عماد علي
باتت الساحة السايسية العراقية اعقد و اسخن مكان في العالم منذ حوالي عقدين، المشاكل و الصراعات و القضايا التاريخية المستعصية طفحت الى السطح والتي كانت ناجمة اصلا من خلط الحركات السياسية القومية و الدينية و المذهبية مع بعضها لمدة طويلة و تركت اثارها الواضحة على كافة المجالات التي تخص حياة الشعب العراقي . لو نبشنا في ما موجود من المزايا و الايجابيات و السلبيات لهذه الحركات السياسية المتنوعة التي مرت بالعراق، سنعثر على ما كان منهم الدافع و العامل الهام لتقدم هذا البلد في مراحله المختلفة ، و اخرى سببت الكوارث و اعادت البلاد عقودا الى الوراء سوى من وصل الى السلطة منهم ام لا، و اليوم لم نلمس ما انتجته تلك الحركات على ارض الواقع نتيجة تراكم غبار التعقيدات و العواصف و المضايقات التي تعرٌض لها هذا الشعب ، و اغرق الثمار الناضجة التي حصل عليها من مكتسبات و نتاج عمل تلك الحركات التاريخية التي سبقت هذه الانتكاسات.نشوء الدولة العراقية بذاتها، يتحمل الكثير من الكلام و التقييم سوى من حيث الظروف العامة لهذه المنطقة في تلك الاحيان او اهداف الدول المستعمرة في تفاصيل انبثاق هذه الدولة و غيرها بعد الاحتلال و الانتداب الذي دام كثيرا، و الحصيلة النهائية ثبتت و نتجت منها الدول الهشة غير القوية في القاعدة و الاسس و الركائز، غير ملتحمة او متحدة الشعوب، و كثيرة التناقضات في البنية و التركيب، هذا ما يجبر المتتبع على ان يعتقد بان بناء هذه البلدان و خاصة العراق بهذا الشكل و فيه من المشاكل منذ تاسيسه و ما نتج عنها القضايا الشائكة العدية، لو حاول احد من حلها ربما سيؤدي الى هدم التركيب و حدوث الانفكاك ، او تحدث تلك العملية من جراء نفسها بحادث عابر معين في مسار الدولة.اذن التركيب معلوم و البنية هشة و المجتمع متنوع و فيه ما يدفع الى الابتعاد عن البعض لاسباب مرافقة له منذ انبثاق هذا البلد ، و هو لم يكن موحدا عن استرضاء الذات او جميع ما يحتويه و لم تدم الوحدة الا بقوة النار و الحديد كما هو حال العديد من الدول في المنطقة و ليس العراق لوحده فقط في هذا المشوار، و في اية لحظة سانحة ستتجه تلك الدول الى ما سار عليه العراق منذ تحريره.فلنا ان نسال ، ما الحل اذن، العراق الى اين، بعد المستجدات و الظروف و الاوضاع الجديدة و ما نتلمسه من النظام العالمي الجديد و تاثيراته على كافة بقاع العالم. لكي نكون حياديين في تحليلنا و اجاباتنا و نتعرى من الافكار و الاعتقادات و الانتماءات الذاتية لابد ان نشير الى كافة الاحتمالات و ما نعتقدها ان نتجه و ما نحصل عليها من النتائج و ما الملائم و الاصح كي نختار الحل المثالي الاوفر حظا للتطبيق و النجاح على ارض الواقع دون ان نعتمد على شعارات خيالية و افكار مثالية بعيدة عن الواقع الذي نعيشه الان.بقاء العراق وحدة واحدة متماسكة قوية موحدة و موصدة الابواب له كيانه و ثقله و تاثيراته و مواقفه فيما يجري في المنطقة و العالم ، ربما يكون رغبة او من التمنيات التي تدخل في خانة الخيال لحد كبير و لابعد الحدود ، و على الاقل لهذه الفترة و المستقبل القريب. ان كنا نريد حرية الشعب في ممارسة حياته بعيدا عن الضغط و القهر و الكبت و السيطرة عليه و حكمه بالقوة، و ان كان هدفنا تركه و حريته في الالتزام بانتمائاته و ما يعتقده من مصلحته و يهدف اليه و هذا بعيد الان لاسباب ذاتية ،و ما مرً به الشعب العراقي و كيف انبثق البلد و ما موجود فيه الشعب من المكونات و الثقافات العامة و العادات و التقاليد والوعي العام، و هم الاسس الهامة التي يقاس عليها موضع و موقع اي بلد و ما نسبة تماسكه و مستقبله بعد ضمان امنه القومي، نتوصل الى نتيجة علمية قريبة من الحلول المرادة.