيان ، الذي يكون فيها التخطيط الارهابي محكما ، مع بقاء الدولة على مسافة بعيدة جدا من حياة الافراد وحرياتهم الشخصية ، الا وقت الضرورة وطلب المجتمع لنجدتها !!.
واليوم على العراقيين في عراقهم ، مع جميع وسائل اعلامهم ، المرئية والمقروءة والمسموعة ،ان توصل رسالة الى هذا الانسان ، الذي يريد ان يكون حرّا في هذه الحياة ، إن عليه ان يدرك معادلة : ان من يريد ان يكون حرّا ومتمتعا بحريته وكرامته لابد ان يكون مسؤولا عن حماية هذه الحرية ،ومالئا للفراغ الذي فسحته الدولة له ليكون حرّا من هيمنتها من جهةويكون قائما بوظيفتها من جانب اخر في حماية الامن والاقتصاد والقانون ودماء المجتمع وحريته ، وبغير ذالك فلاطريق للامن والتقدم وحماية الدماء غير عودة دكتاتورية الدولة ، وهيمنتها المطلقة على ادارة الشأن العام لحياة الافراد والجماعة ،وعندئذ ليس من حق اي فرد ان يطالب بالحرية وهو ليس جديرا بتحمل مسؤولية ان يكون هو الدولة في كل مكان !!.
إن كل الدماء العراقية ، التي تسيل بقنابل الارهاب والبعثية في العراق اليوم، هي منتج طبيعي لمنح الدولة للحرية مساحات واسعة ، خلقت فراغا امنيا وسياسيا ،كان من المفروض على الفرد العراقي القيام بملئه وتحمل مسؤولية عدم فراغه وتركه للارهاب يعبث به كيفما شاء لكن مع الاسف لم يزل الفرد العراقي غير مدرك لمسؤولية الحرية وانه هو صاحب صناعة الامن ومناهضة الفساد ، والمحافظة على القانون وليس الدولة التي ثار من اجل انحسار سلطتها عن كاهله وتمتعه بالحرية التي يتنفسها اليوم !!.
بالقطع اذا لم ينتبه العراقيون لمسؤولياتهم تجاه امنهم ، فسيخسرون كل شئ بدءا بحريتهم اولا عندما تعود الدولة لتفرض الامن بالقوة والدكتاتورية، وفرصتهم ثانيا بان يثبتوا للدولة الغول انهم اناس جديرون بان تحترمهم الدولة وتلقي من مسؤولياتها الشئ القليل على كاهل الافراد والمجتمع ليصبحوا هم الدولة وليس غيرهم !.
https://telegram.me/buratha