محمود الربيعي
مخاطر الغيبة في السياسة والإجتماع
تعليق على خطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها السيد أحمد الصافي حفظه الله
توطئةفي الخطبة الأخيرة لصلاة الجمعة العبادية ألقى خطيب الجمعة في كربلاء المقدسة ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد أحمد الصافي يوم 2 من نيسان ( ابريل) عام 1431 هجرية تحدث فيها عن مخاطر الغيبة وعملية الإسقاط والتشهير وفق منطق قرآني عميق تعرض فيه بصورة مفصلة الى شرح الآيات الكريمة التي تنهى عنها وأشار بصورة خاصة الى الآية الكريمة من سورة 41 فصلت الايات (19 - 22 ) " وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ ". وفي ذلك نصيحة عامة مهمة للجميع سواء كان في السلطة أو خارجها.ونتمنى الرجوع الى تفسير الميزان أو بقية التفاسير كمجمع البيان للطبرسي أوالأمثل في تفسير القرآن المنزل لسماحة الشيخ ناصر مكارم الشيرازي أدام الله ظله الشريف وغيرها من التفاسير للإطلاع على بقية المعلومات التي تتعلق بالتفسير فإن في ذلك فائدة عظيمة.
المقدمة الموضوعيةوللحديث عن الخوف من الله ودوره في الردع عن المعاصي والكبائر، لابد لنا من أن نستذكر القول المشهور " رأس الحكمة مخافة الله " وهو تأكيد على أن قمة الحكمة التي يحتاجها الانسان ليتقي بها غضب الله وعقابه هي الخوف من الله عز وجل، وإن من السفه أن يستهين الإنسان بذلك الخوف، وإن من الواجب أن يستحضره الإنسان دائما ولاينساه، فالخوف من الله عز وجل له دوره في صيانة المجتمع المسلم من الانحرافات، ومن تلك الانحرافات ممارسة الغيبة والنميمة والبهتان وهو مانطلق عليه بالذنوب غير المادية كما سيأتي ذكرها فيما بعد.
دوافع الغيبة والنميمة والبهتان
وسوف نأتي على بيان كل منها بشكل موجز فالغيبة هي أن تذكر أخاك المؤمن بما يسوءه وإن كان ذلك فيه، فالله سبحانه وتعالى يطلب منك الستر على عيوب الآخرين، بأعتبار أن جميع الناس لهم أخطائهم، وأما النميمة فهي أن ينقل النمّام الأخبار بين أخوين للايقاع فيما بينهما لغرض عدائي ولاجل الانتقام من أحد الطرفين أو كلاهما، ويلجأ النمّام في هذه الاحوال الى إختلاق الكذب، وتشويه الحقائق، وبالنسبة للبهتان فهو أن تذكر أخاك المؤمن بما ليس فيه، وهو أعظم من الغيبة، وتأتي هذه الأمور لأسباب منها:أولاً: الشعور بالدناءة والنقص... ثانياً: الحسد والبغض والكراهية والحقد ... ثالثاً: عدم الإستقامة في الحياة والسلوك... رابعاً: عدم معرفة التشريع والتعرف على حرام الله وحرامه.
كيفية تحصيل الخوف من الله سبحانه وتعالى
وللتخلص من مظاهر هذه الذنوب ينبغي:أولاً: إتمام البناء العقائدي: ويتم ذلك بمعرفة أصول الدين وهي التوحيد والعدل والنبوة والامامة والمعاد بحسب مدرسة أهل البيت، ويعتمد هذا البناء عند المسلم على:أ - قراءة القرآن الكريم والتدبر بآياته خصوصاً فيما يتعلق بالجنة والنار وأهوال يوم القيامة وعذاب الله سبحانه وتعالى.ب - قراءة الحديث النبوي الشريف وأقوال أئمة أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام في مواضيع الأخلاق والحلال والحرام والإطلاع على طبيعة ومناهج هذه المدرسة الجامعة، ويجد الإنسان هذه التوصيات في كتب الاخلاق ككتاب جامع السعادات لللشيخ الجليل محمد مهدي النراقي من ثلاثة أجزاء، أوكتاب الأخلاق للسيد عبد الله شبر رضوان الله تعالى عليه، وكتاب الأربعون حديثاً للسيد روح الله الموسوي الخميني قدس سره، وكتاب تكملة مباني المنهاج للسيد أبو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره، وقراءة أدعية الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، خصوصا فيما يتعلق بالسلوك والأخلاق، ومايتعلق بالتقصير في حق العباد ومايسلتزمه من التبعات.
ثانياً: معرفة فروع العقيدة: وهي العبادات والمعاملات ومعرفة الحلال والحرام.
ثالثاً: معرفة الحدود الشرعية : بالتعرف على أنواع العقوبات أزاء الجرائم التي يرتكبها العاصي كالقتل والزنا والسرقة وغيرها.
رابعاً: الجرائم الخفية: وهناك ذنوب لاتظهر بالشكل المادي الملحوظ وهي خفية لاتأتي أو تنتج عن إتصال مادي، كالغيبة والبهتان والنميمة، وهي كبائر أيضاً، لايهتم لها الإنسان بأعتبارها غير ملحوظة، ولكنها في الحقيقة تسجل في سجل أعمال الإنسان وتلزم العقوبة غير الآنية، ولكن إذا ثبت الدليل فيمكن أن تكون العقوبة ملزمة كرمي المحصن والمحصنة والخوض في أعراض الناس وسلوكهم وكل مايؤدي الى مفسدة ومضرة بالأفراد والمجتمع.
خاتمةوفي الختام إن مسؤولية وزارة التربية في المدارس ووزارة التعليم العالي وفي الجامعات تعتبر مهمة جداً وعلى عاتقها تربية جيل يفهم الحلال والحرام، والمعروف والمنكر من خلال الدروس التربوية الدينية والوطنية لتضع الطالب أمام مسؤولياته الإجتماعية تجاه الاخرين للحفاظ على هيكل المجتمع ويعمل على حفظ توازنه الأخلاقي في سبيل حياة آمنة نزيهة بعيداً عن العدوان على حقوق الاخرين، وأن تعمل الجهات المسؤولة على حماية الحقوق الشخصية للمواطنين.
كما ينبغي أن نشير الى أهمية دور الوعظ والإرشاد في المساجد والجوامع فهي منبر حر يعمل على دعم المجتمع ويصونه من المنزلقات والهدم، ويساهم في توجيه الافراد للمشاركة في حفظ القانون والنظام، كما يصون المجتمع والأفراد من مهاوي الرذيلة وأرتكاب المخالفات المخلة بالحقوق الشخصية والفردية للانسان والناس.
https://telegram.me/buratha