اما الانقسام و الانفكاك الى الاجزاء العديدة، فهذا بعيد المنال في القريب المنظورايضا لاسباب موضوعية مانعة لمثل هذا الاحتمال مهما كانت الدوافع و مهما عاصت المشاكل او طالت و بقت دون حل و لأية مدة كانت، و هذا الموقف نابع من ما تهتم به دول المنطقة وما تقدم عليه عند حصول مثل هذا التوجه او في حال الاقتراب منه، و التاريخ يدلنا على ما اقدمت عليه دول المنطقة عندما احست او فبركت مثل هذا التوجه ، و كيف اصرت على بقاء توازن القوى المتعددة من حيث السياسة او الدين او المذهب او القومية في هذه المنطقة، و كم صرفوا من جهود و اموال في سبيل نجاح مخططاتهم ، و الحرب التي اندلعت في المنطقة دليل على ما نقول و الموالين للدكتاتور العراقي اثناء الحرب لم يكن من اجل سواد عيونه كما نعلم جميعا.اما تثبيت النظام العراقي بعد المتغيرات علىاقره الدستور وهو النظام الفدرالي الحقيقي لضمان التعايش السلمي و قناعة المكونات ربما يمكن ان يوصلنا الى شاطيء الامان في المدى البعيد، و لكن قبل الترسيخ و التجسيد لهذا النظام يجب ازالة العوائق الطبيعية امامه و دراسة الاحتمالات و ما هو الكفيل لمنع حدوث خروقات و استرضاء جميع المكونات دون استثناء و تامين حقوقهم، و من ثم تثبيت مفهوم المواطنة و المساواة و الاقتراب من العدالة الاجتماعية نسبيا كي تتمسك كافة الجهات بما نتوصل اليه و يدافع عنه بعفوية دون ضغط يذكر.ان تكلمنا بصراحة عالية بعيدا عن الدبلوماسية و السياسة و المزايدات و الاقوال المثالية و الاعلامية، نقول ان المكونات الثلاث الرئيسية في العراق و مواقع معيشتهم و المحافظات التي تضمهم تختلف عن بعضها البعض من كافة الجوانب و هذا ملموس لدى الجميع وليس لدى الباحثين فقط، و نتائج الانتخابات الاخيرة و ما حصل عليه كل طرف في كل محافظة يؤكد كلامنا، و يدل ذلك كما كانت سابقاتها مدى الفوارق بين هذه المكونات ، بحيث لم نجد قائمة ما و حصلت على كراسي متقاربة من بعضها في العدد و متوزعة على كافة المحافظات، لا بل نجد من حصل على ست و عشرين كرسيا في محافظة و لم يحصل حتى على مقعد واحد في اربع رئيسية اخرى عدا اقليم كوردستان و خصوصياته، و في المقابل نجد قائمة اخرى حصل على اربع و عشرين مقعدا في محافظة و لم يحصل حتى على مقعد واحد مما حصل عليه منافسه في الاخرى، هذه المؤشرات تدل على ما يفكر به الشعب العراقي و مدى اختلافاته و نظرته و ما يؤمن، و عمق فوارقه مع الاخر. كي نكون دقيقين و اكثر علمية في توجهاتنا يجب ان نحسب الحسابات بناءا على ما موجود على الارض و كما سبق وضحنا ذلك.اذن الفدرالية و الاقاليم المتعددة تبني الارضية الملائمة لترسيخ النظام و تقوي من التماسك بين المكونات، و تفيد كل اقليم بما يهتم به و في ظل اسس تمنع التفكك و تزيد من فرصة توفير الخدمات الضرورية للمواطن و البدء بخطوة التنمية و التطور الضرورتين دون غدر او تجاوزلحقوق الاخر، لكي لا نمرر الوقت و نبقى على حالنا كما هو منذ سبع سنوات لا بل لعقود مضى، لابد ان نقرر و بجراة ما هو الضروري الملائم و البداية الصحيحة، المهم هو التفاوض و النقاش الصريح لجميع القوى حول عدد الاقاليم و العلاقات و الروابط بينها و توزيع السلطات و ضمان مصالح الجميع ، و ليس الانعكاف على من يكون الرئيس الوزراء او الموقع السيادي هذا او ذاك ، و بوجود صلاحيات متساوية متفقة عليها بين الاقاليم . عندئذ يمكن ان نتكلم عن مواضيع اخرى و ما الذي يجعل لنا ثقلا معتبرا لهده الاقاليم التي تكوٌن دولة العراق و المتصلة مع بعضها، في المنطقة باسرها، و تكون لكل اقليم سلطاتها الواضحة وفق الدستور سوى كانت التشريعية او التنفيذية ، و من المحتمل ان تتحد مع البعض في المستقبل المنظور عند انتفاء الحاجة اليها، و في ظل توفير العلاقات الانسانية بعيدا عن الافكار و الايديولوجيات و العقائد المتشددة المفرقة للبعض، و نضمن الراحة و الرفاه و السعادة للشعب العراقي الذي عانى لعقود من فعلة المحتلين الداخليين و الخارجيين منذ انبثاق هذه الدولة ، و لو نستفد من الثروات و الخيرات التي يملكها بلدنا و تذهب سدى في كل المراحل التي مرينا بها، و يمكن ان نستغلها في بناء حياة حرة كريمة و نضمن السعادة لشعبنا، و لم تذهب هذه الثروات سدى الا نتيجة تعجرف و مغامرات القادة السابقين و منهم الدكتاتورية البغيضة .
https://telegram.me/buratha